الأقباط متحدون - شهادة مدير مركز الدراسات القبطية بمكتبة الاسكندرية عن الانبا ابيفانيوس : يكره الاضواء. باحث متعمق . إنسان حنون
  • ٠٦:٢٣
  • الثلاثاء , ٣١ يوليو ٢٠١٨
English version

شهادة مدير مركز الدراسات القبطية بمكتبة الاسكندرية عن الانبا ابيفانيوس : يكره الاضواء. باحث متعمق . إنسان حنون

إيهاب رشدي

أقباط مصر

١٦: ٠١ م +02:00 EET

الثلاثاء ٣١ يوليو ٢٠١٨

الآنبا إبيفانيوس
الآنبا إبيفانيوس
الاسكندرية – ايهاب رشدى 
عرف الدكتور لؤى محمود سعيد مدير مركز الدراسات القبطية بمكتبة الاسكندرية  الانبا ابيفانيوس اسقف دير الانبا مقار المتنيح ، عن قرب لعدة سنوات ، فقد كان للاسقف الراحل نشاط بارز فى مكتبة الاسكندرية بصفته أحد أعضاء مجلس إدارة المركز وكذلك احد اعضاء اللجنة الاستشارية لمشروع كنور من التراث القبطى والذى أطلقه مركز الدراسات القبطية بالمكتبة منذ عامين . 
 
قال الدكتور سعيد ان الانبا ابيفانيوس  ظل اسمه  مجهولاً لكثير من المصريين حتى صبيحة يوم الأحد ٢٩ يوليو ٢٠١٨، فغالبية المسيحيين والمسلمين لم يسمعوا عنه. وكثير ممن سمعوا اسمه لم يعرفوا عنه أكثر من كونه رئيس دير أبو مقار الشهير. لكن فجأة، وبسبب النهاية المؤلمة التي انتهت بها حياته، أصبح محور اهتمام الجميع. 
 
وتابع بأن هذا الأسقف المتواضع البسيط لم يكن مشهوراً، ولم يكن نجماً لامعاً تتسابق إليه القنوات والإعلام. لذا كان وقع المفاجأة كبيراً على الغالبية. فقد اكتشفوا فجأة أنهم أمام قامة استثنائية على المستوى الإنساني والعلمي والكنسي. 
ومن سيل الكتابات التي تسابق أصحابها إلى سرد حكاياتهم معه تكشفت أمور خافية كثيرة، وتشكلت أمام الأعين صورة فريدة لم يكن معها يدرك كثيرون حجم هذه الشخصية وقيمتها.. 
 
بدأ ينجلي بوضوح مقدار الخسارة التي منيت بها مصر بفقدان هذا الراحل الجليل. جمع هذا الراهب (وهو اللقب الذي كان يفضله عن استخدام لقب الأسقف) صفات يندر أن تجتمع في شخص ما. فهو الإنسان البسيط المتواضع الذي يكره الأبهة والأضواء. وهو العالم الباحث المتعمق الذي يجيد عدة لغات قديمة وحديثة ويتمتع بثقافة موسوعية واسعة، ولديه عشرات الأبحاث والكتب والترجمات العميقة، والتي أبهرت محافل العلماء في مصر والعالم. كان رائداً من رواد العقل وليس النقل، مجتهداً في التفسير والتحليل بانتمائه لجامعة (ولا أقول مدرسة) دير أبو مقار التي أسسها أبوه وأستاذه الراحل القمص متى المسكين. وهو اللاهوتي المحدث المجدد، الذي يستلهم روح وفكر كتابات الآباء بدون تكرار واستنساخ. وهو الإنسان الحنون المحب الذي يصعب عليك أن تلتقيه ولو لمرة واحدة دون أن تستشعر انجذابك إليه من فرط محبته وصفاء سريرته، حتى وإن كنت مختلفاً معه في الرأي أو العقيدة. 
 
ووصف  مدير مركز الدراسات القبطية الانبا ابيفانيوس بأنه كان ملائكي التكوين يأسرك بابتسامته الصافية الحقيقية التي لا تفارق وجهه.
 
ويتابع .. نعم.. لم يكن الأنبا ابيفانيوس نجماً إعلامياً، ولا شخصية مشهورة في حياته. لكنه بالقطع يمثل علامة فارقة في الفكر المصري المعاصر، لأنه كان يحمل في قلبه وعقله (الذي اغتالوه بتحطيمه) قضية ورسالة أفنى حياته من أجلها: حفظ التراث، ونشر العلم، وإشاعة المحبة والتسامح بين المصريين. قضايا جديرة بأن يتبناها الإعلام المصري ويقدمها للناس، ويمنح الفقيد الجليل بعد موته بعضاً من حقه المهضوم في حياته.. مثله مثل الكثير من القامات التي تعيش بيننا، ولا ندرك قيمتها إلا بعد أن تغادرنا..