الأقباط متحدون - أنْبا أندرَاوسُ أسْقُفُ دِمْيَاط
  • ٠٣:٣٢
  • السبت , ١ سبتمبر ٢٠١٨
English version

أنْبا أندرَاوسُ أسْقُفُ دِمْيَاط

القمص. أثناسيوس فهمي جورج

تأملات كنسية

٠٠: ١٢ ص +02:00 EET

السبت ١ سبتمبر ٢٠١٨

أنْبا أندرَاوسُ أسْقُفُ دِمْيَاط
أنْبا أندرَاوسُ أسْقُفُ دِمْيَاط
(من رواد مدارس احد اسكندرية)
Ⲛⲓϣⲟⲣⲡ ‘ⲛⲥⲁϧ ‘ⲛϯⲁⲛⲍⲏⲃ ‘ⲙⲠⲓⲟⲩⲁⲓ ϧⲉⲛ ϯⲛⲓϣϯ ‘ⲛⲃⲁⲕⲓ Ⲣⲁⲕⲟϯ...

كتب : القمص اثناسيوس فهمي حورج
 
لمدينة الإسكندرية تاريخ ناري فى الغيرة الإلهية على مدى الأجيال المتعاقبة ، وقد استمرت كمركز اشعاع كرازي لخدمة مستنيرة ومنيرة في إيقاظ الحس والإدراك لدوائر واسعة من حولها بالامتداد .
 
للإسكندرية تاريخ عطري ونوراني في بشارة الكلمة والتعليم ، طَبَعَ ملامحه على مدارس الأحد فيها ، لتصير مدرسة للروحانية الأرثوذكسية واللاهوت ؛ منذ بدايات مدرستها القدسية الأولى .. ومنهجاً للأخلاق والسلوك الإنجيلي ، فكراً ومنهجاً وتلمذة آبائية واحدة ، وممارسة لحياة الأسرار والذبيحة الواحدة نفسها .
 
لذلك نفخر أننا رأينا وعاصرنا تقوى الخدام وقداسة سيرتهم وعمق معرفتهم الاختبارية ، وحفظهم لجدة الإيمان العامل ؛ الذي عبروا عن مساره من ( أورشليم المخدع - الي أورشليم النفس - ومنها الي أورشليم المحيط الخاص ) .
 
فأنتجت مدارس الأحد السكندرية ايضا للكنيسة ثمارًا من أفخر الثمار ؛ والذين من بينهم القمص موسى البسيط "المتنيح أنبا أندراوس أسقف دمياط" ، صاحب الهمّة والغيرة التي دفعته أن يذهب إلى ضواحي الإسكندرية لخدمتها ؛ بأُفُق متسع وبالتحلي بمواهب الروح القدس ؛ التي انطبعت على وجهه الملائكي ، الذي كان كل من يتطلع إليه وهو في الجسد ؛ يرى فيه إطلالة وجه المسيح في الوجود التاريخي ؛ ويستمع الي صوته الروحاني العذب ؛ وهو منشدا نشيد الابدية بالافراح التي ارتسمت علي وجه ؛ وطعام الحق خارج من فيه ؛ وشرابه الروح الذي يعطيه ؛ ونسيمه رائحة التقديس التي اغنته عن كل عوز خارج عنه ... تاركا لكراسات خطية مكتوبة ؛ كتب فيها التسبحة بقيثارة قلبه العفيف ؛ وحنجرته ذات الاوتار ؛ عارفا مايقوله ؛ ومزينا بالبهجة المثلثة الطوبي ؛ احلي من العسل في حضرة مليكنا ؛ الذي دعاه لملكوته وقصر عنه لكي يستريح . لذلك سبق وشهد له قدامي الخدام بعد رقاده ؛ انه تدرب علي روح السفر والترك ؛ روح العبور والغربة ؛ روح الانتقال والارتحال ؛ للاستعداد المبكر للرحيل .
 
