أكل النفس!
بقلم: مينا ملاك عازر
منذ ولادتي، وأنا أعرف أن هناك نوعان من أكل النفس؛ نوع مضر، قال عنه أحد الشعراء- الذي لا أذكر اسمه للأسف-:"اصبر على كيد الحسود فإن صبرك قاتله، فالنار تأكل بعضها ما لم تجد ما تأكله"، إذن أكل النفس هنا يمارسه الحسود، وهو مضر لنفسه ومفيد لمن يحسدهم.
والنوع الثاني، قاله "أحمد حلمي" في فيلم "جعلتني مجرمًا"، حين شرح نظريته الاقتصادية المفيدة لأحد رجال الأعمال، وقال eat yourself befor somebody eats you ، وشرح قائلًا: "إن حضرتك عليك أن تنتج منتج ينافس منتجك الآخر، وبالتالي تكون حضرتك استأثرت لنفسك بثلثي السوق في مواجهة منافسك الآخر الذي من المفترض أنه سيكون له نصف السوق لو لم تنتج المنتج الجديد". وراح قايلها بطريقته الهادئة: "يعني ببساطة كل نفسك قبل ما حد تاني يأكلك"، وهي طريقة مفيدة اقتصاديًا، وساعات سياسيًا.. أرى أن إخواننا "الإخوان المسلمين" يطبقون هذه النظرية بإعلانهم عن عدة أحزاب مرة واحدة، ويجاريهم في ذلك السلفيون والجماعة الإسلامية. وإن نظرت نظرة أكثر شمولية سيكون التيار الإسلامي كله يأكل نفسه قبل ما حد تاني يأكل منه، فلا تعتبروا ما يفعلونه تفتيت لكتلتهم التصويتية، وإنما هو تلوُّن لإرضاء كل القوى الوسطية والمتطرفة. ثم يتكتلوا بعد أن يكونوا قد أكلوا أكثر من ثلثي السوق الانتخابي واستأثروا به لأنفسهم. حينها لن يكونوا بحاجة إلى الثلث المعطَّل، فأكثر من ثلثي المجلس معهم، ومعانا إحنا الأسف!
ومن هذه اللحظة، تستطيع حضرتك أن تتفضل تقعد حبة لغاية ما أجهز لحضرتك الغدا، فلا الشرب يجدي ولا النوم يجدي، فالأفضل الأكل في بلد يأكل فيه الكثيرون على كل الموائد، يقومون من مائدة النظام السابق ليجلسوا على مائدة الثورة، ويقومون من مائدة الثورة ليجلسوا على مائدة التفاوض، ومن مائدة التفاوض للمائدة المستديرة، ثم لا تملأ عيونهم الموائد، ولا يكتفوا إلا بالمنصات! ولا يقدِّر قيمة المنصة إلا من رغب في الموافقة على كلامه، ولا يقدِّر قيمة الموائد إلا الجعان للسلطة، خلي بالك حضرتك بضم السين..
ولا أفهم، لماذا نغضب من بيع الغاز لـ"إسرائيل" بسعر بخس؟- وغضبنا حق لا جدال في ذلك- ولم يثر أحد للآن مسألة القمر الصناعي المصري الذي ضاع قبل الثورة ولم تُفتح ملفاته للآن حتى بعد الثورة!! هل هو نوع من استمرارنا لإهمال العلم؟ أم لأن القمر الصناعي كان سيكشف ما في بطون من جلسوا على كل تلك الموائد التي سبق لنا ذكرها؟!! وما يؤسفني أن منْ نصبوا مائدة الثورة أكلوا الناس، ونسيوا نفسهم، ولم يأكلوا، بل بدأ البعض في أكلهم بإخراج بعض الائتلافات الهيكلية الوهمية، ليضيع ائتلاف شباب الثورة الحقيقي في الرجلين، ولا نعرف من فيهم عمل الثورة بجد؟ بس هما يستاهلوا؛ لأنهم أبوا أن يأكلوا أي شيء، ولا حتى أنفسهم، في بلد أكل الدهر على شعبها، وشرب!
المختصر المفيد، انتبه لآكلي ثمار الثورة، فهم من قطفوا ثمار النظام السابق حتى ولو كانوا في السجن حينها.
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :