واحد من اتناشر
د. مينا ملاك عازر
الخميس ٩ اغسطس ٢٠١٨
د. مينا ملاك عازر
تابعت ردود الأفعال على عظة قداسة البابا التي ألقاها يوم الأربعاء الماضي متحدثاً فيها عن الرهبنة، شروطها وضوابطها، وأشار للقرارات الأخيرة التي أصدرتها الكنيسة القبطية الأرثوذوكسية، تلك القرارات التي استهجنها الكثيرون، استهجنوا توقيت إصدارها، ولأني ممن تعجبوا من وقت إصدارها، لكنني قررت الصمت حيال تلك القرارات مفضلاً الوصول المتأخر عن عدم الوصول مطلقاً، أي أنني وبوضوح مع تلك القرارات التي تعيد الرهبنة لما يجب أن تكون عليها، لكنني تغاضيت عن فكرة التوقيت، وها هي الأيام تكشف أن القرارات كان لها علاقة بالتوقيت، والتوقيت له علاقة بضرورة اتخاذ القرارات.
لن أزيد كثيراً في تلك النقطة تاركاً لتحقيقات النيابة الفرصة للجزم بالعلاقة ومدى فاعليتها، لكنني ما أريد أن اشير إليه، وما استوقفني من بين كلمات قداسة البابا التي هي تدرس بحق في مجال الرهبنة، ليفهم العالم والرهبان ماهية الرهبنة؟ ما قاله قداسة البابا بشأن الخيانة واحتمالية أن يخرج التلميذ على معلمه ويخونه، تلك الفرصة التي وصفها البابا أنها تصل لواحد من إتناشر، معيداً ذلك، مذكراً أيضاً بما فعله يهوذا الإسخريوطي بالسيد المسيح له كل المجد، حين أسلمه لمبغضيه، خيانة يهوذا هنا واستفاقة ضميره التي قادته لأن ينتحر قرنها البعض باحتمالية الخيانة لرئيس الدير المقتول من احد تلاميذه، وحللوها بأن محاولة انتحار لأحد الرهبان أو لراهبين تؤكد ما أشار إليه البابا لم ينتبه أحد مرة أخرى إلى أن البابا نفسه أكد على أن النيابة لم تقل كلمتها، ما يعني أن البابا فقط أراد أن يطمئن الناس إلى أنه حتى وإن كان القاتل من التلاميذ ومن الرهبان فلا داعي للانزعاج وللتوتر، فهذا أمر وارد وغير مستبعد ،وهذا في نظري يعكس عمق نظرة البابا وفهمه لهول الصدمة التي مني بها العلمانيون في الكنيسة والمحيطين بها، والمهتمين بشئونها حين حدثت الحادثة، ووقعت الواقعة، فأراد أن يطمئنهم، ويذهب عنهم الصورة الذهنية التي تستبعد الخطأ من أي راهب وتفرض ثوب القداسة على كل من ترهبن.
البابا فلح فيما فعل، ولكنني كنت أتمنى أن تلك العظة تستمر في توجهات الكنيسة بمعنى أن يهتم البابا بتوضيح الأمور الرهبانية للعلمانيين حتى لا يفسدوا الرهبان بحبهم لهم، وحتى لا يقدموا لهم المغريات في صورة محبة بداعي أنه يا حرام أنهم محرومين من كذا وكذا، حتى يضيعوا منهم نسكهم الرهباني الذين سعوا له، وبهذا يكون البابا قد صحح المفاهيم المغلوطة، فلذا عليه أن يستمر في منهج تفهيم الناس أسس الرهبنة، والحديث عنها ليس للدعاية لها، وإنما أيضاً للتوعية بها، والتفهيم لمن يريد الرهبنة، ولمن يحتك بالرهبان، لألا يكون عسرة لهم، ويكونوا هم عسرة للآخرين، بمعنى أنك لو رأيت راهب يخطئ فقد تعسر فيه، ولو رأى راهب منك ما قد تراه أنت عادياً في تعاملاتك، فقد تعسره وتهدم ما بناه في سنوات طوال.
شكرا قداسة البابا على عظتك وعلى شعورك بآلم شعبك وقلقهم، وعلى طمأنتك إياهم وللأمام.
المختصر المفيد الشعور بالرعية حلو،مافيش كلام.