رغم التقصير الإعلامى الواضح، فى رأيى، فإن الشعور بأننا عبرنا شوطا صعبا وطويلا من الطريق الصحيح قد ملأ صدور ملايين المواطنين، ويبدو أن أعداء عودة مصر إلى صدارة المشهد، وطنيا وعربيا ودوليا، قد أصابهم مس من الجنون، فأخذ صراخهم يعلو بصورة مفزعة لإخراس أى صوت يشجع مسيرة استعادة الهوية المصرية التى يستحيل أن ينكر أحد مهما يبلغ من وقاحة، أنها تعرضت خلال العقود الاخيرة إلى مخطط هدام، متعدد الاهداف..فمثلا احتل شاشات التليفزيونات، التابعة للدولة وكذلك التابعة لرجال الأعمال، أشخاص تتباين مصالحهم وتتناقض أفكارهم أحيانا، حيال المبادئ الأساسية لمفهوم الوطن.. وكنت ممن نبهوا الى خطورة ظاهرة الدعاة الجدد وأشرت إلى أن ما يشغل هؤلاء، أو بالأحرى، ما يريدون انشغال الناس به، هو المظهر الدينى وليس جوهر الدين.. وليس أدل على صدق ظنى من مسألة نزع فنانة مصرية النقاب ثم الحجاب، وكأن الدنيا قد توقفت مع هذا التصرف الشخصى وحرية الانسان فى ارتداء ما يريد، مادام لا يخدش حياء المجتمع.. وإضافة الى الضجة التى أثارها موضوع الفنانة فقد اتضح أن فرض زى معين على المرأة المصرية، قد أزاح قضية السلوك القويم والالتزام بجوهر القيم الدينية الى مرتبة ثانوية، أقل أهمية بكثير.
كذلك فرضت الضجة التى أثيرت تساؤلا مهما بصدد قوى مصر الناعمة، وخاصة السينما..فما يمكن استخلاصه من الضجة إياها، أن الفن رجس من عمل الشيطان، وحيث يصعب إثبات ذلك بالحجة العاقلة، فإن فرض النقاب على كل نساء مصر، يعنى بالضرورة، موت السينما التى تعتبر من أهم أسلحة القوة الناعمة المصرية..ولنتذكر كيف كان يتم الاحتفال الصاخب، بأى فنانة ترتدى الحجاب وبالتالى يتحتم عليها أن تعتزل.. ومعروف ان بعض الممثلات قمن بأدوار فنية مع ارتدائهن الحجاب وتلك ادوار صغيرة وهامشية وتدفع بالفن السينمائى الى صحراء قافرة قاحلة.. ومن مساوئ التركيز على المظهر الدينى وليس الجوهر، حرص أى منحرف، على التقاط صوره وسط كل ما يمكن من مظاهر دينية.. ووسط هذا المناخ الدخيل على مصر قام الرئيس عبد الفتاح السيسى بافتتاح عدد من المشروعات العملاقة خاصة فى صعيد مصر، الذى ظل مهمشا لعشرات السنين، فشاهدنا مصانع الحديد والأسمنت والرخام والجرانيت ومحطات الكهرباء والمشاريع الزراعية وغيرها.
بمعنى آخر، فقد اصطدمت حروب الجيل الرابع، الرهيبة، وشائعاته، بواقع يصعب ألا يراه كل ذى عينين.. ومن بين الحيل البائسة اليائسة، تستعر الأكاذيب بادعاء فشل مشروع قناة السويس الجديدة والتشكيك فيما حققته لمصر من إيرادات، ناهيك عن تحسين خدمة مرور السفن العملاقة، كما يردد أعداء التقدم عبارات التحسر على أموال الشعب التى يهدرها النظام على إنشاء الطرق والكبارى، وكأن كل المصانع التى فتحت أبواب الأمل فى العيش الكريم والإنتاج الجدير بمصر، سوف تكدس إنتاجها داخل ابنيتها، لافتقارها الى طرق تحقق نقل بضائعها، بدلا من نقله عبر طرق صالحة لأسواق داخل مصر أو إلى الموانئ لتصديرها للخارج.. لقد شاهدنا وشاهد معنا العالم بأسره، العدو والصديق، النهضة الصناعية التى تتحقق على قدم وساق، وهذا جانب من مصر التى فى خاطرنا والتى ستعود بإذن الله الى مكانها ومكانتها، حيث تهتم القيادة ببناء الإنسان مع بناء الصروح الصناعية، وكلها لخدمة الإنسان وتحقيق رفاهة له يستحقها عن جدارة، وكل سنة ومصر بخير وأمل فى غد أفضل نراه يتحقق أمام ناظرينا.
نقلا عن الأهرام اليومي