الأقباط متحدون | دفاعًا عن المبادئ أكثر مما هو دفاع عن أشخاص
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ٠١:٤٣ | الجمعة ١ يوليو ٢٠١١ | ٢٤ بؤونة ١٧٢٧ ش | العدد ٢٤٤١ السنة السادسة
الأرشيف
شريط الأخبار

دفاعًا عن المبادئ أكثر مما هو دفاع عن أشخاص

الجمعة ١ يوليو ٢٠١١ - ٠٣: ٠٢ م +03:00 EEST
حجم الخط : - +
 

بقلم: حنا حنا المحامي

مهنة المحاماة من أنبل وأشرف المهن التي عرفها الإنسان. فالمحامون يلقبوا بالقضاء الواقف بالتقابل مع القضاة وهم القضاء الجالس. أي أن كلا من المحامي والقاضي يسعى إلى تطبيق العدالة وتحقيقها. وغني عن البيان أن العدالة هي من أسماء الله الحسنى لأن الله عادل. إذن العداله تستمد من الذات الإلهية مباشرة.

من هنا يقع على المحامي مسئولية على جانب كبير من الخطورة، وهي عدم إساءة استعمال حق التقاضي. بل يتعين أن تكون الإجراءات التي يقوم بها لا تهدف إلا إلى تطبيق العدالة وإحقاق الحق، وليس إلى التشفي والانتقام، وهذا لن يتأتى إلا بصفاء الفكر والضمير.

والمحامي الذي يسعى إلى الشهرة على حساب القيم والعدالة، لا يجوز قانونًا أن يطلق عليه هذه الصفة النبيلة. ذلك أن المحامي في حقيقة الأمر لا يشتهر إلا بتطبيق القواعد القانونية السليمة والتي يطبقها عن علم وعن قانون. أما الشهرة على حساب العدالة فهي شهرة زائفة وقتية.

من هنا علينا أن نحلل البلاغ المقدم من الزميل المحامي ضد المهندس "نجيب ساويرس".

لقد نشر المهندس نجيب صورة "ميكي ماوس وميني ماوس" محجبان أو منقبان. لا شك أنها نكتة لا أكثر. ونكتة حديثة. إننا لم نشهد هذه الشخصية الفكاهية إطلاقًا من قبل. وما هي المشكلة؟ صورتان لمحجبتين أو منقبتين. ما هي المشكله؟ نكتة لطيفة ومداعبة ألطف. لا يوجد حولها أي نوع من التهكم أو السخرية. هناك محجبات ومنقبات وبالمرة هناك ميكي ماوس وميني ماوس محجبة ومنقبة؟ هذا لا يعبر إلا عن روح للدعابة والمرح لا أكثر.

تلقف الزميل المحامي هذا الكلام وهذه المداعبة، وأخدها مأخذًا يقيم به الدنيا ولا يقعدها، واعتبر أن هذه الصورة ليست إلا للسخرية والتهكم على الدين الإسلامي والازدراء به، وتحقير للرموز الدينية، وهي أمور يعاقب عليها القانون بتهمة ازداء الأديان، وقد كان الزميل المحامي مترفقًا ولم يصف الحالة بأنها قتل مع سبق الإصرار والترصد المعاقب عليه بالإعدام.

وإنني إذ أقول ذلك لا أبغي التهكم أو السخرية أو حتى المبالغة. ذلك أن الأمر يستوي لدى المبلغ إذ أنه يعبر عما يضطرم في نفسه من اضطراب يجيش بكل صور السخط الذي لا حد له. فهو يتمنى أن يصل بلاغه إلى أبعد ما يعبر به عن نفسه وليس عن الواقع والحقيقة.

إن المبلغ يتساءل عما إذا كان المهندس "ساويرس" يقبل أي تهكم على رجال الدين المسيحي، لأنهم يرتدون الزي الأسود الفضفاض والعمة السوداء. وذهب المبلغ إلى أبعد من هذا فهو يتساءل إذا كان المهندس ساويرس يقبل التهكم على الرموز الدينية المسيحية. هذا التشبيه في حد ذاته يبين أن المبلغ لم يقدم البلاغ من دافع تطبيق القانون بل من دافع الكراهية.

أولًا الرموز الدينية لا تكمن في أي ملبس يلبسه أي علماني فالرموز الدينية هم أشخاص يتقلدون منصبًا في جهة دينية سواء كانت مسيحية أو إسلامية. كشيخ الازهر والبطريرك والاسقف وواعظ الجامع والمفتي والكاهن.... إلى أخر هذه المراكز والوظائف الدينية سواء في الدين المسيحي أو الاسلامي.

إما إذا قام شخص عادي علماني وأطلق لحيته فهو لا يكون من الرموز الدينية بل يكون متشبها بهم. وبالمثل إذا قامت المرأة المسيحية ووضعت على رأسها رداء شبيها برداء الراهبات فإن هذا التشبه لا يضفي عليها صفة الرمز الديني. وبالمثل فإن التشبه في المسلمين بالشيوخ لا يضفي عليهم صفة الرموز الدينية.

