الأقباط متحدون - فى مثل هذا اليوم.. مقتل الملك فيصل الثانى ملك العراق
  • ١١:٣٧
  • السبت , ١٤ يوليو ٢٠١٨
English version

فى مثل هذا اليوم.. مقتل الملك فيصل الثانى ملك العراق

سامح جميل

في مثل هذا اليوم

١١: ٠٩ ص +02:00 EET

السبت ١٤ يوليو ٢٠١٨

الملك فيصل الثانى
الملك فيصل الثانى

فى مثل هذا اليوم 14يوليو تموز 1958م..
الملك فيصل الثاني بن غازي بن فيصل بن حسين بن علي الهاشمي (2 مايو 1935 - 14 يوليو 1958)، ثالث وآخر ملوك العراق من الأسرة الهاشمية. الابن الوحيد للملك غازي، آل العرش اليه عام 1939 عقب مقتل والده الملك غازي ، وأصبح ملكا تحت وصاية خاله الأمير الأمير عبد الإله ، حتى بلغ السن القانونية للحكم وتوج ملكا في 2 مايو 1953 واستمر في الحكم حتى مقتله في 14 تموز 1958 بقصر الرحاب الملكي بالعاصمة بغداد مع عدد من افراد العائلة المالكة. بوفاته انتهت سبعة وثلاثين عاما من الحكم الملكي الهاشمي بالعراق، ليبدأ بعدها العهد الجمهوري. لكن بقي الفرع الأردني من العائلة الهاشمية التي يرتبط بصلة القرابة بها فهو إبن إبن عم الملك حسين بن طلال ملك الأردن.

جده هو فيصل الأول والذي كان ملكا على سوريا ثم أصبح أول ملك على العراق، وفيصل الأول هو ابن الشريف حسين بن علي الهاشمي شريف مكة ومفجر الثورة العربية الكبرى ضد العثمانيين، وفيصل الأول هو شقيق الملك عبد الله الأول ملك المملكة الأردنية الهاشمية. أما الملك طلال والد الملك الحسين بن طلال فهو ابن عم الملك غازي والد الملك فيصل الثاني، وقد روى الملك الحسين بن طلال في كتابه "مهنتي كملك " قصص زياراته للملك فيصل الثاني في العراق وكان يدعوه بإبن عمي.

ولد في بغداد في 2 مايو 1935، ونشأ فيها ودرس العلوم ومبادئ اللغة العربية والأدب العربي على يد أساتذة خصوصيين أشرف عليهم العلامة مصطفى جواد، وهو الابن الوحيد لوالده الملك غازي، وأشرفت على تربيته والدته الملكة عالية بنت الملك علي بن حسين وعاونتها في ذلك المربية الإنكليزية مس ريموس اذ انه فقد منذ طفولته المبكرة والده الملك غازي في حادث السيارة المعروف. ذكرت الاميرة بديعة (في مذكرات وريثة العروش) أن الملكة عالية توفيت في أواخر عام 1950 م لتصبح الأميرة عابديّة اخت الملكة عالية بمثابة الأم للملك فيصل الثاني . قالت بديعة : ـ بعد أن كان يسكن قصر الزهور مع أمه نقلناه بعد وفاتها ليسكن معنا في قصر الرحاب ... وفي قصر الرحاب، نقلت أختي الأميرة عابدية فراشها من غرفتها القديمة لتضعه في غرفة مجاورة لغرفة الملك، لكي تسهر على راحته وتربيته، وتهبُّ لنجدته حينما تداهمه نوبات الربو المرض الذي اصيب به منذ الصغر .

وتضيف بديعة الى حديثها : من المؤكد لديَّ بأن الملك فيصل الثاني كان بسبب احترامه لخالته الاميرة عابدية يستشيرها في بعض المسائل والموضوعات حين يكونان وحدهما، وفي المقابل كانت هي تشير عليه وتنصحه كأن يفعل أمراً ما او يتركه، الا ان شيئا من هذا القبيل لم يحصل امامنا وفي حضورنا .
درس المرحلة الابتدائية في مدرسة المأمونية التي كانت واقعة في منطقة الميدان عند منطقة باب المعظم كما درس فيما بعد في كلية فيكتوريا البريطانية في مدينة الإسكندرية في مصر مع قريبه الحسين بن طلال ملك الأردن السابق. أنهى دراسته الابتدائية في سنة 1947.

