دمعة نجاحي
تريزا سمير
ثقافة و أدب | بقلم: تريزة سمير
الخميس ١٤ يوليو ٢٠١١
بقلم: تريزة سمير
هل سأذوق اليوم طعم نجاحي وأجني ثمار تعبي فرحًا.. أشتاق لهذا الطعم الذي يغير تفاصيل ملامحي البائسة، طعم يأخذني إلى الشعور بالنشوة.. لا يوجد أي شيء يساوي مقدار هذا الإحساس... أتمنى ان اتذوقه هذا العام فنتيجة الثانوية العامة ستحدد مستقبلي وحياتي فيما بعد..... آه... أخشى من طعم الفشل هذا الشعور الذي يلاحقني ليس في دراستي ولكن في الحياة.
فشلت أن أقيم علاقة ناجحة مع زوج أمي، حاولت كثيرًا ولم أنجح قط، باءت كل محاولاتي بالفشل.. ولكن... لابد أن أنسى هذا أو أتناساه الآن.
أتذكر فقط نتيجة اليوم.. نعم اليوم فقط هو الذي يمكن أن يكون عونًا لي في تغيير النظرة السوداء التي أراها منذ وفاة والدي.. والدي الذي كان يمثل لي الصديق والأب، كان يساعدني بشكل دائم على الاستذكار للنجاح، وليس هذا فقط بل كنت أشعر بالفرحة لمجرد تواجده في المنزل.. ومنذ غيابه غابت كل الأشياء وغابت الحياة... حتى بعدما مات ظل يشجعني.. والآن أراه وأشعر بوجوده بجواري... الآن أحتاج إليك يا أبي حتى تعطيني الطمأنينة... اليوم نتيجتي التي كنت تنتظرها طويلًا.. كم تكلمنا سويًا عن أهمية هذا اليوم بالنسبة لمستقبلي... قلت لي يومًا "ستحصلي يا منى على أعلى مجموع لن أتنازل عن 90% من المجموع الكلي أرى أنك تستطيعين تحقيق هذا المعدل.. وإذا اجتهدت أكثر ستكون النتيجة أعلى"...
أبي.... لقد اشتقت إليك كثيرًا جدًا..... أبي هل تشعر بي وبالقلق الذي أعاني منه.... فمع دقات الساعة التي يتم فيها إعلان نتيجتي يكاد يخرج قلبي مني... قد يخرج من الخوف...هل سأتذوق طعم نجاحي أم مرارة الفشل والإحباط واليأس... لا أعرف... كل ما أعرف أن هذه النتيجة ستغير مجرى حياتي إما إلى الأمام أو الرجوع إلى الخلف...
أصبحت الامتحانات ونتائجها أمر يحدد المستقبل والمصير أكثر من أي شيء آخر.. وأصبح التفوق الدراسي هو أمل البشرية جميعًا وأعلى طموحهم، وتم اختزال إمكانيات الفرد العقلية في قدرته على التحصيل.
ياله من قصور في تحديد المصائر وتقييم الأشخاص ...
تجمد تفكيري وأخشى من لحظة إعلان النتيجة... تحدثت أمي إليَّ وبثت في نفسي الصبر والأمل.. ثم دخل زوج أمي قائلًا: "لا تعطوا اهتمامًا بالنتيجة أكثر من هذا، الأمر لا يستحق هذا القلق، فلا تخافي من الرسوب.. ستتزوجين في هذه الحالة، قال هذا الكلام وخرج.. وكأنه ضربني على ظهري بسوط ثقيل، تبلدت كل مشاعري ولم أشعر إلا بالضجر والاختناق.
أقتربت أمي وأخذتني بين أحضانها.. وبكينا سويًا... ثم طرق الباب مرتين... تسمرت في أحضان أمي متشبثة بأيديها، إلى أن قالت مريم صديقتي "مبروووك يامنى" "مبروك ياطنط على نجاح منى بمجموع 95 % ".
مريم.. ماذا تقولين.... هل ما أسمعة صحيح يا أمي... صحيح؟؟
مسحت أمي دموعي بيديها وقلت لها في تلك اللحظة إنها دموع نجاحي!
دمعة نجاحي يا أمي التي انتظرتها طويلًا!
نسيت كل الأفكار المؤلمة والمحطمة... دخلت غرفتي وأخذت صورة أبي بين أحضاني قائلة "لقد نجحت يا أبي... لقد حققت حلمك... هل تسمعني.. هل تشعر الآن بهذا الفرح.. هل تتذوق طعم هذا النجاح إنه طعم يأخذني إلى عالم آخر.. كنت أتمنى وجودك معي الآن.... لأرى الفرحة في عينيك.. ولكني أشعر بأنك تفرح لأجلي.... وتذوق طعم نجاحي الآن.