فإذا تشبه رجل مسلم بشيخ وأطلق لحيته وارتدى سروالا أبيض لا هو بنطلون ولا هو شورت فهذه حريته ولكن لا تضفي عليه صفة الرموز الدينية بل هو نوع من التشبه بالرموز الدينية. ومثل هذا الرداء علينا أن نصفه بشجاعة وصراحة. هو ليس إلا تشبها بما كان يرتديه الاسلاف في القرن السادس والسابع. وإذا أصر أي شخص أن يرتدي مثل هذا الرداء في القرن الواحد والعشرين فالامر لن يخرج عن اعتبارين: الاول أنه يمارس حريته الشخصية في أن يرتدي ما يشاء, والثاني أنه يصر على أن يتشبه بأشخاص كانوا يرتدون هذا الرداء في القرن السابع أي أربعة عشر قرنا خلت. مثل هذا الشخص يعتقد أنه بهذا الرداء أصبح من زمرة المقربين إلى الرسول وأن هذا الرداء هو الذي سيقودهم إلى الجنة وليست الاعمال والاقوال والسرائر هي التي تقود ألى الجنة. مع ذلك فهي أيضا حريته. ولكن ليس معنى ممارسة الحرية الحجر على حرية الغير في الفهم أو التعليق خاصة إذا كان التصرف محل التعليق شاذا. ولا شك أن الشذوذ يتمثل فى تقليد رداء مضى عليه أربعة عشر قرنا. فالحرية لا تنفي غرابة التصرف وكونه غير عادي. وإذا علق أي شخص على هذا التصرف الذي يتمثل في الرداء لا يعني إطلاقا أنه يعلق على الدين أو الرموز الدينية. ونفس المثال ينطبق على الحجاب والنقاب.

الامر إذن لا يخلو من مداعبة.لا تتصل من بعيد أو قريب بالرموز الدينية. فالرداء لا يضفي على الشخص التدين أو المركز الديني بل إن الرداء يضفي عليه التشبه ليس إلا. إذن إذا قام الزميل بتقديم بلاغه إلى النيابة علي أساس السخرية والتهكم بالرموز الدينية نكون أمام بلاغ لا يتصل من بعيد أو قريب بمضمون البلاغ أو تأسيسه.

حقيقة أن روح المداعبة والمرح المعروف عنه المصريون قد تلاشت أو كادت, ولكن ليس معنى ذلك أن نؤول الامور إلى أبعد مما تحتمل ونصف الدعابة على أنها سخرية واستهزاء وأيضا بالرموز الدينية بل بالدين نفسه.

ولكن ما الذي دعا الزميل إلى هذا الفهم الغير واقعي أو منطقي؟ في بساطة مطلقة إنها روح التعصب التي تفشت في مصر الغالية المحروسة. إن كل شئ أصبح يؤول تأويلًا يخلو من الحقيقة أو الدعابة أو المرح. للأسف الشديد مصر أصبحت فريقين يتناطحان ويتصارعان وكل فريق لا يريد أن يجهز على الآخر فحسب بل يريد أن يقضي عليه قضاء مبرما وعلى حد التعبير القانوني "إن لم يكن رضاء فيكون قضاء". ورغم أننا تخلصنا من النظام الذي نشر هذه الروح إلا أننا لا نزال نتمسك بها للاسف الشديد.

مما يؤكد ذلك أن الزميل المحامي يصادر على المطلوب ويؤكد أن هذا البلاغ يصعب أن يوجد له دفاع. ومن الغريب أن بعض أعضاء الحزب استقالوا لان المهندس ساويرس "يتهكم على الرموز الدينية". هكذا وصلت عقليتنا حتى بين المثقفين. وذلك فضلًا على التعليقات التي كلها لوم وعتاب. شئ مدهش وغريب.

إن ما قام به المهندس ساويرس لا يخرج عن حرية التعبير. وهذه الحرية إن كنتم تفهمونها مكفوله بالقانون. وهي تختلف عن التهكم كما سبق القول.

ومما يؤكد روح التعصب والكراهية التي انتشرت واستشرت الأمر الذي أثر تأثيرًا سلبيًا على فكرنا وتفكيرنا وعقولنا أن المهندس ساويرس قام بسحب الصور فورًا، عندما أحس أن إخوانه في الوطن قد استاءوا من تلك الصور، ولكن روح التشفي والانتقام والكراهية كان عليها أن تسود وتستمر. إنها فرصة لا يجب أن تترك فهي قد لا تعوض. ولم يدرك هؤلاء السادة أنهم يحفرون في الماء ويبنون آمالًا على الرمال. وللأسف الشديد إنها أمال الحقد والكراهية.

مما يؤكد هذا النظر أن الكاريكاتير محل الجريمة المزعومة منقول من السعودية نبع التعصب، ولكن هذه الصور لم تثر أي نقد أو تهجم أو عقاب أو حتى عتاب في السعودية.

أيها الزملاء المحامون؛ إنكم في هذه المرحلة الخطيرة من تاريخ مصر عليكم رسالة خطيرة يجب أن تقوموا بها، وهي نشر روح الالفة والمحبة بين المجتمع بكافة أطيافه وأصنافه ومعتقداته.

إن الزميل المحامي محصن بسبب اللقب الذي يحمله، وليس معنى هذا أن يستغل هذه الحصانة بأن يلقي الأمور على عواهنها، بل على العكس يتعين أن يكون على جانب كبير من الدقة وحسن النية وعلى مستوى المسئولية.

حوى البلاغ رقمًا خياليًا يفوق الخمسة آلاف. معنى ذلك أن النائب العام ومساعدوه لن يجدوا وقتًا للتفرغ إلى الشكاوى الجدية والجرائم الحقيقية التي ارتكبها النظام السابق، والتي ترتكب حاليًا بواسطة أعوانه أو مؤيديه، بالإضافة إلى الجرائم التي ترتكب في أي مجتمع.

أيها الزميل المحامي يا من قدمت البلاغ؛ أرجو خالصًا أن تحترم مهنتك ولا تتعرض إلا للجرائم الحقيقية، حتى تكون جديرًا بالشهرة والنجاح ولا تنسى أنك القضاء الواقف..

يا سادة كفاكم إساءة إلى الاسلام، فالإسلام عقيدة وليس رداء.




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
تقييم الموضوع :