سافر إلى لندن للدراسة حيث التحق بمدرسة "ساندويس" ثم التحق بكلية "هارو" في 7 مايو 1949، وعاد منها إلى بغداد في 30 مارس 1950، عاد بعدها إلى لندن لإكمال دراسته أيضاً، لكنه هذه المرة لم يكن وحده بل رافقته أمه الملكة عالية ، وكانت أمه إثناء مرافقتها له تستكمل علاجها هناك لأنها كانت مريضة وتزامنت دراسته هذه المرة مع ابن عمه الملك حسين بن طلال الذي كان مقارِبا لعمره وصديقاً حميماً له وكانت تربطهما علاقات متينة إلى أن تخرج فيها بتاريخ 23 أكتوبر1952. وعاد إلى بغداد في 30 نوفمبر1952.

تميزت شخصيته بالأدب والاحترام لمن هو أكبر منه سنا ولاسيما أبناء عائلته الهاشمية، اضافه إلى صمته وهدوئه، كما وُصف بالصراحة والوضوح أثناء المناقشة أو الجدال.

كان ومنذ صغره يحب ركوب الخيل ولا سيما تلك الخيول التي تستعمل في السباق وتسمى خيول (السيسي) وقد منع من ركوبها لاحقا نتيجة إصابته بالربو منذ طفولته. وكان شديد التعلق بأمه الملكة عالية بسبب يُتمه المبكر وكونه الوحيد لأبويه.

كان مخطوباً للأميرة فاضلة بنت الأمير محمد علي بن محمد بن وحيد الدين بن إبراهيم بن أحمد بن رفعت بن إبراهيم بن محمد علي الكبير ووالدتها هي : الاميره خان زاده بنت الأمير عمر فاروق ابن الخليفة العثماني عبد المجيد الثاني ،ولم يتزوجها بسبب مقتله في 14 يوليو 1958.

بعد وفاة الملك غازي في 4 أبريل 1939 بحادث سيارة، آل العرش إلى ولده الوحيد الملك فيصل، من زوجته الملكة عالية والذي كان آنذاك في الرابعة من عمره، ولهذا تم تعيين خاله الأمير عبد الإله وصيا على العرش فيما كان نوري السعيد هو الذي يدير الدولة العراقية كرئيس لمجلس الوزراء.

و قد كان خاله الوصي على العرش الأمير عبدالاله من أكثر المقربين للملك فيصل الثاني لاسيما بعد وفاة والدته الملكة عالية سنة 1950 حيث بقي وحيدا بلا أم بلا أب ولا أخوه ولا أخوات، كل ذلك جعل الملك فيصل الثاني لا يستغني عن مرافقة خاله الأمير عبد الإله في جولاته خارج العراق فرافقه في زيارته إلى إيران بدعوة من الشاه محمد رضا بهلوي في 18 أكتوبر 1957 وكذلك إلى السعودية في 24 ديسمبر 1957 م والأردن.

بعد فشل حركة رشيد عالي الكيلاني في 1941 عاد الوصي عبد الاله إلى العراق بمساعدة الإنجليز وقد تغيرت نظرة الشعب العراقي تجاه العرش بشخص الأمير عبد الاله، ومع هذا ظل العراقيون ينظرون إلى الملك فيصل باعتباره نجل ملكهم المحبوب غازي الأول وكانوا يأملون منه كل خير فرغم ما حدث لم ينقطع الرباط الوثيق الذي اقامه الملك غازي بين العرش والشعب العراقي وظل أمله كبيراً في الملك.

كانت الظروف السياسية التي تحيط بالملك فيصل في غاية الحساسية والتأزم، حيث كانت وصاية خاله الأمير عبد الإله عليه وشخصيته القوية والمتنفذة في البلد، إضافة إلى سيطرة نوري السعيد بنفوذه الواسع والمتعدد والمدعوم بشكل مباشر وعلني من الإنجليز، كل ذلك جعل الملك الشاب فيصل في حالة من التردد وعدم القدرة لا يحسد عليها أبدا وهو ذاك الفتى الشاب الهادئ الوديع والذي لا يعرف دروب السياسة الشائكة ولا ألاعيبها المختلفة، ومع كل هذا مارس الملك فيصل الثاني نشاطا ملحوظا لمعالجه المشاكل ألاقتصاديه التي كان العراق يعاني منها, فأولى اهتمامه للجانب الاقتصادي فوضع خطه سُميت بمجلس الأعمار نهضت بإنشاء كثير من المشاريع الكبرى والمهمة والحيوية للبلد.

