الأقباط متحدون - دولة القانون.. هى الحل
  • ٢١:٠٢
  • الأحد , ٩ سبتمبر ٢٠١٨
English version

دولة القانون.. هى الحل

مقالات مختارة | عماد جاد

٠٠: ١١ ص +02:00 EET

الأحد ٩ سبتمبر ٢٠١٨

عماد جاد
عماد جاد

 تتوالى الاعتداءات الطائفية فى صعيد مصر وتحديدا ريفه، وتشمل اعتداءات على البشر والمنشآت، والقاسم المشترك فى مبرر الاعتداء سريان إشاعة بأن الأقباط يستخدمون منزلا من منازلهم فى الصلاة، أنهم ينوون تحويل منزل إلى كنيسة، تندفع مجموعات غاضبة تغزو المكان المستهدف وتدمر ما تستطيع تدميره وتجرح وربما تقتل من تصل أيديهم إليه، وكأنها خطة مدروسة وجرى التدرب عليها.

 
كانت هذه الأحداث تقع على فترات متباعدة فى السبعينيات زادت وتيرتها فى أواخر السبعينيات واستمرت طوال عهد مبارك، تراجعت قليلا بعد ثورة 25 يناير ثم تصاعدت الوتيرة فى سنة حكم المجلس الأعلى للقوات المسلحة واستشرت بقوة بعد سيطرة الإخوان والسلفيين على المشهد، إلى أن وصلت الذروة فى سنة حكم مرسى، تفاقمت بعد فض اعتصام رابعة ودفع الاقباط ثمنا باهظا من كنائسهم، وأديرتهم التاريخية ولكنهم قدموها عن طيب خاطر فداء للوطن.
 
كان الأمل يحدو الاقباط بتوقف هذه الاعتداءات وتلك الآليات بعد الإطاحة بحكم المرشد والجماعة بحيث يتم إرساء أسس المواطنة ودولة القانون، لا سيما بعد الوعود التى قطعها الرئيس عبد الفتاح السيسى وبعد المحاولات التى يبذلها لإرساء دولة المواطنة والمساواة، ولكن ما حدث هو تصاعد وتيرة الاعتداءات بشكل غير مسبوق، ووصلنا إلى ما جرى الأسبوع الماضى فى إحدى قرى محافظة المنيا (دمشاو هاشم)، ووقعت الغزوة وتم الاعتداء على بيوت الاقباط، وتدميرها ونهب ما بها من أجهزة بسيطة لمواطنين بسطاء فقراء، ووقعت تجاوزات بحق فتيات قبطيات يندى لها الجبين، ولم تتحرك الأجهزة التنفيذية والأمنية رغم إبلاغها من قبل الأنبا مكاريوس قبل وقوع الأحداث بثلاثة أيام.
 
الجريمة هذه المرة فاقت الحد، الغضب هذه المرة من المواطنين المصريين بصفة عامة أشد وأقوى، والاستعداد لقبول وضع أسس دولة المواطنة والمساواة يتزايد، ولا شك فى أن الرئيس عبد الفتاح السيسى يعمل جاهدا لبناء دولة المواطنة ويتحدث باستمرار عن أنه رئيس مصرى لكل المصريين وأن مصر وطن لكل مواطنيه لذلك لابد من اعتبار ما جرى فى قرية دمشاو حدثا فارقا ينهى مسيرة آلام وظلم الأقباط عبر تطبيق القانون على الجميع، والتوقف عن الالتفاف حوله وفق الأهواء والتى دفعت الراحل العظيم جلال عامر إلى إطلاق مقولته «المتهم فى بلادى برىء إلى أن تثبت ديانته».
 
نقطة الانطلاق تطبيق القانون وما أكثر القوانين المستمدة من الدستور وتتحدث عن المساواة وعدم التمييز والتفرقة بين المواطنين، وتضع عقوبات شديدة على المخالفين، الإسراع بتدشين مفوضية عدم التمييز التى نص عليها دستور البلاد، تعديل قانون بناء الكنائس والتوقف عن التلاعب بمواده، محاسبة المسؤولين الذين يميزون بين المواطنين، نأتى بعد ذلك إلى الشق الأكثر صعوبة والذى يتطلب سنوات طويلة وهو استخدام أدوات التنشئة فى غرس قيم التسامح، قبول التنوع والتعدد والاختلاف، الإيمان بقيم المساواة بين الجميع، إعلاء قيمة المواطنة على ما عداها من اعتبارات وارتباطات فتصبح شراكة الوطن أهم من أى شراكة أخرى، وتصبح الرابطة الوطنية أقوى من أى رابطة أخرى، نزع ما زرع فى نفوس شباب مصرى من أن الوطن ما هو إلا حفنة من التراب العفن وأن الأساس هو الرابطة الدينية والطائفية.
 
هى مهام ثقيلة وتتطلب فترة زمنية طويلة المهم فيها طلقة البداية ممثلة فى دولة القانون، تطبيق القانون على الجميع، القانون وفقط القانون، إذا تم إرساء هذا الأساس فإننا نكون بذلك وضعنا اللبنة الأولى على طريق بناء دولة مدنية حديثة تقوم على المواطنة، المساواة وعدم التمييز.
نقلا عن المصري اليوم
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع