"كلوت بك".. أول من استخدم جثث الموتى في الطب المصري
أخبار مصرية | الأهرام
الخميس ٢ اغسطس ٢٠١٨
يوافق يوم 2 أغسطس عام 1849م ذكرى وفاة محمد علي باشا، مؤسس مصر الحديثة، مثلما يوافق ذات الشهر من كل عام وفاة الطبيب كلوت بك مؤسس مدرسة الطب بمصر، والذي توفي 28 أغسطس عام 1868م.
يؤكد المؤرخون أن علم الطب في مصر قبل محمد علي باشا، كان يعتمد علي الخرافة والدجل، كما يؤكدون أن استعانة محمد علي باشا بالفرنسي كلوت بك في الارتقاء بصحة الجنود في المدرسة الحربية التي أنشأها، كانت علامة فارقة في الارتقاء بعلم الطب والصحة بمصر.
ويقول الشاذلي عباس باحث في التاريخ لــ"بوابة الأهرام " إن محمد علي باشا، أحضر كلوت بك لمصر في عام 1825م وجعله رئيساً لأطباء الجيش المصري، لافتاً إلى أن كلوت بك وجد أن مصر خالية من القوانين الصحية لعدم وجود أطباء، ورغم المعوقات التي واجهته إلا أنه استطاع أن يرتقي بحال الطب في مصر وأن يخرجه من ظلمات الجهل إلي النور .
أنشئت المدرسة الطبية الأولي في مصر، في منطقة أبو زعبل حيث عرض كلوت بك، علي الوالي محمد علي باشا، أن يخرج من مدرسة الفرسان أطباء من أهل مصر، وهو الرأي الذي استصوبه محمد علي باشا؛ حيث تم تأسيس المدرسة الطبية الأولي لمصر، ووجد الكثير من صعوبات تعترضه وكانت الصعوبة الأولي كما يؤكد المؤرخون هو عدم وجود تلاميذ تتقن اللغة الفرنسية أو الإيطالية، وقد تغلب عليها بالاستعانة بمترجمين بين الأساتذة والتلاميذ يقومون بترجمة العلوم وإفهامهم دروس المعلمين، أما الصعوبة الثانية فهي رفض أهالي مصر تشريح جثث الموتي لتعليم التلاميذ أسس علم التشريح.
وأوضح الشاذلي عباس، أن المؤرخين يؤكدون أن كلوت بك تباحث مع المشايخ والعلماء في مصر أولا لإقناعهم أن تشريح الموتي، غايته حفظ الأحياء وتعليمهم الحفاظ علي حياتهم وأنه لا يمكن لأحد أن يتقن الطب مالم يكن ماهراً في صناعة الطب.
أما محمد علي باشا والي مصر لم يرخص لكلوت بك أن يقوم بتشريح جثث الموتي إلا أنه وعده أنه لن يعترضه إذا فعل ذلك مضيفاً أن التلاميذ في مدرسة الطب نفروا في البداية من تشريح جثث الموتي في دروس علم التشريح، ولكن ألفوه بعد ذلك بالممارسة، مضيفاً أن كلوت بك تعرض لمحاولة اغتيال من التلاميذ لسماحه بتشريح جثث الموتي.
قام أحد التلاميذ المتعصبين بمحاولة طعن كلوت بك في رأسه بخنجر في رأسه وبطنه في درس علم التشريح، إلا أنه لم يصب بأذي بعد أن تقدم التلاميذ نحو أستاذهم وحالوا بينه وبين القاتل وحين تغلب كلوت بك علي كافة المصاعب انطلقت مدرسة الطب المصرية مرة ثانية، لتكون أكثر قوة بعد أن قرر تدريس نفس الكتب التي تدرس في أوروبا بمدرسة الطب، وقام بتأسيس مدرسة لتعليم اللغة الفرنسية ملحقة بالمدرسة للاطلاع علي أهم الكتب الطبية الحديثة، وقام بإرسال 12 تلميذاً لفرنسا وقدمهم إلي الجمعية الملكية الفرنسية لامتحانهم .
اهتم كلوت بك بالأمراض التي كانت منتشرة في مصر مثلما يؤكد المؤرخون فاستخدم التطعيم للقضاء علي مرض الجدري الذي كان يؤدي لهلاك 60 ألفا من الأطفال كل عام، حيث قام هو وتلاميذه بمعالجة المرضي وفي عام 1837م نقلت المدرسة الطبية من أبي زعبل إلي القاهرة وتم افتتاح مدرسة لتعليم القابلات الولادة .
وأوضح الشاذلي عباس أن الطاعون تفشي في مصر عام 1835، فقام كلوت بك بمجهودات خارقة؛ حيث استطاع مع 3 أطباء من تلاميذه في محاصرة المرض، وقام محمد علي باشا بالإنعام عليه برتبة جنرال، مضيفاً أن في الحروب المصرية العثمانية في بلاد الشام وحين تفشي الطاعون في نابلس وغزة وبيت المقدس قام بمجهودات خارقة لمحاصرة المرض.
استمر كلوت بك في مصر حتي توفي صديقه محمد علي باشا في 2 أغسطس عام 1849بالاسكندرية مصابا بالخرف، حيث قام عباس الأول حفيد الوالي محمد علي باشا بإغلاق المدرسة الطبية التي أسسها ما جعله يسافر لموطنه فرنسا وأضاف الشاذلي عباس أنه حين تولي سعيد باشا حكم مصر رجع كلوت بك وأعاد المدرسة الطبية ثانية لمجدها مثلما كانت في أيام صديقه محمد علي باشا ،واستمر في مصر حتي عام 1860 حيث هاجر لفرنسا، واستمر هناك حتي وافته المنية في ذات الشهر الذي توفي فيه محمد علي باشا أغسطس عام 1868م لتقوم الحكومة المصرية بوضع تمثال له في مدرسة الطب في شهر يناير 1894م لمجهوداته في تقدم علوم الطب والصحة بمصر.