كان خادمًا نابغة ؛ عاش التقليد الكنسي ، وذهب إلى القرى البعيدة ، مكرساً حياته علي مذبح البتولية الطاهر في نذر الرهبنة ؛ من دون أي تغيير أو استحداث زمني متغير ، حتى صار ناسكاً وراهباً أسقفاً في الكنيسة الفاخرة ، وثمرة ناضجة أينعت في حقل مدارس الأحد . لتعد أجيالاً واعدة ؛ أساقفة وكهنة ورهبان وخدام وأراخنة ومؤمنين ؛ جميعهم متعلمين من الله . هؤلاء الرواد صاروا علامات على الطريق ؛ جعلوا القديم جديداً ؛ والماضي أصبح حاضراً بقوة التجديد والإحياء والنمو ؛ لأنهم ربيع دائم لا ينطفئ سراجه .
 
وُلد نبيه عزيز موسى فى ١٩٣٠/٤/١٠م وخدم في مدارس الأحد منذ عام ١٩٤٥م - ترهبن عام ١٩٥٥م بإسم الراهب موسى السريانى البسيط - عُين سكرتيراً للبابا كيرلس السادس عام ١٩٦٠م - رُسم أسقفاً عام ١٩٦٩م ، خدم في اجتماع الشباب الخاص بالإسكندرية عام ١٩٤٧م بكنيسة العذراء محرم بك ، والدُهُ المهندس عزيز وإخوته القمص رويس عزيز والقمص انطونيوس عزيز ..( بمطرانية البحيرة ).
 
اهتم بفروع مدارس الأحد في منطقة غيط العنب وكرموز وكوم الدكة ؛ وزامله في خدمتها د. بهجت عطالله والخادم جلال فوزي ؛ حتى صار أميناً لخدمتها . تخرَّج من كلية هندسة الإسكندرية عام ١٩٥٨م ، صمم نافورة مياه باب شرقي بالإسكندرية ونفذها ونال عنها مكافأة قدرها ٣٠جنيهاً.
 
عاش راهباً وظل راهباً ومتوحدًا يعيش في سيرة ملائكية مُفعمة بالمحبة والتسامح والمصالحة ؛ متمسكًا بما عنده حتى صار الشبه الإلهي يلمع ويضيء في أفعاله ؛ وبقيت سيرة خدمته تشع بنورها ؛ يسير على نسجها الغروس الجدد ؛ ويكون المزكّون ظاهرين .
 
كتب رسالة لخادم صديق له يقول فيها : "لا أحب أن أتدخل في مشاكل أنأى بنفسي عنها ؛ لأن خدمة المسيح فرح وسلام... أسكبُ نفسى أمام الله كي يحل فيَّ الهدوء ، ويُبعد عن خدمة أولاده كل شر ، ولا يسمح أن نضيع وقتنا ؛ فيصبح الجو غير الجو . هذه الخدمة تكونت بالعرق والتعب ؛ وعصرت الخدام فيها التجارب وأكلوا خبز الوجع ، لذلك لازم نتعلم أن تغيب الشمس ويغيب معها شر اليوم ؛ لنستيقظ على توبة وفرح ورجاء لا يُخزى " .
 
انتقل أبا أندراوس الأسقف البسيط تلميذ وخادم مدارس الاحد إلى المجد في غروب يوم ٤/ ٨ / ١٩٧٢ عن عمر ٤٢سنة ،واحدثت نياحته - ( اختطافه بغتة ) - ؛ اثرا عميقا في قلوب الشعب الذين يذكرونه ؛ بالذكر الحسن كخادم امين وبسيط ؛ مغمور بمحبة الله وقد رؤا فيه وداعة المسيح وهدوئه .. يذكرون سيرته كناسك من طراز نادر في وادي الريان ؛ وكراهب وسكرتير للقديس البابا كيرلس السادس .وكراعي يجتاز في المدن والقري متجولا ليخدم حتي وقت اصابته بالحمي الشديدة التي سبقت خروج نفسه من جسده .ولأنه ليس عند الله ما هو من قبيل الصدفة ، فقد انطبق عليه ما جاء في سفر الحكمة لسليمان الحكيم "أما الصديق فإنه وإن تعجَّله الموتُ يستتر في الراحة"..