الأقباط متحدون - أنت مدعو لقبول الآخر
  • ٠٢:٣٤
  • الأحد , ٩ سبتمبر ٢٠١٨
English version

أنت مدعو لقبول الآخر

مقالات مختارة | بقلم : الأنبا موسى

١٠: ٠٤ م +02:00 EET

الأحد ٩ سبتمبر ٢٠١٨

الأنبا موسى
الأنبا موسى

 وبعد أن تحدثنا فى العدد الماضى عن علامات النفس الناجحة، وهى:

 
 
1- الإحساس بالسعادة
 
2- الاتزان
 
3- قبول الذات
 
4- قبول الآخر
 
5- الكفاءة الاجتماعية
 
6- الأهداف الواقعية
 
7- الاستقلال الوجدانى
 
8- الاستقلال المعرفى
 
وذكرنا منها الإحساس بالسعادة.. نتحدث الآن عن الاتزان!
 
2- الاتزان:
 
قال القدماء: «الطريق الوسطى خلصت كثيرين»، وتعلمنا من الآباء: «لا تكن بارًا بزيادة...»، لهذا فالاتزان عنصر أساسى فى الصحة النفسية، حيث تخلو النفس من الشطحات، والمبالغات، والتطرف، والتعصب من جهة، كما تخلو من السلبية، واللامبالاة، من جهة أخرى.
 
والإنسان الصحيح نفسيًا هو إنسان متزن، والاتزان هو نقطة وسط بين نقطتين متطرفتين، لذلك فهو لا يتطرف نحو الثقة الزائدة فى النفس (بدون الله) ولا نحو الإحساس باليأس والفشل.. إنه واثق بنعمة الله، وبعمل الله فيه.
 
إنه إنسان متزن بين الطموحات والتطلعات الزائدة، وبين القنوط والكسل... إذ يأخذ من يد الرب قدرة الاتجار فى الوزنات، تحت إشراف روحى جيد، الإنسان الصحيح نفسيًا يوازن بين كل احتياجات وعناصر شخصيته الإنسانية، فيهتم بأن تشبع روحه بالصلاة، وعقله بالثقافة، ونفسه بالترويح المنضبط، وجسده بالغذاء والرياضة والراحة، وعلاقاته بالنجاح الاجتماعى.
 
3- قبول الذات:
 
والمقصود بذلك، ليس الافتخار، ولا الرضا بالخطيئة، ولكن الرضا بما أعطاه لنا الرب من وزنات وملامح ومواهب، بل حتى بما سمح به من سلبيات وضعفات (وربما عاهات جسدية أو نفسية، أو مستوى ذكاء معين)...
 
إن هدف الإنسان المتدين ليس هو تمجيد الذات بل الله،... لذلك فهو–فى قناعة–يقبل ذاته كما هى، ويقدمها للرب ليقدسها، ويستثمرها، ويطوّرها، وينميها. إنه لا ينقسم على نفسه، أو يحتقر ذاته، أو يرفض ما سمح به الرب من ضعفات، بل يحول ذلك كله إلى اتضاع وصلاة وعشرة، ليتمجد الرب فى ضعفنا «حِينَمَا أَنَا ضَعِيفٌ فَحِينَئِذٍ أَنَا قَوِىٌّ» (2كو 10:12)، «لِيَقُلِ الضَّعِيفُ: بَطَلٌ أَنَا!» (يؤ 10:3).. لذلك قال بولس الرسول: «أَنَا مَا أَنَا.. وَلَكِنْ.. نِعْمَةُ اللهِ الَّتِى مَعِى» (1كو 10:15)... إذن فنعمة الله هى التى تسند ضعفنا.
 
4- قبول الآخر:
 
من علامات النفس الناجحة أن يقبل الآخرين ويحبهم، ويرى أن «كُلُّ شَىْءٍ طَاهِرٌ لِلطَّاهِرِينَ» (تى 15:1).. هذا مبدأ مهم، حينما يقدس الرب بصيرتنا الإنسانية، فنرى كل ما هو جميل وطاهر فيمن حولنا، وفيما حولنا... إنه الإنسان السليم نفسياً.. أما السقيم نفسياً فهو لا يرى فى الناس إلا الوجه السلبى، والضعفات والدنايا، ولا يرى ما فيهم من ميزات وعطايا.. إنها حيلة دفاعية معروفة اسمها «الإسقاط» حينما لا يكف الإنسان عن إدانة الآخرين، ليبعد الأنظار عن ضعفاته وأخطائه الشخصية الخاصة..
 
أما الإنسان المتدين، فهو مدعو إلى قبول الآخر بكل حب، والتأمل فيما يتميز به من سمات إيجابية، ويتعامل معه من منطلق أنه مخلوق بيد الله تعالى...، ولا ينتظر حتى يصير الآخر مناسبًا، أو جيدًا، أو متعاونًا، بل يحبه كما هو، كما أحبنا الله رغم ضعفنا وخطايانا.. الإنسان المتدين يتعامل مع الآخر كما هو، لا كما يريده أن يكون!!
 
الإنسان المتدين قلبه مفتوح للجميع، وعقله مفتوح للجميع، دون تنازل عن جوهر الدين، أو المبادئ الإيجابية الإنسانية.
 
(تتبع)
 
أسقف الشباب العام بالكنيسة القبطية الأرثوذكسية
نقلا عن المصرى اليوم
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع