معيناً نظيره
مقالات مختارة | بقلم : بولا وجيه
٥٠:
٠٦
م +02:00 EET
الجمعة ٣١ اغسطس ٢٠١٨
تب موسى النبي في سفر التكوين وبالتحديد في الإصحاح الثاني والعدد الثامن عشر تحديداً "وقال الرب الإله: ليس جيداً أن يكون آدم وحده فأصنع له معيناً نظيره".
وهنا تأتي الفكرة التي ربما ينساها رجال كثيرة وفتيات وسيدات أيضاً وهي فكرة المعين النظير، رغم أن فهم ذلك المنظور ربما سينهي الكثير من الخلافات التي موجودة الآن بين الرجال والنساء.
لكن أولاً ما معنى المعين؟!، المعين هو الشخص الذي يمكن أن تلجأ إليه وقت تعبك وأحزانك، تثق أنك يمكن أن تكون بخير لأنه بجانبك في الدنيا، أعلم جيداً أن البعض سيقول أن المعين هو الله!، ولكن يا عزيزي أيضاً هناك من يضعهم الله في حياتك ليعينوك، وتلك رحمة كبيرة من الله -عز وجل-
فكما يطمئن قلب الصغير بوجود أبويه، يطمئن قلب الكبير أيضاَ بوجود معينه نظيره في حياته، لأنه يعلم أن أحدهم قلبه يشاركه كل التفاصيل، يعيش معه في كل موقف وكل لحظة يمر بها، المعين هو السند لك في الدنيا.
أما النظير، فيقصد بها الله -عز وجل- أن يذكرك بأنه مثلك، لا ينقصه عنك أي شيء، يفكر ويشعر ويدرك مثلك، يملك كل شيء مثلك، فلماذا أنت لا تقدر أو تفهم ذلك جيداً!
آدم أو حواء، كلاهما في حاجة للمعين النظير، فهي تحتاج لقوته لتحميها، أما هو فيحتاج لقلبها لتحتويه، هي تحتاج لقلبه كي يشعر بها، وهو يحتاج لعقلها كي تسمعه وتحمل معه حزنه، هي تحتاج عقله كي يفكر في كل شيء معها، وهو يريد أن يرى الدنيا بعينيها الأنثوية التي تعطي جمالاً لكل شيء.
ولكن تظل هناك حلقة مفقودة، وهي كيف يجد آدم أو حواء المعين النظير؟، هل بناءاً على الشكل؟!، هل بناءاً على العقل؟!، هل بناءاً على القلب؟!، هل بناءاً على الثقافة؟!، ....إلخ.
في الحقيقة المعين النظير، يجب أن يكون فيه شبه واختلاف أيضاً، كيف؟؟، أن يكون يشبهك ولكن مختلفاً عن الناس، فالقلب ينبض فقط لمن هو مختلف، لمن تشعر بأنه استطاع أن يتسلل داخل قلبك واتخذ منه سكناً له، واحتل عقلك وصار يتطلع على كل شيء فيه، هذا هو الحب.
وينبغي أن يكون مرضياً لك في كل الأسئلة السابقة، حتى لا تشعر في بعض الأحيان أن شيئاً ينقصك ولا تعلم ما هو، ينبغي أن يكون ملفتاً لعينيك، فسابقاً كانوا يقولون "العين بتاكل قبل المعدة" ولكن ليس الأهم هو الشكل، فبعض التفاصيل البسيطة هي التي تفرق، اهتمام بسيط بالمظهر، باستخدام المعطر، تلميع الحذاء، تناسق الألوان، أشياء بسيطة تستطيع أن تعطي جمالاً للشكل وبأقل الأشياء.
أن يكون مرضياً لعقلك، سواء بثقافته، سواء بكلامه، سواء بطريقة تفكيره، كل تلك الأمور مهمة جداً حتى لا تشعر بغربة في الحديث معه أو اختلاف الاهتمامات، ربما يكون هناك بعض الاختلافات نتيجة اختلاف السيكولوجيات والتكوينات للجنسين، لكن لابد من وجود نقطة تلاقي بينك وبين شريك حياتك.
أمور كلها ربما تكون بسيطة لكنها لا غنى عنها، للحصول على علاقة عاطفية صحية، علاقة عاطفية خالية من الفتور والبرود العاطفي، علاقة عاطفية من الممكن أن تستمر لفترات طويلة أو حتى إلى الموت، ولكن ذلك في حالة أن يدرك كل من الطرفين معنى المعين النظير، يعرف كيف يسمع، كيف يشعر بالأخر، كيف يحتوي الأخر.
كيف يكون سنداً في الحياة، وكيف يكون هو الملجأ في الحياة، والملاذ الأول من متاعب الدنيا، وليس من يزيد هماً على الأخر ويشكل عبء أو يشعره بالرفض.
نقلا عت الصباح