الأقباط متحدون - المعارضة في الثقافة الشرقية
  • ٠٠:٥٤
  • الأحد , ٢٦ اغسطس ٢٠١٨
English version

المعارضة في الثقافة الشرقية

مقالات مختارة | بقلم : عماد جاد

٥١: ٠٩ م +02:00 EET

الأحد ٢٦ اغسطس ٢٠١٨

عماد جاد
عماد جاد

 تعد المعارضة جزءا من النظام السياسى فى الدول الديمقراطية، فأحزاب وقوى المعارضة اليوم، قد تتولى السلطة غدا، فمن بين أسس النظام الديمقراطى إجراء انتخابات دورية والتداول السلمى للسلطة، صحيح قد يسيطر حزب سياسى واحد على السلطة لفترة زمنية طويلة أو يجرى تداول السلطة بين حزبين كبيرين، إلا أن الصحيح أيضأ أن من يتواجد فى موقع المعارضة أو خارج السلطة بصفة عامة يجرى التعامل معه على أنه جزء من النظام السياسى وجزء من المنظومة الشرعية، وفى أوقات الأزمات، فى نظم الحكم البرلمانية، مثل إسرائيل وبريطانيا والهند، عادة ما يتم تشكيل حكومة وحدة وطنية من الأحزاب السياسية الشرعية المختلفة بصرف النظر عن أوزانها النسبية فى البرلمان. أما فى النظم الرئاسية مثل الولايات المتحدة الامريكية فعادة ما يستعين الرئيس بالحزب الآخر الموجود فى موقع المعارضة للتباحث فى سبل مواجهة الأزمة ويستمر التواصل طوال فترة الأزمة وما إن تنتهى حتى يعود كل حزب إلى موقعه.

 
أما فى النظم غير الديمقراطية بصفة عامة فقد جرى زرع صورة نمطية سلبية للغاية لكل أشكال المعارضة، وجرى عن عمد الخلط بين كل مكونات هذه القوى دون تفرقة أو تمييز بين معارضة وطنية ترى نفسها جزءا من النظام السياسى وتعمل تحت سقف الوطن، وبين قوى هدامة وجماعات إرهابية تعمل من أجل إسقاط النظام السياسى والاستحواذ على السلطة وتدشين نظام سياسى مغاير فكريا وأيديولوجيا. فى الشرق تراكمت ثقافة تنظر بعين الشك والريبة تجاه كل صوت مختلف دون النظر إلى ما يحمل من رؤية وموقع العمل داخل النظام السياسى أو خارجه، فكل معارض هو بالضرورة شرير، هدام يعمل لحساب قوى خارجية تستهدف الوطن. وللأسف الشديد انتشرت هذه الرؤية بين صفوف مكونات حزب أو تكتل الأغلبية بحيث باتوا ينظرون إلى أعضاء المعارضة باعتبارهم خارجين عن المصلحة الوطنية ويعملون لحساب أجندات خارجية، حيث سادت قاعدة من ليس معنا فهو علينا ومن ثم فهو عدونا، وبات المقياس أو معيار الحكم يرتبط بشخص الموجود على رأس السلطة، ومن ثم كثيرا ما يجرى القفز من فوق مواقع الانتماء إلى مواقع أخرى مع تغير شخص الحاكم أو حدوث تغير فى التوجهات الأيديولوجية.
 
وتعد هذه الثقافة العائق الرئيسى اليوم أمام تطور النظم السياسية باتجاه الديمقراطية فى الكثير من البلدان الشرقية، وبدلا من فتح النظام السياسى ووضعه على طريق التطور يجرى ابتداع طرق وأشكال جديدة للتحايل على نصوص الدستور مثل الظاهرة الروسية التى ابتدعها الرئيس الروسى فلاديمير بوتين، باستخدام رئيس الوزراء ميدفيديف كمحلل له بعد انقضاء دورتين له فى الرئاسة، فحيث إن الدستور ينص على فترتى رئاسة فقط، ولكنه لم يكن محددا كالدستور الأمريكى الذى ينص صراحة على أن من يقضى فترتى رئاسة متتاليتين، ليس من حقه الترشح مرة أخرى، فإن بوتين وبعد أن يقضى فترتى رئاسة يرشح رئيس وزرائه للرئاسة ويتولى هو منصب رئيس الوزراء لفترة واحدة ثم يعود للترشح من جديد.
 
أخطر ما يترتب على انتشار هذه الثقافة أنها تمهد الأرض لانتشار نظرية المؤامرة، وتجعل شقا كبيرا من النخبة بأشكالها المتنوعة يتماهى مع النظام، وتعطى لنفسها الحق فى احتكار الوطنية وتوزيع صكوكها ومن ثم انتشار ثقافة التخوين.
نقلا عن المصرى اليوم
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع