الأقباط متحدون - دماء على أرض الدير!
  • ١٣:٣٤
  • الأحد , ١٢ اغسطس ٢٠١٨
English version

دماء على أرض الدير!

منير بشاي

مساحة رأي

٥٦: ٠٩ ص +02:00 EET

الأحد ١٢ اغسطس ٢٠١٨

دير أبو مقار
دير أبو مقار
بقلم منير بشاى
 استيقظنا فى صبيحة الاحد 29 يوليو 2018 على خبر مزعج يأتينا من مصر عن جريمة قتل مروّعة تحدث فى دير الانبا مقار بوادى النطرون وضد رئيس الدير نيافة الانبا ابيفانيوس.
 
كيف يمتد العنف الى ارض دير يرمز للسلام والسكينة والمحبة؟  وكيف يطال القتل رجلا وديعا مسالما وعالما جليلا؟  واى وحش آدمى يقدم على مثل هذا العمل وبهذه الوحشية؟ كيف يتعرض الشهيد لمن يقتله بينما هو فى طريقه للصلاة فيستخدم ضده آلة حادة تحطم جمجمة الرأس وتلقيه الى الارض وهو غارق فى بركة من الدماء؟
 
انتقلت النيابة على الفور الى أرض الدير للتحقيق.  وانتشر الخبر بين الناس كالنار فى الهشيم.  وساعد على ذلك وسائل التواصل الاجتماعى مثل الفيسبوك. ونوقش الموضوع على العديد من الفضائيات وبرامج التلفزيون.   ومن الطبيعى ان تتعدد الاراء فيمن يكون هوية القاتل وما هو الدافع لجريمته. ومن الطبيعى ايضا ان تمثل هذه الأراء قناعات شخصية داخلية ربما تكون بعيدة عن الجريمة ولكن تفسّر عند اصحابها غموض ما حدث.  ولذلك وجدنا كل طرف يتمسك بنظريته ويدافع عنها باصرار وشراسة.
 
 ولكن الاتجاهين الغالبين على النقاش هما اما ان يكون القاتل من خارج الدير او يكون من داخله.  اصحاب نظرية ان القاتل لابد ان يكون من الخارج يشيرون الى ان الدير يمر فى نزاع قانونى مع البدو المجاورين الذين قيل انهم استولوا على اراضى مملوكة للدير وأن الدير قد رفع قضايا لاستردادها والنزاع ما يزال قائما. ويشير اصحاب هذا الاتجاه الى انه سبق أن تسلق احدهم من فوق اسوار الدير ولكن لا تعرف اى تداعيات لهذا العمل.
 
اما الاتجاه الذى يفترض ان الجريمة قد حدثت من داخل الدير فهو الاكثر شيوعا وان كان يثير شجون الكثيرين.  هذا الرأى يفترض ان القاتل لابد ان يكون واحدا من الرهبان لأنه يعرف مداخل ومخارج الدير والاسهل فى الحركة داخل الدير.  ولكن المعترضين على هذه النظرية لا يقبلون احتمال ان راهبا مات عن العالم وذهب للدير باختياره الحر وهدفه من هذا هو خلاص نفسه، لا يتصورون ان راهبا يمكن ان يقتل راهبا آخر.  وحتى اذا تطور الامر الى كراهيته فكيف يمسك راهب بآلة حادة ويزهق حياة راهب آخر وما الفائدة التى ستعود عليه من هذا؟
 
المعترضون ايضا يزعجهم احتمال ان يشمت البعض من المتربصين بالمسيحية فيشيروا الى كذب ما يقوله المسيحيون بان عقيدتهم هى المحبة للجميع حتى الاعداء.  فكيف يستقيم هذا المفهوم فى حالة حدوث جريمة قتل مروّعة داخل دير وبين الرهبان فما بالك بالعالم الخارجى وبين عامة الناس؟  هذا رغم ان هذه الجريمة ليست شائعة ولا يمكن اخذها كدليل لاقرار قاعدة عامة.
 
  فى صميم المشكلة ان رهبان الدير ينقسمون الى فريقين احدهما يتبع افكار الأب متى المسكين والفريق الآخر يحبذ افكار البابا شنودة.  ومع ان قادة الفكرين لا يعيشان بيننا ولكن يبدو ان بعض اتباعهم ما يزالوا يتنازعون فيما بينهم حول بعض الافكار. ولكن هل يصل الامر الى درجة تصفية الخلافات بالقتل؟ هذا امر لا يستطيع احد ان يتصوره او يقبله.
 
 ثم تدخلت فى حسابات المعضلة شخصية غريبة وهى الراهب اشعياء المقارى.  وتم تداول تفاصيل افعال نسبت له تتضمن مخالفات مالية قيل انها دعت الانبا ابيفانيوس الى التفكير فى شلحه وتسببت فى كراهية الراهب لرئيس الدير، مع انه لم يشلحه، وقيل انه كان يحاول اصلاحه.
 
 تطوّرت الامور وازدادت الشائعات التى تقول الشىء ونقيضه.   ثم رأينا بعض التوجهات التى تأخذنا الى مسار خاص.  اجتمعت لجنة الاديرة بالمجمع المقدس واصدرت قرارات لضبط الحياة الرهبانية.  وتساءل الناس لماذا الآن؟ وما صلة توقيت اصدارها بالجريمة؟  وفى نفس الاتجاه اصدر قداسة البابا قرارا بشلح الراهب اشعياء وعودته الى حالته العلمانية.  والقى قداسة البابا عظة حثّ الناس فيها على عدم الانزعاج اذا ثبت ان راهبا قد ثبتت ادانته فلا يوجد من هو معصوم من الخطأ وحتى تلاميذ المسيح الاثنى عشر كان بينهم من خان سيده وهو يهوذا الاسخريوطى.
 
 وحتى وقت كتابة هذه السطور ورغم الاشارات التى لا تخطىء العين ملاحظتها فانه رسميا ليس معروفا من هو القاتل.  وحتى بعد تحديد المتهم فليس معناه أنه هو القاتل فالمتهم برىء حتى تثبت ادانته عن طريق محاكمة نزيهة.
 
 ليس هدفنا تبرىء انسان او تجريم آخر ولكن كل ما نتمناه هو العدل .  وفى قضية رأى عام كهذه ينقسم فيها الناس نتمنى ان لا يصدر الحكم ليراعى هذه الحساسيات او التوازنات المجتمعية على حساب العدل لكل الاطراف.
 
المؤكد ان الشهيد الانبا ابيفانيوس سيأخذ حقه كاملا من عدالة السماء،  وان الجانى مهما كان سيأخذ أيضا جزاءه الكامل من عدالة السماء.  وفى النهاية سنـنظر يوما للوراء لنرى هذه الاحداث على انها مجرد حجر صغير على الطريق تخطّته الكنيسة وخرجت منه اكثر قوة وصلابة.  والمؤكد ايضا ان كل مخططات ابليس للنيل من الكنيسة ستفشل لأن أبواب الجحيم لن تقوى عليها. 
 

 

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
حمل تطبيق الأقباط متحدون علي أندرويد