الأقباط متحدون - الأب متى المسكين
  • ٠٤:٤١
  • السبت , ٢٨ يوليو ٢٠١٨
English version

الأب متى المسكين

د. ماجد عزت اسرائيل

مساحة رأي

٤٦: ٠٤ م +02:00 EET

السبت ٢٨ يوليو ٢٠١٨

الأب متى المسكين
الأب متى المسكين

د.ماجد عزت إسرائيل

طريق للباحثين عن الشهرة الشهرة الإعلامية!
     الأب المستنير متى المسكين كان اسمه العلمانى يوسف إسكندر ولد في 20 من سبتمبر سنة 1919م،لأسرة فقيرة شأنها شأن السواد الأعظم من المصريين عندئذ، كان والده عاملاً بالسكة الحديد. أما أمه ، فكانت ربة منزل متدينة استطاعت أن تراعى الأسرة بأمانة، وان تسهم في تعليم خمسة منها بالجامعة، بالرغم من تعرضها لشلل نصفى. وفى أحدى مدارس المنصورة  تلقى يوسف اسكندر تعليمه الإساسى بها؛ وكان طفلاً محروماً من شتى كماليات الحياة؛ راضياً بالفقر الاختيار. والتحق بعد ذلك "بمدرسة شبين الكوم الثانوية، وكان من بين المتفوقين بالثانوية العامه، والتحق بالجامعة المصرية، بكلية الصيدلية في الفترة ما بين (1938-1944م)،وسكن بمنطقة منيل الروضة بالجيزة. وخلال فترة دراسته بالجامعة بدأ في الاتصال بـ"مدارس الأحد"  وكان من بين روادها كما إشارت إحتفالية مدينة الإسكندرية بمرور مائه عام على مدارس الأحد فى 25 يوليو 2018م. وبعد تخرجه في كلية الصيدلية إدي الواجب الوطني(الخدمة بالقوات المسلحة المصرية)،وبعدها عمل بإحدى صيدليات الإسكندرية، ثم إنشأ صاحبنا صيدلية مستقلة بمدينة دمنهور (البحيرة)،وبعد نجاحه كصيدلى ترك العالم وباع كل شىء وترهبن بدير السريان، واسند إليه البطريرك مهمة تعمير دير الأنبا صموئيل المعترف ثم دير أنبا مقار الذي يعد حاليًا نموذجاً للرهبنة القبطية في مصر والعالم. وترك لنا تراثا ثقافيا قيما يتمثل في حوالي 182 كتاباً فضلا عن عدة مقالات وعظات دينية مسجلة ومصورة. ورحل هذا الأب المستنير عن عالمنا الفانى بسلام في يونيو 2006م.

  على أية حال،أصبح الأب متى المسكين..... الراهب المستنير ما بين كل عشية وضحاها طريقا للباحثين عن الشهرة الإعلامية، فقد خصصت"ماري ملاك صادق"- مقدمة برامج في قناة لوجوس – يوتيوب- سلسلة من الحلقات بعنوان" حتى لا يزوروا التاريخ" تهاجم فيها المستنير الأب متى المسكين من خلال نقد كتابه القيم"الكنيسة....والدولة" ونسيت دوره فى حل الأزمة وأنه لعب دورا اجتماعياً وسياسياً،لا يستهان به فى تاريخ الكنيسة القبطية، والواقع أن هذا الدور لا يمكن انكاره ؛وخاصة بعد سوء العلاقات بين الكنيسة والدولة فى أواخر أيام حكم الرئيس"محمد أنور السادات"(1970-1981م) "،ومن بعدها انحصر دور الكنيسة فى الشئون الدينية فقط، وربما زاد حجم هذا الدور بعد إحساس الأقباط بإنهم أقلية دينية،واستشعرت الكنيسة أهمية دورها كمؤسسة دينية مسئولة عن تقديم ألوان الرعاية الاجتماعية لرعاياها".

   وهنا نريد أن نشد إنتباه الأستاذة ماري ملاك إلى أن الأب "متى المسكين" وصف لنا علاقته بالسلطة فى كتابه"المسيحى فى المجتمع" قائلاً: "يلزمنا جداً منذ بداية حياتنا أن نضع أمام أعيننا أن المسيحى حتما سيواجه فى العالم نفس الظروف التى عبرها السيد المسيح والتلاميذ وكافة الذين جاهدوا بالروح وكملوا فى الإيمان طبقاً لما حدده الرب"، "فى العالم سيكون لكم ضيق. ولكن ثقـوا"  "إن كانوا قد اضطهدونى فسيضطهدونكم.وإن كانوا قد حفظوا كلامى فسيحفظون كلامكم " ، " لا تخافوا......" ،"لا تهتموا لحياتكم...." ،"أنا قد غلبت العالم".
 
    وفي هذا الخصوص نذكر الأستاذة ماري ملاك صادق بما ذكره  الدكتور "عاطف العراقى"  عن المستنير حيث ذكر قائلاً:" كان الأب متى المسكين حريصاً طوال حياته، وحتى اللحظات الأخيرة قبيل وفاته، على أن يقدم لنا مجتمعا أفضل، مجتمعا حضارياً تتمثل حضارته فى الداخل أساساً، داخل الإنسان، وليس من خلال الانبهار بالعوامل الزائفة، أى بقشور الحضارة، فإذا صلح الإنسان بداخله، فإن الأمة سوف تأخذ طريقها نحو التقدم إلى الأمام والازدهار حاضرا ومستقبلاً، فالإنسان فيما يقول يكون فى غاية السعادة والسلام بسبب عناية الله به عناية شاملة من جهة رغباته الجسدية ورعايته فى الداخل والخارج وحمايته ملموسة فى كل المواقف، وليطمئن الإنسان أنه محفوظ بين يدى الله وملحوظ بعنايته وتزداد ثقة الإنسان ويتقوى إيمانه بالله على أساس الدليل المادى الواضح والبرهان الملموس........".

  كما قال شيخ المؤرخين العرب الأستاذ الدكتور عاصم الدسوقي عن الأب متى المسكين:" إن متى المسكين الذي هجر متاع الدنيا بما تحمله من شرور الصراع والتنافس من أجل الراحة النفسية في عالم "الديرية"، وجد نفسه يواجه شيئا من التنافس البشري بين الرهبان حول التفوق والريادة و"الزعامة" ...... ومن ثم آثر الحياة في سلام وصفاء دون أن يحمل في نفسه كراهية لأحد أو حقدا على أحد وترك نفسه الصافية تتماهى مع الله طلبا لمزيد من الصفاء النفسي والنقاء الروحي. وعلى هذا الطريق اهتم الأب متى المسكين بتنقية جوهر الإنسان من داخله حتى ينعكس ذلك على سلوكه في المجتمع، وبمعنى آخر التوحد بين الباطن والظاهر عند الإنسان لصالح المجتمع تحقيقا للسعادة التي وجدها في الرضا. ولقد بدأ بنفسه حيث كان ظاهره هو باطنه، وباطنه هو ظاهره دون تناقض بينهما، الأمر الذي جذب إلى عالم الرهبنة الكثيرين أملا في أن يكونوا على نمط ذلك الراهب المستنير".

   كما نشرت "مدونة أرثوذكسى" للأستاذ عصام نسيم مقاله الهجومي على المستنير الأب متى المسكين عنوانه "علاقة القمص متى المسكين بمدارس الاحد" ... تعليقا على ما نشُر في صفحة مئوية مدارس الاحد، وذكر ما هو خلاصته أن المستنير لا ينتمى لمدارس الأحد،ونسى سيادته أن الأب متى المسكين عندما سكن بروضة المنيل خلال فترة دراسته الجامعية بدأ اتصاله بـ"مدارس الأحد"، فتقابل "يوسف "بمجموعة من الأصدقاء؛ نذكر منهم "عوض باسيليوس "صيدلي بالإسكندرية، و"سعد عزيز"(الأنبا صموئيل)، و"ظريف عبد الله"(القمص بولس بولس)، و"وهيب ذكى" (القمص صليب سوريال )، وذادت علاقته بهم من خلال السهرات الروحية والصلاة التي كانت تعقدت بمنزل "سعد عزيز". وكانت هذه المرحلة بداية للتكوين الروحي، ومنها دعاه الرب لخدمة كبرى. وفي ذات السياق نشرت صفحة عظمة زرقاء هجوم شديد على المستنير الأب متى المسكين حيث ذكرت قائله: "طبعا هذا اعتبره تعليق كوميدي يدخل تحت بند تقديس الأشخاص اي مدارس احد هذه التي تتبارك باسم القمص متي وكيف ولماذا مدراس الاحد التي خرجت لنا بطاركة وأساقفة ورهبان وكهنة ومكرسين وعلماء ومكرسات وكانت سببا في نهضة كنيستنا القبطية تتبارك باسم القمص متي طب ليه…".

   وهنا نتساءل لماذا هذا الهجوم على الأب المستنير.... متى المسكين؟ هل هناك من يحرك المياه الراكدة..هل هناك جماعة أو مجموعة يقودها أساقفة للهجوم على المستنير؟ ومن المسؤال عن خروج بعض الإعلامين على الشاشات ومنحهم مساحة كبيرة للهجوم على المسكين؟ هل نستطيع وقف هذه المهزلة الإعلامية الخاصة بهذا الهجوم؟ وهنا أطرح سؤال لكنيستنا القبطية للاستفادة من تراث الأب متى المسكين؟ وهذا ما فعلته جامعات وكنائس الغرب؟ حيث خصصت كلية اللاهوت بالجامعة الكاثوليكية الألمانية في آيشتيت- إنجولشتات، وبالتحديد قسم تاريخ الكنيسة القديمة والباترولوچي، سيمنار الفصل الدراسي الصيفي إبريل 2018م وحتى يوليو 2018م، لدراسة الفكر اللاهوتي عند الأب المستنير متى المسكين، ويقوم بتدريس هذا السيمنار البروفيسور الدكتور/ أندرياس فيكفيرت. وقد ذكر أندرياس أن المسكين هو من أعاد من جديد بناء دير الأنبا مقار في صحراء الأسقيط،كما أنه من أهم الشخصيات المؤثرة في المسيحية القبطية في القرن العشرين، وهو أب رهبان برية شيهيت،وتساءل من هذا الأب المستنير الذي يقتبس منه البابا فرانسيس بابا الفاتيكان في عظة عيد الميلاد!!!
   ومن خلال كتابات الأب متى المسكين وما جمعه وتركه من تراث ثقافى،قامت العديد من الأبحاث والدراسات حولها نذكر على سبيل المثال الدراسة التى قام بها "الأب وليم سيدهم اليسوعى وعنوانها "تجديد الحياة الروحية للرهبنة المصرية فى القرن العشرين"(الأب متى المسكين نموذجاً)(1919-1999م)،ودراسة أعدتها"عايدة نصيف" وعنوانها"مقارنة بين توما الأكوينى والأب متى المسكين" حصلت بها الباحثة على درجة الدكتوارة من كلية الأداب جامعة القاهرة فى يونية عام 2009م، وأعدت الباحثة الألمانية "كاترين كوهلر" دراسة عنوانها(العلاقات الشرقية الغربية) فى ضوء مؤلفات الأب متى المسكين.

    .....وبعد عليكم إيها المهاجمين أن تعيدوا قـــــراءة أوراقكم وسياستكم،تجاه المستنير... الأب متى المسكين، فقد أثبت التاريخ أن الأب متى المسكن رجل مستنير في أفكاره وتعاليمه وأكبر دليل على ذلك تدريس أفكاره في بقاع كثيرة من العالم، اتمنى أن لا تزرعوا الفتن، ادعوكم أن تذهبوا لجبل التوبة الذى دمــرته أفكاركم وحقدكم ومؤامراتكم لخلق صراع داخل الكنيسة، فهذا هو مكانك الطبيعى ..عاشت الكنيسة أبية وحرة ينعم بها كل محبي المسيح والمصلحون الذين ينفذوا تعاليمه وينشدوا تراتيل السلام. 

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع