الأقباط متحدون - صفحة البابا!
  • ٠٢:٠١
  • الثلاثاء , ٧ اغسطس ٢٠١٨
English version

صفحة البابا!

مقالات مختارة | سليمان جودة

٠١: ٠٩ ص +02:00 EET

الثلاثاء ٧ اغسطس ٢٠١٨

سليمان جودة
سليمان جودة

كان فى مقدور قداسة البابا تواضروس الثانى أن يغلق صفحته على فيس بوك، وفقط.. فهى صفحته الشخصية، وهو حر تماماً فى الإبقاء عليها، أو إلغائها.. ولكنه أراد أن يخرج عنه بيان فى لحظة إغلاق الصفحة، يشرح القضية بكافة أبعادها، فى إيجاز بليغ، ويكشف عن حقيقة الأسباب التى دعته إلى اتخاذ القرار!

والحقيقة أن الرجل يستحق تحية خاصة على قراره، ليس لأنه قرار شجاع.. فالشجاعة ليست جديدة عليه.. وربما نذكر هنا كلمته المضيئة فى مواجهة موجة من الاعتداءات تعرضت لها الكنائس، فى أثناء ثورة الثلاثين من يونيو.. يومها كان هو الذى بادر فقال: وطن بلا كنائس خير من كنائس بلا وطن.. وقد كانت عبارة تشير فى حد ذاتها إلى وطنية صادقة لديه!

هو يستحق التحية لأنه اتخذ قراراً، أتصور أن كثيرين بيننا يفكرون فى اتخاذه، ثم يجدون حرجاً، ولا تواتيهم الشجاعة التى واتت رأس الكنيسة فى البلد!

فى بيانه قال ما معناه إن الله تعالى منحنا الكثير من العطايا، وإن أغلاها هو الوقت، وإن استبقاء صفحة الفيس بوك.. بالنسبة له على الأقل.. إهدار لهذه العطية الأغلى، ومضيعة للحياه، والوقت.. بل وللعُمر.. لأن الأجدر بالإنسان أن يُحسن استخدام ما أفاء الله به عليه!

إننى أتخيل قداسة البابا، وقد تأمل فى تفاصيل الوقت الذى يقضيه على صفحته، ثم تأمل التفاصيل نفسها لدى الآخرين، ممن يعرفهم وممن لا يعرفهم، وراح يتساءل فى مجلسه بصوت مسموع: ما هذا الذى نفعله بالعطية الأغلى التى وهبنا الله إياها؟!.. وما هذا القتل للوقت الذى نمارسه ساعات الليل والنهار، فى الصفحات المفتوحة بلا توقف على فيس بوك، وغير فيس بوك؟!.. إنه قتل عمد بلغة أهل القانون.. فماذا سنقول للخالق صاحب العطية، إذا ما راح يسألنا عن عطيته، وعما فعلناه بها، يوم الحساب؟!

أظن أن سيلاً من الأسئلة قد حاصره فى هذا الاتجاه، وأظنه بعدها مباشرةً قد اتخذ قراره.. ولم يشأ أن يكون قراراً على مستواه وحده، لكنه تمناه قراراً جماعياً، ممن يحبون ألا يكونوا فى سلة واحدة، مع الذين أهدروا هدية السماء الأغلى للبشر!

تمنى من الآخرين أن يتخذوا القرار نفسه، فأرسل إليهم تحية مُسبقة، وهو يطوى صفحته على فيس بوك، بعد أن أحس بأنه ليس من الحكمة فى شىء، ولا من العقل، ولا من المنطق، ولا من الحس السليم، أن تبقى مفتوحة!.. إننى أرى أن التحية واجبة له، ولكل مَنْ سوف يمشى وراءه فى ذات الطريق!
نقلا عن المصري اليوم

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع