بقلم: سحر غريب
عندما كنت أقرأ في كلاسيكيات قصص الحب الخالدة كنت أتخيّل نهايات مُختلفة لها، وكان خيالي يشطح إلى أجزاء بديلة عن تلك النهايات المؤلمة لكل قصص الحب القديمة فمن الأكيد أن نهايات تلك القصص كانت ستختلف لو كان الزواج قد كلل نهاياتها، فلو كان روميو لم ينتحر وأستطاع أن يتزوج من جولييت حبيبة قلبه لكانت قصة حبهما أخذت منعطفًا آخر ونهاية مُختلفة وقد يتحول الحب العظيم إلى حالة من تبلد المشاعر أو كراهية ومُقت وعدم تحمل وقد يتهور روميو ليدس السُم في مشروب جولييت ليتخلص من قرفها وصداعها المُزمن و زنّها الكثير وترددها المرضي عند اتخاذ القرار.
أما لو كان الزواج هو نهاية حب قيس المجنون لليلى لكان الجنون هو حليفه أيضًا، فـ "قيس" عنده قابلية للإصابة بلوثة عقلية في جميع الأحوال ولكن نوع المرض العقلي الذي يعانيه كان سيختلف فبدلاً من الجنون الذي أججه لوعة الحب والفراق لكان جنون القرب هو الحدث الجلل الذي سيصيبه فكانت ليلى ستقابله على الباب وملابسها رائحتها بصل قائلة: إيه اللي جابك بدري يا منيل؟
فيرد عليها: أنتي ميين؟ فين ليلي يا ست أنتي؟ ثم يمسكها من رقبتها ويقول تفي ليلي اللي بلعتيها...
ثم يمسك بالبطيخة التي كان قد اشتراها ويدشها فوق رأس ليلى لتُبلغ ليلى عنه العباسية انتقامًا للبطيخة المدشوشة على رأسها وتتخلص من جنانه وعدم اعترافه بها تلك الرقيقة القديمة المُنتسبة حديثًا لسيد قشطة في جماله وثقل وزنه.
وقصة حُب عُمر وسلمي هي من قصص الحب التي هزّت أوساط الشباب في زمن عرض الجزء الأول من الفيلم.
فعندما انتهى الجزء الأول من عُمر وسلمي بنهاية كل قصة حب سعيدة توقعنا أن يكتفي أبطال الفيلم ومنتجيه بتلك النهاية السعيدة التي توّجها الزواج ولكن الجزء الثاني من الفيلم جاء ليؤكد أن الحب الذي يسبق الزواج هو حب مختلف تمامًا عن الحب الذي يتبعه، فتاريخ الزواج هو تاريخ فاصل بين مرحلتين، فالحب قبل هذا التاريخ يكون حبًا لفظيًا حيث الكلمات الحلوة التي تدغدغ المشاعر والآهات والتنهدات ولحظات الاشتياق ولوعة الفراق، أما بعد الزوج فالحب يتحول إلى حبًا عمليًا وتتخذ الماديات طريقها إلى قلوب العاشقين.
الفيلم ببساطة يتناول قضية كل بيت وتساؤل كل زوجين أين ذهب الحب هل انتهى؟ وهل تكفي الذكريات لتحافظ على العلاقة الزوجية من الموت؟ ولماذا يتجه الزوج الذي كان يعشق التراب الذي تمشي عليه محبوبته إلى خيانة تلك المحبوبة عند أول نداء لأي أنثي لا تمتلك من المميزات سوى ميزة واحدة وهي أنها ليست زوجته بل هي فقط العشيقة؟
حقًا إن الزوجة تُهمل في نفسها بعد الزواج بسبب المسؤوليات التي تحملها فوق كاهلها وتعدد مرات الحمل ولكن ذلك لا يُعطي للزوج المبرر الذي يخونها من أجله فهي أُم أبنائه، فخيانته هنا لن تكون خيانة لها فقط بل هي خيانة لأبنائه معها وتهديد لبيتهما الآمن بالدمار والخراب.
وفيلم (عمر وسلمى 2) فيلم اجتماعي كوميدي وهو من الأفلام التي تستطيع اصطحاب أطفالك لمشاهدتها عكس بقية أفلام الموسم ورغم أن الفيلم تيمته مُكررة إلا أن تناوله مُختلف في جو من الكوميديا واستخدام مستجدات العصر من مولات وموبايلات في خط سير الأحداث والفيلم استغلال لنجاح الجزء الأول من (عمر وسلمى) وهو ما يعيبه عليه البعض.
أما بطل الفيلم "تامر حسني" فقد شعرت مع تمثيله أنه في طريقه للنضوج الفني بعد أن كانت جمله مبتورة وأسلوبه واحد، فكان دور الفتى الشاب المُتهور هو دوره المُفضل أما في هذا الفيلم فرغم عدم اقتناعي بتامر حسني في دور أب وزوج حتى مع تغييره لتسريحة شعره إلا أنه قد أعاد اكتشاف نفسه مثله مثل مي عز الدين التي تحولت من دور الفتاة الرقيقة التي يحلم بالزواج منها كل شاب إلى امرأة وزوجة مُختلفة تمامًا في طريقة كلامها وطريقة وقفتها وحتى طريقة نومها.
أما نجوم المُستقبل الذين أكتشفهم الفيلم فكانوا الأطفال الذين قاموا ببطولة الفيلم معهم فقد استطاعوا خلق جو كوميدي جعل الفيلم محببًا للصغار قبل الكبار.
أما أغاني الفيلم فلم تخرج عن شطحات تامر حسني واختياره لكلمات أغاني لم تكن تستخدم من قبل فغنى تامر أغنية (ضحكتها مابتهزرش) وأغنية (ياما نصحتك) والتي جاءت كلماتها صادمة للمستمع العادي ولكنها جذبت الشباب الذي يفضل الجديد دائمًا وتقول كلماتها:
شوفي بقى مابجيش انا بالطريقة دي مش عايز أجرحك
إلا أنا متمشيش معايا السكة دي أنا ممكن أزعلك
وانسى تاني اندهلك ودماغك خليها تاكلك بأفكارك اللي مخلياكي كدا مش على بعضك
بتشكى فيا كدا ليل نهار ومعيشاني على طول في نار ابعدي عني وخليكي قدامي محافظة على شكلك
إلا أنا متمشيش معايا السكة دي أنا ممكن أزعلك
ياما نصحتك تبعدى عن كل اصحابك اللى مش مرتاحلهم
وعلى فكرة بيحاولوا كتير معايا ولا مرة ريحتهم
وانسى تانى اندهلك ودماغك خليها تاكلك بأفكارك اللي مخلياكي كدا مش على بعضك
بتشكى فيا كدا ليل نهار ومعيشاني على طول في نار ابعدي عني وخليكي قدامى محافظة على شكلك.
إن تامر حسني بأفكاره الغير تقليدية مازال يجذب جيلاً من الشباب تجري في دمائه روح التمرد والخروج عن المألوف فهل سيستطيع تامر أن يظل جاذبًا لهذا الجيل أم أنه موجة وتعدي وموضة وستنتهي؟