و لقد نجح الأمير عبد الاله في غرس شعور في نفس الملك بانه قادر على مسؤوليات الدولة والحكم وتصريف شؤون البلاد لما له من خبرة في معرفة رجال الدولة وقضاياها وبأنه يستطيع ايجاد الحلول المناسبة لكل موقف وظرف فنشأ الملك فيصل وهو يؤمن في قرارة نفسه ان خاله يستطيع ان يتحمل عنه تبعات الملك بما خلق لديه مسبقاً احساس الاتكال وترك الامور ليتصرف بها، لانه درج على ذلك منذ طفولته حتى وجدها بعد ذلك امراً واقعاً هذا إذا اضفنا ان تقاليد الاسرة الهاشمية كانت شديدة التمسك فيما يتعلق باحترام رأي من هو أكبر سناً وهذا ما جبل عليه افراد هذه الاسرة منذ القدم.

كانت حياته تثير الاسى لدى الكثيرين فوالده مات وهو رضيع وتوفيت والدته وتلقى العلم في بلد غريب ولم يكن امامه مناص من اتباع مشورة خاله الوصي عبد الاله الذي حرص على ان يبقى المسيطر الحقيقي على الامور بعد أن نجح الوصي في خلق مشاعر الود المتبادلة بينه وبين ابن اخته الملك بما ابداه من عاطفة ورعاية تجاهه ولكنه استغل تلك المشاعر ليمارس دور الملك في سياسة الدولة العراقية...

في 2 مايو 1953 اكمل الملك فيصل الثامنة عشرة من عمره فانتهت وصاية خاله عبد الإله على عرش العراق بتتويجه ملكا دستوريا على العراق. واعلن ذلك اليوم عيداً رسمياً لتولي الملك سلطاته الدستورية. وقد تزامن تتويجه مع تتويج ابن عمه الملك الحسين بن طلال ملكاً على الأردن في عمان.

وقد حضر الملك فيصل الثاني صباح يوم السبت الثاني من أيار - مايو لسنة 1953 الى مجلس النواب بحضور الاعيان والنواب وأدى اليمين الدستورية التي نصها:

"اقسم بالله انني احافظ على احكام القانون الاساسي واستقلال البلاد والاخلاص للأمة والوطن "

ثم تلا خطابا هذا نصه:
"حضرات الاعيان والنواب
احييكم وأحيي الشعب العراقي الكريم بكم.

بحول الله تعالى وقوته، سأمارس منذ اليوم الاول واجباتي الدستورية، وذلك بمؤازرة المسؤولين في ادارة المملكة ومعاضدة شعبي العزيز وممثليه، ملكا دستوريا حريصا على الاسس الديمقراطية داعيا الله عزّ وجل ان يعاضدني ويأخذ بيدي لخدمة شعبي العزيز والترفيه عنه بكل الوسائل الممكنة لدي، كما اني سوف احصر كل جهودي لتأمين اسمى غاياته.

واني اتضرع اليه تعالى ان يوفقني واياكم لخدمة وطننا العزيز، ولي عظيم الثقة بأنكم ستشدون ازري بتوحيد صفوفكم وجهودكم الصادقة لنتعاون جميعا لتحقيق اهدافنا القومية .

وقبل ان اختم كلمتي هذه لابد لي من ان اشكر خالي العزيز على اداءه واجب الوصاية على العرش بكل حرص واخلاص، وعلى عنايته الفائقة في اعدادي لهذا اليوم كأب شفوق ، ولابد لي ايضا ان اشيد في هذا اليوم بذكرى امي الحنون رحمها الله ، امي الفاضلة التي حرصت على تربيتي واحتضنتني طيلة أيام حياتها القصيرة بكل حنان وتضحية ونكران للذات وغذتني بالفضيلة وحب الخير للجميع ، وهيأتني لكم ولأقوم بخدمة شعبي على احسن مايرام والله تعالى ولي التوفيق " ..

ظن الناس ان الأمير عبد الاله سيتخلى عن واجبات الوصاية ويترك امور البلاد إلى الملك فيصل لكن عبد الاله عمل على تقويم الملك فيصل الثاني فاستمر يقحم نفسه في كل صغيرة وكبيرة كما لو ان وصايته عليه ظلت مستمرة والى ما لانهاية. لقد بقي الأمير عبد الاله خلف الملك يسيره ويأمره بعد أن تمكن من زرع بذور الطاعة له في نفسه ولم يتمكن الإفلات من هذا الطوق والاقتراب من الشعب أو الاتصال به وتحسس رغباته ومطاليبه واخذ عبد الاله يصاحب الملك اينما اتجه واينما سافر للتفاوض ويبدو أن الحكام العرب كانوا يدركون موقف الملك فيصل الثاني تجاه القضايا السياسية والمهمة ويعرفون انه دون المهمات المناطة به لقلة تجربته وان الحل والعقد بيد خاله ولي العهد...!!