الأقباط متحدون - المنيا من «عروس الصعيد» إلى بؤرة التوتر الطائفى.. لماذا؟!
  • ٠٧:١٧
  • السبت , ٨ سبتمبر ٢٠١٨
English version

المنيا من «عروس الصعيد» إلى بؤرة التوتر الطائفى.. لماذا؟!

مقالات مختارة | منى مكرم عبيد

١٩: ٠٨ ص +02:00 EET

السبت ٨ سبتمبر ٢٠١٨

منى مكرم عبيد
منى مكرم عبيد

تتكرر حوادث العنف الطائفى بشكل مستمر تحت مزاعم الصلاة بدون ترخيص، فى إحدى علامات الاستفهام التى تواجه المجتمع المصرى عامة، ومحافظة المنيا خاصة، دون التوصل إلى أسباب تفشى العنف فى «عروس الصعيد» بشكل لم يتمكن معه كل مَن تولى منصب المحافظ أو مدير الأمن بهذه المحافظة من مواجهته بحزم، حتى أصبح معتاداً ظهور أخبار وتقارير أسبوعية عن اندلاع أعمال عنف وما يترتب عليها من سرقة ونهب وخسائر فى الممتلكات والأرواح.

الغريب فى الأمر أنه حسب تقرير للمبادرة المصرية للحقوق الشخصية صدر فى 2016، شهدت المنيا وحدها 77 حادث عنف طائفى منذ 2011، أبرزها يتمثل فى تجمع عدد من المواطنين المسلمين للتجمهر عقب صلاة الجمعة والاحتشاد أمام البنايات الكنسية أو المنازل بزعم الصلاة بدون ترخيص، وتحضر قوات الشرطة لتفض التجمهر ويتم القبض على عدد من الأهالى «مسلمين ومسيحيين»، وفى أغلب هذه الجرائم يتم اللجوء إلى جلسات الصلح العرفية وإنهاء الأزمة بالتنازل من قِبَل المجنى عليهم لصالح الجناة منعاً لتأزم الوضع الأمنى بالقرى، التى فى أغلبها فقيرة، ويضطر كبار العائلات للقبول بالصلح بعد تدخل الشيوخ والقساوسة، لتعود الأحداث للتكرار من جديد.

المشكلة هنا أن مثل هذه الجرائم تهدر خطوات عديدة تقوم بها الدولة نحو ترسيخ الدولة المدنية الدستورية الحديثة التى تقوم على مبدأ المواطنة، وهو ما يظهر فى بناء الكاتدرائية الحديثة فى العاصمة الإدارية، واختيار اثنين من الأقباط ضمن حركة المحافظين الأخيرة، ومنهما سيدة، لأول مرة فى حركة المحافظين، ومثل هذه الأخبار عن العنف الطائفى تهدر هذه الخطوة بلا جدال.

المثير للدهشة هو عدم معرفة الأسباب والدوافع- حتى الآن- التى تجعل المواطن المنياوى يثور من أجل قيام المسيحيين بالصلاة، فلا أحد يعرف حتى الآن الأسباب الحقيقية لهذا الأمر، هل التطرف وانتشار الجهل والأمية السبب؟ غياب القانون؟ إهدار هيبة الدولة؟ عدم الاهتمام بالثقافة وسلوك المواطنين؟ التراخى من جانب الجهات المعنية؟ القصور فى بنية التنشئة الاجتماعية بالمحافظة، أم ماذا؟.

أعتقد أن من المهم أن تقوم المراكز البحثية بدراسة الأسباب والدوافع التى تؤدى إلى مثل هذا النوع من الجرائم لمنع تكرارها أو انتشار العدوى وامتدادها إلى محافظات أخرى، فالأمر لا يقتصر على المنيا وحدها، وإنما هى تحتفظ بنصيب الأسد من هذه الجرائم التى يشهدها صعيد مصر حتى من قبل ثورة 25 يناير 2011، وتظل المنيا أيضاً فى المقدمة، كذلك كان لها النصيب الأكبر من الاعتداءات عقب فض اعتصامى النهضة ورابعة فى أغسطس 2013.

نُشيد هنا بالقبض على عدد من العناصر المحرضة فى قرية دمشاو هاشم بالمنيا فى الأحداث الأخيرة، ولكن فى نفس الوقت ما صدر عن الأنبا مكاريوس، أسقف عام المنيا وأبوقرقاص، يشير إلى أن هناك تحذيرات صدرت من قبل تشير إلى احتمالية ظهور اعتداءات على المسيحيين بالقرية، وأن هناك مَن جاء من قرى مجاورة لتنفيذ الهجوم، وبالتالى ينبغى التحقيق فيما صدر من معلومات، ومعرفة مَن الجانى، ومَن المتراخى فى التعامل مع هذه التحذيرات، وضرورة أن تتصدى وزارة التنمية المحلية ووزارة الداخلية لما حدث بقوة، ويتم تنفيذ القانون على الجميع، منعاً لتكرار هذه المشاكل، مجدداً، والتى تهدر دولة القانون والمواطنة من جانب، وتمنح الضوء الأخضر من جانب آخر لتكرار مثل هذه الجرائم فى أماكن أخرى مادام استمر مسلسل إفلات الجناة من العقاب.

على المستوى الشخصى، تصيبنى الدهشة مما وصلت إليه الأوضاع فى هذه المحافظة، حيث سبق أن زرتها عدة مرات، وأكثرها فى عهد المحافظ حسن حميدة، فى إطار نشاط جمعية النهضة بالتعليم، التى كنت أترأسها، ووجدت بها الكثير من النقاط المضيئة والأمل الذى كان يملأ الوجوه، والتحسن الملحوظ فى البنى التحتية بالمحافظة، خاصة الكورنيش، وكانت اسماً على مسمى بالفعل لما اشتهرت به «عروس الصعيد»، ولا أعرف كيف تبدل الحال إلى ما وصلنا إليه حالياً!.

لم نعد نملك من الوقت ما يكفى للتهاون مع مثل هذه الملفات، فالرئيس عبدالفتاح السيسى يقترب من زيارة للأمم المتحدة بنيويورك، وكثيراً ما كان المصريون بالخارج «مسلمين ومسيحيين» داعمين لدولة 30 يونيو، ويرحبون بزيارة الرئيس السيسى للولايات المتحدة سنوياً، ومثل هذه الحوادث تثير جراحاً فى النفوس يستخدمها دعاة الفوضى وأعداء النجاح، وبدون تدخل عاجل من كل أجهزة الدولة، ستكون النتيجة إهدار كل ما يعكف السيسى على القيام به من أجل مصر التى نريدها.

إلى متى سيظل جرح الأقباط فى صعيد مصر غائراً دون التئام؟!.
نقلا عن المصري اليوم

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع