الأقباط متحدون - أعطونا الأحذية وأخذوا الطرقات
  • ٠١:٥١
  • الاربعاء , ١ اغسطس ٢٠١٨
English version

أعطونا الأحذية وأخذوا الطرقات

مقالات مختارة | خالد منتصر

٤٠: ١٠ ص +02:00 EET

الاربعاء ١ اغسطس ٢٠١٨

خالد منتصر
خالد منتصر

أعود من فترة إلى أخرى إلى دواوين الشاعر السورى الراحل الجميل محمد الماغوط، وأرتمى أحياناً على شاطئ بحره الإبداعى الهادر، لكى أشحن بطارية أحلامى بسخريته المريرة النازفة وأقواله الموجعة المختصرة، كالنواة التى تختزل كل أسرار الخلية وتبوح بلغز الحياة، دوماً يصدمنى، لكنها صدمة الكهرباء التى تساعد القلب على الخفقان، بعد أن كان على وشك الموت، معظمكم تعرفونه كمؤلف فيلمى «الحدود والتقرير» ومسرحية «كاسك يا وطن»، أدعوكم إلى قراءته معى، والتعرّف عليه كشاعر وكاتب عظيم، وعذراً شاعرنا الكبير «الماغوط» الساخر الحزين، سأسرق قبساً من نار إبداعك المقدّسة حتى أشعل جذوة الروح التى انطفأت.

كل السيول والفيضانات تبدأ بقطرات تتجمع من هنا وهناك إلا

عند العرب

يكون عندنا سيول وفيضانات

وتنتهى بقطرات تتفرق هنا وهناك.

الصمود والتصدى:

صمود على الكراسى

والتصدى لكل من يقترب منها.

فى ما مضى كان شيخ الحارة يضربنى لأحفظ وأتذكر، وفى ما بعد صار الشرطى يضربنى لأنسى!!.

عندنا اقتصاد وطنى، صناعات وطنية، تربية وطنية، أحزاب وطنية، مدارس وطنية، أناشيد وطنية، أقلام وطنية، دفاتر وطنية، مدافئ وطنية، بترول وطنى، أحذية وطنية، شحاطات وطنية، حمامات وطنية، مراحيض وطنية، لكن ليس عندنا وطن.

محاصر بين تيار العولمة وتيار الأصولية

فكيف أوفق بين الاثنتين؟؟ هل أصلى على الإنترنت؟؟.

أخذوا سيفى كمحارب

وقلمى كشاعر

وريشتى كرسام

وقيثارتى كغجرى..

وأعادوا لى كل شىء وأنا فى الطريق إلى المقبرة.. ماذا أقول لهم أكثر مما يقوله الكمان للعاصفة؟؟.

المأساة ليست هنا. إنها هناك، فى المهد، فى الرحم! فأنا قطعاً ما كنت مربوطاً إلى رحمى بحبل سرة، بل بحبل مشنقة.

لا تكن متفوقا فى عالمٍ منحط، لأنك ستكون بقعة عسل فى عالمٍ من الذباب.. ستفنى، ويبقى الذباب.

لكى تكون شاعراً عظيماً يجب أن تكون صادقاً، ولكى تكون صادقاً يجب أن تكون حراً، ولكى تكون حراً يجب أن تعيش، ولكى تعيش يجب أن تخرس.

لا يوجد عند العرب شىء متماسك منذ بدء الخليقة وحتى الآن سوى القهر.

إن الموت ليس هو الخسارة الكبرى.. الخسارة الأكبر هو ما يموت فينا ونحن أحياء.

الطغاة كما الأرقام القياسية لا بد أن يأتى يوم وتتحطم.

صار فم الإنسان العربى مجرد قنّ لإيواء اللسان والأسنان لا أكثر.

اتفَقوا...... على توحيد الله وتقسيم الأوطان...!»

نحن الجائعون أمام حقولنا..

المرتبكون أمام أطفالنا..

المطأطئون أمام إعلامنا..

الوافدون أمام سفارتنا..

نحن...... الذين لا وزن لهم إلا فى الطائرات

نحن وبر السجادة البشرية التى تفرش أمام الغادى والرائح فى هذه المنطقة..

ماذا نفعل عند هؤلاء العرب من المحيط إلى الخليج؟

لقد أعطونا الساعات وأخذوا الزمن.. أعطونا الأحذية وأخذوا الطرقات..

أعطونا البرلمانات وأخذوا الحرية.. أعطونا العطر والخواتم وأخذوا الحب..

أعطونا الأراجيح وأخذوا الأعياد.. أعطونا الحليب المجفف وأخذوا الطفولة..

أعطونا السماد الكيماوى وأخذوا الربيع.. أعطونا الجوامع والكنائس وأخذوا الإيمان.. أعطونا الحراس والأقفال وأخذوا الأمان.. أعطونا الثوار وأخذوا الثورة.
نقلا عن الوطن

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع