الأقباط متحدون - مع الرب يسوع ..اغلبواالكراهية والانقسام
  • ٢٢:١٠
  • الأحد , ١٩ اغسطس ٢٠١٨
English version

مع الرب يسوع ..اغلبواالكراهية والانقسام

د. مجدي شحاته

مساحة رأي

٥٣: ٠٢ م +02:00 EET

الأحد ١٩ اغسطس ٢٠١٨

قداسة البابا تواضروس الثانى
قداسة البابا تواضروس الثانى

بقلم : د . مجدى شحاته
تكتنف كنيستنا القبطية الارثوذوكسية  أقوى وأقدم كنائس العالم ومعها رجل الله، قداسة البابا تاوضروس الثانى حملة ممنهجة تهدد بشق الصف والانقسام .

يقود تلك الحملة المشبوهه، بعض الاعلاميين المغمورين من دكاكين بعض الفضائيات او على صفحات صحف باهتة صفراء، ونفر لا نعرف لهم هوية يطلقون على أنفسهم ( نشطاء )ولا أحد يدرى ما هو أوجه نشاطهم بالتحديد او( مفكرون ) ولا نعرف فى أى شيء يفكرون ؟  ومعهم كتائب من اصحاب صفحات التواصل الاجتماعى ، الباحثون عن شهرة مزيفة ،ليس لهم عمل صالح فى دنياهم سوى التريقة وبث الفرقه والانقسام. والكل نسوا او تناسوا  ان الجميع زاغوا وفسدواوأوعزهم مجد الله ... وان كنيستنا القوية الظافرة لم ولن تقوى عليهاأبواب الجحيم .ياللشيطان الذى رسخ فى أذهان البعض أن لهم الحق ان ينصبوا أنفسهم أولياء على كنيستناالعريقة لادارتها وفقا لارادتهم، أو عينوا أنفسهم قضاة لمحاسبة قادتها  !! لقد عاشت كنيسة المسيح بعد العنصرة مجتمعا مشتركا محبا على أعلى مستوى من التراحم ، وتذوقت الارض هذه النعمة السمائية لأول مرة فتطهرت من حانانيا وسفيرة وسيمون الساحر  الى ان تسللت اليها بعد هذا كله ، الانانية وحب التسلط والسيطرة وراغبى الشهرة  . بات مجتمع الكنيسة لا يختلف كثيرا عن مجتمعات الدنيا بكل مفاهيمها الارضية المادية السلطوية . ان الحديث عما يدور فى داخل الكنيسة أمر محفوف بمحاذير عديدة وليس أمامنا أى خيار الا الصلاة لتعبر الكنيسة محنتها بسلام وقوة وعافية مع احترام وتبجيل القيادات الكنسية وتقديم الدعم الكامل لها والتكلم عنها بكل المسئولية والتوقير .هذه السطور ليست مجرد دفاعا عن قداسة البابا رجل اللهفقط ، بقدر ما هى الا محاولة أمينة صادقة لفهم ما يدور فى أروقة هذه المؤسسة الروحية الوطنية المخلصة من امور مستجدة بالاضافة الى تراكمات عديدة منذ عقود طويلة مضت .

 كثيرا ما نقول ونردد ان الباباانسان من بين البشر ،وغير معصوم من الخطأ .. نعم وهذا واقع صحيح ، ولكن فى نفس الوقت ، قداسة البابا هو خليفة مار مرقس الرسول ، جاء بالانتخاب واختيار من السماء  ليرأس أعرق وأقدم كنيسة  فى العالم .. وهو رجل الله له قيمة وقامة وليس من حق أى انسان او كل من هب ودب ، من محترفى فنون الانفلات الغير أخلاقى بالتطاول على قداسته  .. يتجنى ويفترى فى تجاوزات غير مقبولة او مبررة على الاطلاق .. اقول لهم .. من أنتم  ؟؟ من اين أتيتم ؟؟تدعون ان ماتعرفونه هو الصواب وما يقوم به البابا هو الخطأ !!كلام غير منطقى وغير مقبول .لايمكن أن ننكر أن ما حدث فى دير أبو مقار بوادى النطرون مؤخرا حدثا جلل أدمى قلوبنا  ، وهز مشاعرنا ووجداننا ، لكنه لم ولن يهز ايماننا وثقتنا ومحبتنا فى كنيستنا وقادتها واخوتنا وآبائنا الرهبان . لقد اختار السيد المسيح له المجد بنفسه وبكل عناية اثنى عشر تلميذا وظهر من بينهم التلميذ الخائن يهوذا الاسخريوطى الذى اسلمه للرومان بثلاثين من الفضة . وجود يهوذا وسط التلاميذ لم يضرهم بل أفادهم فائدة كبيرة . تعلم التلاميذ من يهوذا كيف يتجنبون طرق السلوك المعوج

مع السيد المسيح ، ويسلكون بكل الولاء والاخلاص والمحبة لأنهم رأوا بأعينهم نهاية الخائن " واذ سقط على وجه انشق من الوسط فانسكبت أحشاؤه كلها وصار ذلك معلوما عند جميع سكان اوشاليم " .المهم أن قصة يهوذا الخائن ليست بالضرورة  نجعلها مقياسا لنا، لتبرير أخطاؤنا والتمادى فيها .ولكن الخائن والخاطئ موجود فى كل مجتمع وهذه هى طبيعة بشرية ولا ينبغى أن نسلك بها . فى نفس الوقت لابد لنا ان ندرك ان العنصر البشرى الذى يتملكه الشيطان ويستطر على أفعاله ومشاعره هم أقلية شاذة مرفوضة . ولا يمكن ان نجعل من هؤلاء الخوارج أغلبية او قاعدة عامة .ان الانسان الخاطئ لا يريد أن يكون خاطئ هو وحده لذلك يترصد الناس من حوله متجسسا على أى شئ  ولو بالباطل ، ويتعلل بأنه يريد اصلاح المجتمع فيبدأ فى ادانة الآخرين حتى القديسيين منهم ويستمر فى التشهير والتجريح .        لابد من الثقة الكاملة فى مؤسسات الدولة والكنيسة واحدة منها . لا تجرفنا تيارات انفعلات طائشة أو تشنجات غير محسوبة . الكنيسة القبطية تواجه حربا ضارية بالوكالة من مثيرى الشائعات والفتنة !! ولا أجد أى مبرر لهذه الهجمة ، ولمصلحة من أحداث شرخ بالكنيسة القبطية ، ونسمع عن ترديد مقولات دخيلة على مفردات الكنيسة  مثل مقولة : "تصفية حسابات قديمة .. وصراعات بين حرس قديم مع حرس جديد " !! ولا أدرى ، منذ متى دخلت هذه المصطلحات الدنياوية الدخيلة الى كنيستنا ؟؟ وكلها على حساب دماء شهداء الكنيسة ، وآخرهم الانبا ابيفانيوس الاسقف ورئيس دير ابو مقار بوادى النطرون . ان الكنيسة القبطية لديها ضمير واعى ومسئولية عظيمة أمام الله لا تتصرف بفكر العالم وأمور الدنيا .

ان غياب الظهير الشعبى للكنيسة على صفحات التواصل الاجتماعى ووسائل الاعلام الاخرى للرد والتصدى على توجيه الاتهامات ونشر الشائعات واثارة الفتنة ضد الكنيسة ،وهى الاخطر والاقوى من الردود الفردية او التى تظل حبيسة صدور وعقول الاوفياء والعقلاء المخلصين للكنيسة وقداسة البابا ، الامر الذىيجعل الساحة خالية مفتوحة أمام المعاندين والمقاومين  .. ولكن لاتحزنى يا كنيسة الله ، رد السماء قادم  لامحالة  .. وبقوة .. ان عاجلا أو آجلا .. وسيكون  ردا  رادعا .. حاسما  .. وقويا .. انه وعد صادق امين  من صاحب البيعة... فابواب الجحيم لن تقوى عليها.

تولى قداسة البابا تواضروس الثانى المسئولية فى ظل ظروف سياسية ومجتمعية بالغة الصعوبة والتعقيد كلنا نعرفها جيدا  ، شكلت مجموعة كبيرة من التحديات الصعبة . وكان لزاما على قداسة البابا ان يساند الدولة وبكل قوة وشجاعة واخلاص خلال ثور 30 يونيو.                      يسبق كل ذلك الايمان بالله والوطن يؤيدة ملايين الاقباط من المصريين ، والتاريخ شاهد على ذلك . تصرف البابا بحكمة بالغة من عند الله ليجنب الوطن  حرب أهلية طاحنة طائفية كما حدث فى دول صديقة مجاورة أكلت الاخضر واليابس . وكان من المؤكد ان يكون هناك رد فعل من أعوان الشر تمثل فى استشهاد العشرات من المسيحيين المصريين وحرق وتدمير عشرات الكنائس والمؤسسات المسيحية وممتلكات الاقباط ، لم يكن امام قداسة البابا رفاهية


الاختيار نحو وقوف الكنيسة القبطية مع الدولة المصرية ضد الفاشية الدينية المتطرفة ، وقال مقولتة التاريخية : " وطن بلا كنائس أفضل من كنائس بلا وطن " . ان الواقع المرير كان يؤكد ان التدمير والحرق والتخريب بعد الانفلات الامنى بعد 25 يناير قادم لامحالة شئنا ام أبينا وهو نفس المصير الذى لاقته كثير من مؤسسات الدولة .

 لقد أكد الواقع ان بعد خمسة سنوات من تولى قداسة البابا مهامة الكنسية ، تأكد للجميع مدى اخلاصه الصادق للوطن وانحيازه الكامل نحو الاصلاح وترتيب البيت من الداخل والانفتاح الواعى مع كنيسة الفاتيكان وكنائس الطوائف الاخرى فى كافة أنحاء العالم ، والسعى نحو مساحات للتواصل المشتركة بين الكنائس المختلفة وهذا بلا شك ما يتمناه ويرجوه كل مسيحى صادق وأمين فى كل أنحاء الارض .

منذ تولى البابا المسئولية أصبح لدى قناعة كاملة ان قداسته يعرف تماما كافة المشاكل والتجاوزات الحاصلة فى الكنيسة القبطية وما يدورداخل الاديرة ، وان المسألة ليست موضوع تجاهل او عدم معرفة ،لكنها مجرد أولويات ، فكل مرحلة لها وقتها . من جهه اخرى هناك امور متعلقة ببعضها جاءت من رحم سنوات طويلة مضت  مما شكلت صعوبة لا يمكن حسمها والبت فيها خلال السنوات القليلة الاولى من ولاية قداسة البابا .هناك تحديات ضخمة بالغة الحساسية لايمكن الخوض فيها دفعة واحدة ولكن الامر يتطلب الاعلان عنها فى مراحل متدرجة ، وليس كل ما يعرف ينبغى أن يقال . فى هذا الاطار لا بد لنا أن نقررانه ليس هناك من حرج ان نتكلم بكل شفافية عن  " الاصلاح الكنسى " دون ان نختصر مفهوم هذا الاصلاح فى دائرة الفساد او الانحراف وحصره فى هذا النهج الضيق ، وانما الاصلاحبمفهومه السليم يقصد به العمل والسعى نحو الكمال واحلال امور سلبية باخرى ايجابية وانه ضرورة مجتمعية ومسؤلية روحية وطنية فقد أمرنا رب المجد يسوع ان نكون كاملين " كونوا كاملين كما أن أباكم الذى فى السموات هو كامل " ( مت 5 : 48 ) .نعم لقد حان الوقت ان يقوم قداسة البابا بفتح الملفات المغلقة والتى يتضمن بعض منها أفكار عقيمة ومشكلات ترسبت منذ عقود طويلة مضت ، فتح تلك الملفات ليس من منطلق المحاكمة أو القصاص أو تصفية حسابات كما يدعى البعض ، وانما للأصلاح والتنوير وخطوة نحو الوحدة المنشودة بين الكنائس . هذا الطرح اصبحت ملامحة تظهر من خلال تصريحات قداسة البابافى الايام القليلة الماضية ، والتى تشمل المضى قدما فى مواجة التيار المتشدد اليمينى وانضباط الحياة الرهبانية فى كافة الاديرة منأجل استمرار رسالة الدير المباركة العمود الفقرى للكنيسة ، هذا الامر يتطلب مؤازرة كافة الشعب القبطى لقداسة البابا بشكل ايجابى وفعال .. نقف بجانبه بكل القوة ، سندا وعونا لصد التيارات الخارجية القوية...  وقفة رجل واحد .. وقلب واحد .. وان نتحلى فى  بالحكمة والعقلانية ..  ونضع كل ثقته فى لله الذى يقود الكنيسة ...نفهم ونعى جيدا أننا جميغا نركب مركبا واحدا ... الرياح حولنا شديدة وعاتية ... نصلى معه أن يقودنا الله الى بر الامان ... من له آذان للسمع فليسمع ...

خلال رحلة الاصلاح لايمكن ان ننكر ان المسيحيين فى مصر مازالوا يواجهون مشاكل متنوعة ، ليست توجهات من الدولة ، لكنها  تراكمات من أصحاب الافكار المتطرفة والكل يعلم بان تصحيح الفكر البشرى يحتاج مزيدا من الوقت والوعى والشفافية والانفتاح على الاخر ، والمضى قدما وكسر حاجز التعنت الذى يحول دون الوصول الى تصحيح الخطاب الدينى ، ذلك الموضوع الحيوى الذى كثيرا ما نادى به الرئيس عبد الفتاح السيسي . فى هذا الصدد لابد من الاشادة بالنقلة النوعية المميزة فى علاقة الدولة بالكنيسة . منها على سبيل المثال ، زيارة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي للكاتدرائية المرقسية للتهنئة بعيد الميلاد المجيد الامر الذى تحول الى تقليد سنوى . كذلك رد الفعل السريع حينما قام سلاح الطيران المصرىالعظيم والمبادرة  بضرب التنظيم الارهابى فىمدينة درنة فى ليبيا عقب استشهاد الشباب المسيحى المصرى ذبحا فى فبراير 2015 ، تلى ذلك زيارة الرئيس السيسي لقداسة البابا بالكاتدرائية لتقديم واجب العزاء فى شهداء الوطن  ، الامر الذى كان له أثر عظيم فى التعبير عن أهمية المواطن المصرى خارج وطنه .فى نفس السياق قامت الدولة بوفاء العهد وأعادة بناء و ترميم كافة الكنائس والمؤسسات المسيحية التى دمرت وحرقت بعد فض اعتصامى رابعة والنهضة . كذلك قامت الدولة ببناء أكبر كاتدرائية فى الشرق فى وسط العاصمة الادارية الجديدة مع أكبر مسجد فى الشرق ، وقد قام الرئيس السيسي بافتتاح الكاتدرائية الجديدة ليلة عيد الميلاد بعد عام واحد من اعطاء الامر بالبناء والذى تم فى زمن قياسى غير مسبوق .

ان ما لا يفهمه المعاندون الرافضون اليوم  ، يفهمه جيدا أبناء الكنيسة المخلصون . نفهم جيدا جهود قداسة البابا الذى يسعى من خلالها الاصلاح وترتيب البيت من الداخل . نفهم جيدا ان التجريح والتطاول والتقسيم والهدم امور سهلة لدى الاشرار ، ونفهم ان تحول الاشرار الى أحباء محبين مخلصين أمر صعب لكن رغم صعوبته ،فهو الواقع الذى يسعى اليه قداسة البابا ويصلى من أجله بلجاجة ودموع . وأقول للمعاندين الرافضين ، ان اردتم الاستمرار فى هجومكم وعنادكم فلتكن مشيئتكم ، وسنرى ايضا مشيئة الله ،وكونوا على يقين ان قداسة البابا المحب  ، سيظل هو الاخر مستمرا فى الصلاة من أجل خلاصكم ، مقدما لكم كل الحب ، لأن المحبة من أهم الفضائل التى يتقنها قداسته .

الرجاء هو احدى الفضائل الثلاثة الكبرى التى تكلم عنها معلمنا بولس الرسول " الايمان والرجاء والمحبة هذه الثلاثة " ( 1كو 13 : 13 ) . الانسان الذى له رجاء ، لا ينظر الى الضيقات ، ولكن يتطلع الى السيد المسيح الذى قال : " أنا قد غلبت العالم " وسيبقى هذا الرجاء الى المنتهى ، بالرجاء نربح سلاما فى القلب ، طمأنينة فى الداخل ، فرحا قلبيا . اليوم لنا رجاء فى رب المجد يسوع الذى لا يصعب عليه أمر وأنه قادر على كل شئ . الله الذى غلب العالم ، نتضرع اليه أن يغلب العالم مره اخرى ، يغلب الكراهية والحقد ، يغلب الانقسام والتفكك الذى يهددنا ، الرجاء الذى يؤكد ان الله وسط أولاده ، وفى يمينه رعاة الكنيسة وقادتها ويؤكد لنا " لا يخطف أحد من يد أبى شيئا "  ( يو 1 : 29 ) .

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع