الأقباط متحدون - قصة تربوية.. اسمي سوسن
  • ١٩:٥٩
  • السبت , ٨ سبتمبر ٢٠١٨
English version

قصة تربوية.. اسمي سوسن

مقالات مختارة | د. إيمان الريس

٢٧: ١١ ص +02:00 EET

السبت ٨ سبتمبر ٢٠١٨

د. إيمان الريس
د. إيمان الريس

وقد كنت الابنة الوحيدة لوالدتي .. مات أبي وأنا في العاشرة من عمري
كنت طفلة هادئة متفوقة .. أسمع كلام أمي ولا أتحرك من جوارها
كنت الأولى على المدرسة .. أمي كانت فرحة بي
لم يكن في بيتنا أي ضجيج أو دوشة أو تكسير

-تزوجت عقب إنهائي تعليمي
أنا مهندسة كهربا .. وقد تم تعييني في مكان مرموق
تقدم للزواج مني زميل من زملائي
اسمه يوسف
أنا شخصية عقلانية .. ولست عاطفية
بحثت مع أمي ظروفه
ميسور الحال .. والداه محترمان
تم الزواج
أغرقني بمشاعره .. التي لم أعرف كيف أستقبلها
أنا شخصيه عقلانيه .. ومنهجيه .. أما هو فشخص عاطفي جدا" لدرجة البكاء أحيانا"

- أنجبت رقية
هي ووالدها .. يحبان الأحضان .. والحركة .. ومتكلمان .. ويتحركان دوما"
وليسا عقلانيين .!
وكنت أكره ذلك

- ثم أنجبت ريهام
مثلي تماما عقلانية تتحدث بحساب .. أشعر معها بالارتياح

- بصراحة أعترف أني كرهت من داخلي شخصية رقية .. وكرهتها لذاتها
لكن .. كان عندي أمل تتغير .. لكثرة الانتقاد وتتحول لشخص هادئ.!
لكن ما حدث هو أنها بقيت حركية....وتكرهني وتكره نفسها!
دوما" كنت أقارن بين ريهام العاقلة وبينها .. أو بالأحرى .. بين رزانة ريهام وتهور رقية

زوجي كان أميل لرقية .. وكان يصفني بالجفاء العاطفي

- أرتقي في عملي
وألاحظ مع تقدم البنات بالسن ميل رقية إلى أبيها وحضنه
وتباعدها عني وكرهها لانتقاداتي

أما ريهام فهي مريحة وعاقلة

- لكن فجأة !
مات زوجي في حادث مروري .. وكانت قية بالإعدادية .. وريهام سادس ابتدائي
شعرت أن سهماً اخترقني
رحيل الزوج بالفعل عصيب

- تذكرت جفائي معه ..
وشعرت بحرقة قلب .. لكن ....رقية منهارة تماما "
وبعد الانهيار مندفعة ومتهورة وتشعر أنها بلا ضابط ولا رابط
وريهام حزينة
فوجئت ان رقية .. دوما في انعزال ..وتتباعد عني وعن أختها
أصرخ في وجهها .. تصرخ في وجهي!!!!
ثم هددتني أن تترك البيت .. واتهمتني بعدم حبها

و بالفعل .. تركت البيت...!
كنت كالمجنونة .. أبحث عنها .. إلى أن كلمني والد صديقتها
وأخبرني بوجودها مع ابنته وزوجته
بكيت بحرقة .. ربما أكثر من يوم وفاة زوجي !
4ما الذي ينفر هذه البنت مني؟ ؟ ؟
أنا محددة حازمة صارمة لكن لست طويلة اللسان ولا أضربها .. إلا نادرا"......!!

مثلها مثل أبيها نفس العاطفة المفرطة التي لا أحبها
طلب والد صديقتها أن يراني ويتحدث معي أعرف انه طبيب نفسي
قال لي أن رقية محبة أحضان
وأنها تفتقدني وتشعر بكراهيتي لها وتفضيلي لريهام عليها
قلت له طبيعي لأن ريهام أعقل
قال لي جملة عجيبة (رقية مختلفة عنك .. أحبي اختلافها) أولادنا ليس من الضروري أن يشبهوننا....!
الحياة تحتاج الجميع
(رقية مشوهة النظرة لنفسها وتقول أنك لا تحبينها)
شعرت بالضيق الشديد
قلت للطبيب (أحبها والله لكن ...)
قاطعني (بنتك مختلفة الطباع عنك هذا ليس سوءاً فيها ).. لم اقتنع !

- وعادت فأعطيتها محاضرة طويلة في الأدب .. وبكت كثيرا"

لاحظت بعدها انها أصبحت أكثر انعزالية .. ساكتة دوما" تحتضن ذكريات أبيها
ريهام مريحة وتفهمني
وأفكر دائماً؛؛؛؛؛؛
ما فائدة هؤلاء العاطفيين
أنهم عبء على العقلانيين
هي وأبوها الله يرحمه شخصيات مريعه.!!

- مضت حياتنا في صراع

- تزوجت رقية من شخص عاطفي مثلها دوما" يقول لي يا ماما وانت مثل أمي
المهم أنها ذهبت من البيت

- ريهام حبيبتي تزوجت من دكتور بالجامعة. ..
أصبحت وحدي

بعد فترة .. فاجأني السرطان

ردود ريهام العقلانية اهدأي تجلدي
رقية تبكي من أجلي

أما حول مواعيد الطبيب
رقية تحمل ابنها الرضيع وتكون عندي بسيارة زوجها قبل الموعد
أما ريهام فتعتذر لأنها لديها تعب الحمل وأيضا" لا تستطيع ترك ابنها وحده

- أول مرة بحياتي
وانا مريضة بالسرطان .. أعرف أن العواطف لها قيمة
حضن رقية يهون عليّ آلامي ... رغم أني لم أحبه.....أبدا"
أشعر أني وأنا في الخمسين .. طفلة
زوجها يقول لي من قلبه سلامتك يا ماما

- كيف كرهت العواطف والعاطفية؟ ؟؟ ؟
كلاهما عطوف جدا" .

ريهام حزينة .. لكن دعمها بحساب ..تماما" مثل شخصيتها
أما رقية وزوجها دعمها وعطفهما بلا حساب ... !

- بكيت من قلبي وتذكرت سابق حياتي ........احتضنت رقية ...كم هو جميل حضنها...... بكت وبكيت.... هل في العمر متسع لأستمتع بما لم أفهمه؟ ؟ ؟
أم أن الأجل قد دنا.. ؟

- دعوت الله من قلبي يارب اشفني وامنحني العمر كي أسعد بابنتي المختلفة عني. ..
وبالفعل تم شفائي والحمد لله رب العالمين. ..

- أنا ورقية لا نفترق.......أشعر اني اكتشفت كنزا"......!!!
كلامها يؤنسني
حضنها يهدئني
لا تكرهوا اختلاف أولادكم .. بل أحبوا اختلافهم.... وتقربوا منهم
لا تشوهوا نظرتهم لأنفسهم بسبب أنهم لا يشبهونكم

- أنا ورقية نحيا أسعد أيامنا💞

ما أجمل 💕 الحنان والحب والاهتمام❤️

نقلا عن صفحة د. إيمان الريس

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع