الأقباط متحدون - الجنسية على ورق البنكنوت
  • ٠٥:٤٨
  • الأحد , ٢٢ يوليو ٢٠١٨
English version

الجنسية على ورق البنكنوت

د. مينا ملاك عازر

لسعات

٣٥: ٠٥ م +02:00 EET

الأحد ٢٢ يوليو ٢٠١٨

ارشيفية
ارشيفية

د. مينا ملاك عازر
السلعة والخدمة الأرخص التي تقدمها الحكومة والدولة المصرية بحق هي هبة الجنسية مقابل حفنة جنيهات مصرية عددها سبعة ملايين جنيه، ما لا يصل بأي حال من الأحوال لربعمائة ألف دولار أمريكي، فإذا لم تكن مصرياً وتحلم بهذه الهبة الخلابة والحصانة العظيمة، فلا تحزن، كل ما عليك أن تضع في أحد البنوك المصرية سبع ملايين جنيه لخمس سنوات، لا تقلق، ببساطة يمكنك استردادها بعد الخمس سنوات بفوائدها يعني كسبان من كل الزوايا، فلوسك معاك بفوايدها اللي حايدفعها البنك أو الحكومة، وجنسية جديدة تقدر بها تتملك أصول وأراضي في أماكن كثيرة منها الاستراتيجي والممنوع على أي أحد غير مصري تملكه.

لقد أخذت جنسيتك مكتوبة على أوراق البنكنوت، وليس ككل مصري يتمتع بجنسيته على أوراق الجينات وميلاد وأب وأم، يمكنك الآن تغيير خريطة المنطقة بملايين قليلة تأخذ ما تريده فتضمه لمن تشاء من الدول المجاورة والمال متاح.

لا يزعجني ما سبق فحسب من استيلاء الفلسطينيين من الآخر على أرض سيناء مثلاً، فتنفذ تسريبات ما يعرف بصفقة القرن بغير قدرة منا على منع هذا أو أن يتملك من لا تاريخ لهم أرضي وأصول تمنحهم تاريخ كمجمع التحرير مثلاً وغيره من أصول هامة لها ثقل تاريخي،  لكن ما يقلقني أكثر أن هذا هو مستوى تفكير ساني القوانين في مصر أو من وجهوهم، وهذه هي قيمة الجنسية المصرية في نظرهم سبعة ملايين جنيه.

لماذا لم يرفعوا المبلغ؟ هل لأن جنسيتنا لا تساوي أكثر من هذا؟ هل ثمنوها في مكان متخصص مثلاً؟ وقالوا لهم ده آخركم، لماذا لم تكن الجنسية المصرية تمنح لمن يؤسس مصنع كبير فيشغل عمالة مصرية بشرط أن تكون نسبة المصريين بالمصنع تسعة وتسعين بالمئة، إن لم تكن مئة بالمئة، وعلى شرط أن يصدر هذا المصنع للخارج خلال خمس سنوات ما قيمته خمسة ملايين دولار على الأقل، وتسترد الجنسية حال توقف المصنع عن الإنتاج أو عدم تنامي حجم المنتج وتحسين جودته بما يعني أن الخمس ملايين دولار هؤلاء حجم المُصدر للخارج، هو مبلغ متوقع زيادته سنوياً حتى يصل لعشرة ملايين دولار، ففي نهاية الخمس سنوات وإذا توقف لسبب غير مقبول علمياً عن الزيادة خلال الخمس سنوات أو ما بعدها، إما لا تعطى الجنسية لصاحبه أو تُسترد إذا كانت قد مُنحت، هل هذه الفكرة عصية على الوصول لعقول واضعي القوانين في مصر أو الذين يوحون ويوجهون بسنها!.

واضح أننا نعاني من فقر في التفكير، وانعدام رؤية وقصر نظر، وصغر نفس، إذ لا نقدر قيمة مصريتنا ووطنيتنا حماهما الله من كل فاشل متسول يبحث عن المال وبأسهل الطرق وبأقلها إرهاقاً لمن يبيع له الوطن.

المختصر المفيد لم يبقى لنا ما نبيعه بعد الأرض والجنسية، فهل فعلتم بنا معروف وبعتم أنفسكم لتستفيد البلد أم أنكم فعلاً بعتموها والدور علينا لتبيعونا لمن يدفع أكثر.