الأقباط متحدون - وحشتنى يا عم نجيب..
  • ٢٢:٣٢
  • الجمعة , ٣١ اغسطس ٢٠١٨
English version

وحشتنى يا عم نجيب..

مقالات مختارة | بقلم : مفيد فوزي

٠٩: ٠٧ م +02:00 EET

الجمعة ٣١ اغسطس ٢٠١٨

مفيد فوزي
مفيد فوزي

 باسم حوارات عشرة بين الإذاعة والتليفزيون والصحافة تقاسمناها سوياً، أبثك أشواقى.. باسم ضحكتك المجلجلة عبر الحوار حين ترمز للحقيقة باحتراف روائى وترفض الإجابة النثرية المعتادة.

 
باسم الغياب الذى يكثفه حضورك فى حياتنا، أشعر بوخز الوحشة والافتقاد، ليس دقيقاً ما قلته يوماً أن آفة حارتنا النسيان، فكيف ننسى روائياً مؤرخاً شامخاً مرسوماً بالوشم فوق وجداننا نحن المصريين؟!
 
ياما تقابلنا فى الطريق وأنت ذاهب سيراً على الأقدام لمقهى ريش الذى كان يجمعك بالأحباب.
 
أخشى أن تلمح دمعة تخذلنى وأنا أكتب كلمة الأحباب، فما عاد هناك أحباب يتواعدون على اللقاء حول فناجين القهوة وقضايا ثقافية ومواهب جديدة وتحرش أدبى عفيف ليس مثل تحرش زماننا القبيح والبغيض، ولن نهزمه بردع القوانين إنما برفع منسوب الوعى بثقافة كنت تجاهر بأهميتها.
 
كنا نجتمع حولك وأنت تتكلم فعلمتنا الإصغاء، كنا نسألك فى السياسة فتضحك وتهرب إلى الأدب.
 
سألتنى يا عم نجيب يوماً: كيف أقنعت يوسف إدريس بالحوار الذى نشرته واعترف بأنه أحق من نجيب محفوظ بالجائزة؟ قلت لك: هل قرأت الحوار أم جاءتك المعلومة من أحد؟ عدلت جلستك وثبت نظارتك وقلت لى: قرأت الحوار مرتين، مرة فى صباح الخير ومرة فى أخبار اليوم حين أعاد إبراهيم سعدة نشره.
 
سألتك: هل أغضبك كلام يوسف؟ قلت بابتسامة عريضة: «من حق كاتب كيوسف إدريس أن يعترض على منحى جائزة نوبل وأظن أنه احتج على اللجنة التى منحتنى الجائزة فى السويد»، ثم أعقبت كلامك الجاد بضحكة مجلجلة. تصور- يا عمنا وأبانا فى الفن- سألت مرة أسامة الباز السياسى الشهير عن تحليله لهذه الضحكة المجلجلة فقال بأسلوبه نجيب يخفى أكثر مما يفصح، هو صادق وهو يتكلم معك، لكنه أكثر صدقاً وشفافية فى رواياته التى لم يفهمها مخرجون تناولوا أعماله فى السينما!
 
هل كان أسامة الباز على حق وأنا أعرف يا عم نجيب أنك تعطى اهتماماً أكبر لمن يتصفح رواياتك كقارئ أما السينما فتتركها لأرباب المهنة!
 
صنعت فى حياتنا بهجة أدبية أنت وسكان الدور الرابع فى الأهرام، أنت والحكيم وثروت أباظة وزكى نجيب محمود وإحسان وإدريس.
 
اكتشفنا- يا عم نجيب- أن الثقافة «حالة» مجتمعية يروج فيها الكتاب وتحتل المواقف الأدبية موقع الصدارة، وتعم الصالونات الفكرية دون عين أو أذن ثالثة.
 
اكتشفنا أن الأستاذ هيكل حين وقف خلفك عندما قرأ عبدالناصر «أولاد حارتنا» وسمح بنشرها، كيف يزدهر الفكر بلا خوف من حاكم أو جهاز رقابى مترصد، يا عم نجيب لقد سمعت ملابسات الرواية من الأستاذ هيكل ولولاه لفتكت بك أسماك القرش.
 
وحشتنا يا أجمل أيقونة فى وجدان المصريين، وتأسينا يوم حاول جاهل من الأشرار طعنك فى عنقك وطالك الأذى وكان ستر الله أكبر من محاولة فاشلة لأمى لم يقرأ لك حرفاً ولا يعرف من تكون. مازلت يا عم نجيب أتمتع بذاكرة لم يقترب منها الصدأ وهذه نعمة من خالق الكون، مازلت أذكر حوارنا معاً عن أم كلثوم فى أولى محاولاتى على الشاشة حين اعترفت لى أنك تسمع «أحمد عدوية» لأنه فى نظرك «مغنى الحارة». وحشتنى عبارتك «أهلاً بالمحاور».. عدت بى إلى بانوراما تلك الأيام المطرزة بالحب، بالسماحة، بالأدب، بالفن، بالجمال.
نفلا عن المصرى اليوم
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع