الدعاة الجدد.. فراغ يملأ فراغاً!
مقالات مختارة | وائل لطفى
الاثنين ٢٣ يوليو ٢٠١٨
الاهتمام الكبير الذى يبديه الناس بتصرفات الدعاة له وجهان.. أحدهما إيجابى، وهو أن الناس لم تعد تصدق فى حصانة من يتحدثون فى الدين لمجرد أنهم يفعلون ذلك.. كان الأمر مختلفاً منذ عشرين عاماً.. كان الناس ما زالوا مخدوعين، ويعتقدون أن انتقاد كاتب لأحد الدعاة هو أمر معيب أو غامض.. لم يعد الأمر كذلك الآن.
انكشفت حقائق كثيرة، وصار الناس أقدر على حساب من يخدعونهم باسم الدين،
الوجه الثانى لهذا الاهتمام بأخبار الدعاة وتجار الدين هو وجه سلبى.. هو وجه يقول إن الناس لديها فراغ!، وإن الدعاة الجدد ليسوا سوى فراغ يواجه فراغاً.
لا أحد فى مصر يكلم الناس سوى رجال الدين!، ولا أحد يكلم الشباب سوى الدعاة الجدد.
أليس غريباً أنه من بين مائة مليون مصرى لا تجد وسائل الإعلام شخصاً واحداً يصلح لأن يكلم الناس فى أى شىء غير الدين.. فى الفلسفة مثلاً، أو فى تيارات الفكر العالمى.. أو فى تجارب النجاح التى يحققها الآخرون.. أو عن ما الذى يحدث فى العالم؟.. إن وسائل الإعلام هى كما نعلم جميعاً.. و(الفالح) من الإعلاميين هو الذى ينجح فى مخاطبة البسطاء فكرياً وتعليمياً الذين تعارفنا على تسميتهم بالطريقة (c) ليعرف عنه الانتشار والذيوع ويجلب برنامجه مزيداً من الإعلانات.. ومَن نجحوا فى هذا إعلاميان اثنان فقط.. ورسالتها شديدة المحلية، ولا تقنع سوى البسطاء.. أما باقى الإعلاميين فلا يخاطبون سوى الفراغ ما عدا اجتهادات بسيطة، لدينا مائة وأربعة أحزاب سياسية لا تعنى سوى مزيد من الفراغ.
هذا الفراغ تستغله وتتمدد فيه التيارات الدينية، وهى تفعل هذا بحكم قانون الطبيعة. ولا أقصد هنا جماعة الإخوان التى نبذها المصريون، ولكن كل من يبيعون للناس وهم الدين كحل سحرى لمشاكلهم، الدعاة الجدد أحد من يستفيدون من هذا الفراغ.. وليس صحيحاً أنهم يعملون ضد الإخوان، كما يحاول البعض أن يروج، مشروعهم يصب فى النهاية فى صالح جماعة الإخوان، ومشروعهم لاختراق النخبة المصرية بدأ فى الثمانينات فى أروقة جماعة الإخوان.. ونفذه دعاة مثل عمر عبدالكافى، ووجدى غنيم، ثم سلموا الراية لأجيال أصغر، مثل عمرو خالد، ومعز مسعود ومصطفى حسنى.. لا أحد يدعى بالطبع أن للأخيرين علاقة تنظيمية بالإخوان.. أو حتى علاقة مباشرة، لكن ما يقولانه للناس يخدم مشروع الجماعة.. نحن فى حاجة لأن نملأ هذا الفراغ الثقافى والفكرى والروحى الذى يتسلل هؤلاء، ليملأوه وما عدا ذلك.. خطر كبير.
نقلا عن الوطن