الأقباط متحدون | السياسة‮ ‬بين‮ ‬القبول‮ ‬والإقصاء
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ٠٦:٠٠ | الأحد ١٠ يوليو ٢٠١١ | ٣أبيب١٧٢٧ ش | العدد ٢٤٥٠السنة السادسة
الأرشيف
شريط الأخبار

السياسة‮ ‬بين‮ ‬القبول‮ ‬والإقصاء

الأحد ١٠ يوليو ٢٠١١ - ٢٥: ١٠ ص +03:00 EEST
حجم الخط : - +
 

قراءة‮ ‬فى‮ ‬ملف‮»‬الأمور‮ ‬المسكوت‮ ‬عنها‮«-(345)‬
بقلم:‮ ‬يوسف‮ ‬سيدهم

خبران ملفتان حملهما إعلام الأسبوع الماضى: أولهما إعلان هيلارى كلينتون وزيرة الخارجية الأمريكية أن الولايات المتحدة سوف تستأنف الاتصالات المحدودة مع جماعة الإخوان المسلمين فى مصر مؤكدة أنه من مصلحة واشنطن التعامل مع الأطراف الملتزمة بالأنشطة السياسية التى لا تتسم بالعنف، وثانيهما الإعلان عن ظهور أكبر تحالف بين الأزهر والإخوان والسلفيين فى الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح التى يرأسها الدكتور نصر فريد واصل مفتى الجمهورية الأسبق.وأتصور أن كلاً من الخبرين يشكلان مادة خصبة سوف يستغلها دعاة إنتاج الرعب وتصدير الفزع وأصحاب‮ ‬نظريات‮ ‬المؤامرة‮ ‬بين‮ ‬المصريين‮!!‬

 

للأسف الشديد أن الكثيرين من المصريين- والغالبية من الأقباط- مايزالون يحيون ثورة 25يناير بقلوبهم دون عقولهم، فهم يتوقعون كل يوم تطورات مثالية رسموا سيناريوهاتها مسبقاً فى خيالهم لانتقال مصر المثالى الهادئ إلى الدولة المدنية العصرية الحديثة، ولايتبادر لأذهانهم أن الوعاء الوطنى الذى تتفاعل- بل وتتلاطم- فيه شتى التيارات السياسية يسمح بوجود سيناريوهات أخرى يحاول أصحابها شق طريقهم إلى مسار التغيير وفرض أجنداتهم عليه...أولئك المصريون -والأقباط ضمنهم-لا يستطيعون قبول هذا الواقع ولا يملكون فكر التعامل معه أو أدوات تحييده‮ ‬فيقعون‮ ‬فريسة‮ ‬الخوف‮ ‬منه،‮ ‬وذلك‮ ‬خطأ‮ ‬كبير‮ ‬لأن‮ ‬الساحة‮ ‬السياسية‮ ‬فى‮ ‬هذه‮ ‬المرحلة‮ ‬مفتوحة‮ ‬لدخول‮ ‬الجميع‮ ‬وللمنافسة‮ ‬الحرة‮ ‬فى‮ ‬إطار‮ ‬الدستور‮ ‬والقانون‮.‬

 

ولاشك أن فى أى نظام ليبرالى متعدد الأحزاب توجد تيارات سياسية متباينة التوجهات، بل وقد تكون متناقضة فى استراتيجياتها وبرامجها، لكن هذا لا يعنى أن الأحزاب أو المجموعات التى ترفع تلك التوجهات المختلفة يكون بينها عداء أو قطيعة بالضرورة، فالحوار السياسى يتحمل أن يعلن كل فريق عن تمسكه بثوابته وقناعاته وعن رفضه لما يتعارض مع ذلك، لكن لايوجد مانع إطلاقا من الحرص على وجود درجات من التلاقى والحوار وتبادل وجهات النظر بين الفرقاء السياسيين حيث تكون المصارحة واستكشاف مناطق الاتفاق وسيلة حضارية للتعامل بدلاً من القطيعة والتركيز‮ ‬على‮ ‬الاختلافات‮ ‬والتراشق‮ ‬بالتخوين‮.‬

 

من يستوعب هذه المفاهيم ويمتلك الثقة بالنفس لايفزع من الحوار السياسى حتى مع أعتى الفرقاء المختلف معهم، لأنه فى نهاية المطاف لن يخسر شيئاً ولن يجبر على التسليم بشئ لا يقبله ولن يتنازل عن قناعاته وثوابته، إنما على الجانب الآخر سيستطيع ترسيخ مبادئ وطنية وسياسية‮ ‬طالما‮ ‬افتقدناها‮ ‬مثل‮ ‬قبول‮ ‬الآخر‮ ‬واتساع‮ ‬الوطن‮ ‬للجميع‮ ‬وإعلاء‮ ‬قيم‮ ‬الحوار‮ ‬بدلاً‮ ‬من‮ ‬العنف،‮ ‬وتلك‮ ‬المبادئ‮ ‬مهمة‮ ‬جداً‮ ‬لخلق‮ ‬مناخ‮ ‬جديد‮»‬لكسر‮ ‬سم‮ ‬التعصب‮«.‬

إننى أقرأ الخبرين اللذين ذكرتهما فى مقدمة هذا المقال من منطلق ذلك الفكر الذى يتسع لاستكشاف كافة أطياف الخريطة السياسية، من أجل التعرف على الآخر دون التسليم بفكره، وأتصور أن الإعلان عن حوار أو اتصالات بين الولايات المتحدة وجماعة الإخوان المسلمين لايخرج عن هذا الإطار، كذلك الإعلان عن هيئة تشكل تحالفاً بين الأزهر والإخوان والسلفيين أتلقاه بذات الموضوعية ودون أن أسقط فريسة ذعر أو هلع أن هناك فى طيات الخبرين ما ينبئ بمؤامرة لمهادنة التيارات الدينية من جانب أمريكا أو تراجع من الأزهر أمام السلفيين بعد الوثيقة العظيمة‮ ‬التى‮ ‬صدرت‮ ‬عنه‮ ‬الشهر‮ ‬الماضى‮.‬

 

إن المتابع للخريطة السياسية الجديدة الجارى تشكيلها الآن فى مصر يدرك تماما أنها تشهد ميلاد تحالفين أساسيين قد يكون مقدراً لهما أن يقودا العمل السياسى فى المرحلة المقبلة: تحالف الأحزاب الدينية وتحالف الأحزاب المدنية...تحالف المتشددين فى الجمع بين الدين والدولة فى مقابل تحالف المتشددين فى الفصل بين الدين والدولة، ويجب أن نعى جيداً أن كل فريق من الفريقين إذا كان له حق العمل وطرح رؤيته وبرامجه على الشعب، فليس من حقه إقصاء الفريق الآخر عن الحلبة السياسية...إذاً لا مفر من قبول كل منهما للآخر شريكا فى العمل السياسى‮ ‬ولتكن‮ ‬المنافسة‮ ‬بينهما‮ ‬فى‮ ‬إطار‮ ‬الشرعية‮ ‬السياسية‮ ‬ومن‮ ‬أجل‮ ‬إقناع‮ ‬واستمالة‮ ‬الناخبين‮.‬

 

لكن كيف لنا أن نتأكد من عدم مغامرة أى فريق منهما يستحوذ على الأغلبية من واقع صندوق الانتخاب بمقدرات الوطن وحقوق كافة مواطنيه؟...وكيف لنا أن نطمئن إلى عدم العبث بالدستور المزمع صياغته إذا تولى ذلك فريق دون الآخر نتيجة واقع برلمانى أعطى له الغلبة؟...إن الرد على هذه الأسئلة لايتأتى إلا من خلال الاتفاق على مجموعة من الثوابت القومية والوطنية تعترف بها كافة المنابر السياسية وتلتزم بعدم المساس بها وتمثل الحد الأدنى لأمن وأمان هذا الوطن وجميع مواطنيه، وبعد ذلك يمكن لكل فريق أو منبر أو حزب أو تحالف سياسى أن يضيف رؤاه‮ ‬الخاصة‮ ‬وأجنداته‮ ‬وبرامجه‮ ‬التى‮ ‬يتولى‮ ‬ترويجها‮ ‬لدى‮ ‬الناخبين‮ ‬ويكون‮ ‬من‮ ‬شأنها‮ ‬ترجيح‮ ‬أو‮ ‬تعليق‮ ‬كفته‮ ‬فى‮ ‬ساحة‮ ‬العمل‮ ‬السياسى‮.‬

 

لا يمكننا أن نصل إلى هذا المبتغى فى ظل تغليب الخوف من الآخر وتخوينه وتحاشى الحوار معه ونشر الرعب والفزع من التعامل معه؟...أتصور أننا يجب أن نتجاوز مساحات أعرف أنها موجودة -ولها مبرراتها- من عدم الثقة والتوجس حتى نستطيع إدراك آليات أكثر فاعلية فى العمل السياسى...وأتصور أن ذلك هو المحرك وراء حوار أمريكا مع الإخوان وتحالف الأزهر معهم ومع السلفيين...أمريكا لن تخسر شيئاً ولن تبيع مصر، والأزهر لم يخسر شيئاً ولن يبيع مصر....والدور على كل منا أن يعى ذلك.




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
تقييم الموضوع :