الأقباط متحدون - فيلم (المسيح) إذا لم يُعرض الآن.. فمتى؟
  • ٠٢:٤٩
  • السبت , ٨ سبتمبر ٢٠١٨
English version

فيلم (المسيح) إذا لم يُعرض الآن.. فمتى؟

مقالات مختارة | طارق الشناوي

٢٣: ٠٨ ص +02:00 EET

السبت ٨ سبتمبر ٢٠١٨

طارق الشناوي
طارق الشناوي

الأمر صار ملتبسا، وهكذا كثيرا ما نقرأ عن فيلم (حياة وآلام يسوع المسيح) على اعتبار أنه فيلم مصرى، (التترات) تشير صراحة إلى ذلك، بعد أن تم تنفيذها بطريقة مخادعة، وأتصورها مقصودة، الفيلم عُرض تجاريا قبل أكثر من 60 عاما، فى وقت كان الأزهر لا تُقيده تلك اللائحة الملزمة، والتى تم إقرارها فى نهاية العشرينيات من القرن الماضى، وتحول دون تجسيد الأنبياء.

منحنى مدير المركز السينمائى الكاثوليكى، أبونا بطرس دانيال، قبل أكثر من عشر سنوات «C.D» للفيلم الإيطالى، الذى أنتج عام 1935 وتمت (دبلجته) إلى اللغة العربية، تعتقد وأنت تدير القرص أن السينما المصرية تقدم فيلماً روائياً عن حياة السيد المسيح (عليه السلام)، وتقرأ أسماء «أحمد علام» فى دور «المسيح»، و«عزيزة حلمى» «السيدة مريم»، و«سميحة أيوب» «مريم المجدلية»، وتعددت أسماء النجوم «توفيق الدقن»، و«صلاح سرحان»، و«سعد أردش» وغيرهم، وفى النهاية يأتى وعلى استحياء ذكر أن النسخة العربية إخراج «محمد عبدالجواد»، والحقيقة أن تعبير (النسخة) أيضا مخادع، لأن الفيلم ليس له سوى نسخة واحدة إيطالية، والدوبلاج لا يمنح للفيلم جنسية أخرى.

سارعت بالاتصال بالفنانة الكبيرة «سميحة أيوب»، التى أكدت أن الفيلم عُرض فى سينما «ميامى» أو «ريفولى» فى مطلع الخمسينيات- لا تتذكر التاريخ على وجه الدقة. الواقعة الموثقة هى أن الدولة وافقت على عرضه جماهيريا، وكما ترى فإن كل من شارك فى تنفيذ الفيلم مسلمون، ولم تكن خانة الديانة وقتها تستوقف أحدا.

على مستوى الأداء الصوتى، الفيلم مقدم بدرجة حرفية عالية، تلمح فيه جهد مخرج يضبط أداء الممثلين الصوتى (السينكرون) مع حركة الشفاه، وبمقياس الزمن فأنا أعتبره بمثابة طفرة، كما أنه يقدم الممثل «أحمد علام» بأداء ملىء بالنقاء والطهر للسيد المسيح، عليه السلام، هذا الممثل أحد أهم نجوم المسرح المصرى فى بدايات القرن الماضى، وقالت لى عنه سميحة أيوب (سيدة المسرح العربى) إنه أروع من اعتلوا خشبة المسرح، «وإننا لو كنا وثّقنا، ولو بالصوت فقط، تراثنا الفنى المسرحى لاكتشفنا كم ظلمنا هذا الفنان الذى لا تنسى أبدا ومضاته».

سميحة أيوب تؤدى بروعة دور «مريم المجدلية»، و«عبارة المسيح الشهيرة تسكن وجدانى عندما عاتبه اليهود قائلين فى شريعة (موسى) إن الزانية تُرجم فقال لهم (ولكن أنا أقول لكم من كان منكم بلا خطيئة فليلق الحجر الأول).. ولم يجرؤ أحد»!.

الدولة منذ الستينيات وهى تمنع عرض أفلام عن السيد المسيح بحجة أن الأزهر يرفض تجسيد صورة الأنبياء، وفيلم «آلام المسيح» لميل جيبسون عُرض قبل 14 عاما بقرار من «د. جابر عصفور»، أمين عام المجلس الأعلى للثقافة وقتها، ولم يعترض الأزهر.

القرآن الكريم يتسع للسماح بممارسة كل العقائد والطقوس، وهو أيضا ما ينص عليه الدستور صراحة.

أيضا نطالب مجددا الأزهر الشريف بإعادة النظر فى تلك المواد التى تستند، منذ عام 1926، إلى رفض التصريح بتجسيد الأنبياء على الشاشة، وذلك فى أعقاب إعلان يوسف وهبى بعد اتفاقه مع المخرج وداد عرفى، التركى من أصل كردى، على تقديم حياة سيدنا محمد.

هذا المبدأ الملزم هو ما دفع الأزهر قبل ثلاث سنوات إلى رفض عرض فيلم (نوح) عليه السلام. يجب أن تمتلك هيئة كبار العلماء فى الأزهر القدرة على إعادة طرح كل تلك القرارات التى تمنع حتى تجسيد الصحابة على الشاشة، مع الأخذ فى الاعتبار كل المتغيرات التقنية التى نعيشها الآن، والتى أحالت المنع إلى فعل خارج نطاق الزمن.

ويبقى أننا فى انتظار قرار الفضائيات بعرض فيلم (حياة وآلام يسوع المسيح)، بأصوات كل هؤلاء الفنانين المصريين، بينما الجرح المصرى لايزال ينزف، فإذا لم يحدث الآن فمتى؟!.
نقلا عن المصري اليوم

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع