طريق العائلة المقدسة بين الحلم والحقيقة
مقالات مختارة | سليمان شفيق
الخميس ٩ اغسطس ٢٠١٨
مقالى الخامس والأخير حول طريق العائلة المقدسة، أربعة مقالات سابقة كتبتها بـ«اليوم السابع»، الأول كان بعنوان: «طريق العائلة المقدسة مهمة دولية بقيادة مصرية» 11/7، والمقال الثانى بعنوان: «طريق العائلة المقدسة حماس ينتظر التنفيذ» 18/7، والمقال الثالث: «رحلة العائلة المقدسة وعودة المنيا للخريطة السياحية»24/7، والمقال الرابع: «رحلة العائلة المقدسة وعودة أسيوط إلى السياحة العالمية» 31/ 7.
الأربعة مقالات أكدت فيها على أنه لم يحدث أى اهتمام حقيقى بهذه المهمة منذ القرن الرابع الميلادى عبر الملكة هيلانة والدة الملك قسطنتين وحتى الآن، ولكن البعض قام مؤخرا بالاهتمام، وهذا يشكر لمن قاموا بذلك، إلا أن كل ذلك لفت نظر النائب مجدى ملك، فتقدم بطلب إحاطة فى شهر يونيو الماضى، بشأن عدم اتخاذ خطوات جادة وعاجلة نحو تطوير الأماكن والمعالم الأثرية لرحلة العائلة المقدسة ببعض المحافظات خاصة المنيا وأسيوط، وما يترتب على ذلك من آثار سلبية لعدم استغلال الدفعة القوية، والجهود التى بذلت لتفعيل الحج إلى هذه المناطق، وبناءً على هذا الطلب استدعت لجنة الثقافة والإعلام بمجلس النواب ممثلين لوزارات الثقافة والآثار والسياحة والتنمية المحلية والمالية، للوقوف على الخطوات التى اتخذتها الحكومة بشأن مسار رحلة العائلة المقدسة ببعض المحافظات، فضلًا عن رؤية الوزراء تجاه دعم قطاع السياحة والاقتصاد المصرى، وقال النائب أسامة هيكل، رئيس اللجنة، فى اجتماعها: «إن اللجنة لا تشعر بجدية الحكومة تجاه تسويق مسار العائلة المقدسة بالشكل المطلوب، ومن ثم توصى بتشكيل لجنة وزارية يرأسها رئيس الحكومة لوضع خطة زمنية فى هذا الصدد.
وكان الخبير السياحى الكبير إلهامى الزيات، قد قال فى تصريحات صحفية، 19 مايو الماضى: «إن رحلات الحج إلى مسار العائلة المقدسة فقط لن يكون لها أى مردود اقتصادى على الدولة حاليا، وإن صرف أى مبالغ مالية على تجهيز كامل نقاط المسار سياحيا يعتبر نوعا من إهدار المال العام»، وأضاف: «أن برنامج مسار العائلة المقدسة داخل مصر لن يزوره أكثر من «100» سائح سنويا، وأن السياح الدينيين أو الروحيين باتت أعدادهم قليلة للغاية مقارنة بالسياح الذين يأتون من أجل السياحة الشاطئية أو الثقافية والأثرية».
كما تجدر الإشارة إلى أن ما نشره الزميل أسامة سلامة فى بوابة روزاليوسف أكتوبر الماضى:
«الواقع يقول إن معظم الأماكن التى مرت بها العائلة المقدسة تعانى من إهمال جسيم، وتحتاج إلى إصلاح عاجل، مثلا شجرة مريم التى استظلت تحتها العائلة فى المطرية تصرخ من التجاهل وما حولها من مخلفات لن يجعل أى سائح يعود إليها مرة أخرى، أيضا كل المحافظات التى توجد بها المزارات تعانى من قلة الفنادق الملائمة لأذواق السائحين المختلفة وقدراتهم المالية المتباينة، كما أن الذهاب إليها يحتاج إلى طرق ممهدة، بجانب أن التقارير العالمية تضعنا ضمن قائمة أكبر الدول فى حوادث السيارات، أيضا السكك الحديدية تعانى من الأعطال والتأخير فى المواعيد والحوادث من حين إلى آخر، كذلك نحتاج إلى إعداد المرشدين السياحيين وتدريبهم على كيفية التعامل مع السائح الدينى والذى يختلف عن سائح المزارات الفرعونية، وتعريف المواطنين بأهمية هذه السياحة لهم وللدولة وتثقيفهم وتعليمهم الحقبة القبطية».
ورغم صحة ما ذهب إليه الخبير السياحى الكبير إلهامى الزيات، فقد أكدنا بالأرقام والإحصائيات على أن السياحة الدينية المسيحية يتحرك لها سنويا 100 مليون سائح فى إسرائيل وفرنسا وإسبانيا ولبنان.. إلخ.
كل ذلك يؤكد على أن خبراء السياحة لا يرون عمليا فى تلك العملية الخاصة بمسار العائلة المقدسة ما يستحق الصرف المالى من الدولة، ووزارة السياحة ليس بمقدورها أن توفر المليارات الخاصة بتجهيز كامل نقاط المسار سياحيا، ومن ثم كنت قد اقترحت أن تدعو الحكومة والكنيسة المصرية والفاتيكان واليونسكو لمؤتمر دولى للمساعدة لإحياء المسار كما فعلت 1960 من أجل إنقاذ معبد فيلة، ليس فى الأمر «تدويل» للمهمة بقدر ما أقصد الاستعانة بكل الخبرات العالمية من أجل الحفاظ على مسار روحانى يهم البشرية جميعها، نذكر أيضا أن هناك كثيرين يحاولون العمل من أجل رحلة العائلة المقدسة من منظور سياحى وبلا رؤية أو دراسات علمية عن كيفية إزالة المعوقات التى تعوق التقدم فى هذا المسار، لأن هذا الضجيج بلا طحن، والبعض الآخر يتصور أن الأمر لايحتاج إلا إلى بعض الإعلانات أو الدعوات السياحية التى تشبه إلى حد ما الدعوة لموالد السيدة العذراء.
وكما أكدت فى المقالين الثالث والرابع أن الجميع نسى أن محافظتى المنيا وأسيوط، واللتان بهما أهم محطات توقف العائلة المقدسة ليستا على الخريطة السياحية العالمية!!
إن مسار العائلة المقدسة يعانى من نقص الإمكانيات المالية والثقافية، وأعتقد الرحلة التى استمرت 3 سنوات و6 شهور و10 أيام، ومرت بـ20 مكانا، غير مؤهلة للسياحة، ويتطلب الأمر:
إنشاء هيئة متخصصة لمسار العائلة المقدسة من خلالها تتم الدعوة لمؤتمر دولى برئاسة مصر ويضم الكنيسة المصرية والفاتيكان واليونسكو، وتتم دعوة الدول المنافسة لنا فى ذلك مثل إسرائيل وروسيا وفرنسا وإسبانيا والبرازيل.. إلخ، كما تجدر الإشارة إلى أن شركاتنا السياحية غير مؤهلة كما رأى الزميل أسامة سلامة، أو غير وارد فى برامجها كما قال الخبير إلهامى الزيات، وكلها ليس لها فروع عالمية ـ على سبيل المثال إسرائيل بها 34 شركة لها فروع فى 74 دولة.
نقلا عن اليوم السابع