لماذا تحدّ الخضار الورقية الداكنة من السرطان؟
صحة | أنا أصدق العلم
الثلاثاء ١١ سبتمبر ٢٠١٨
«تأكد من أنك تأكل خضارًا ورقية داكنة» نصيحةٌ شهيرةٌ يقولها أخصائيو التغذية، ومعلّمو الحميّات الغذائيّة الواثقون من أنفسهم، والكثير منا، وأمهاتنا.
وعلى الرغم من أنّه قد يكون معروفًا أنّ هذا النوع من الخضار مفيدٌ للغاية لصحة الفرد، إلّا أنّ التدابير الجزيئيّة خلف هذه التأثيرات الوقائية لا تزال لغزًا كبيرًا.
ولكن الآن، أظهر فريقٌ من الباحثين من معهد فرانسيس كريك في لندن كيف أنّ مركّب إندول 3- كاربينول (وهو مركبٌ كيميائيّ يُنتَج بكميةٍ كبيرةٍ في بعض النباتات مثل البروكلي والكرنب والملفوف) يساعد في الوقاية من التهابات الأمعاء التي قد تؤدّي إلى سرطان القولون.
أظهرت الأبحاث السابقة على فئران التجارب أنّ إيقاف نشاط أحد أنواع البروتينات الخلويّة -والذي يُسمّى مستقبلات أريل هيدروكربون- يؤدّي إلى عدوى قاتلة وأورام معوية في الحيوانات.
لدى كلٍّ من الفئران والبشر، تعمل مستقبلات أريل هيدروكربون كمستشعراتٍ بيئيّة، وبالتالي نجدها في الخلايا التي تتعرّض لعناصر العالم الخارجي مثل الجلد والرئة والأمعاء.
في طبقة الأمعاء التي تفصل خلايا الجسم عن تريليونات البكتيريا التي تستعمر السطح الداخلي، تعمل المستقبلات على إرسال إشارات تعمل على إصلاح الأنسجة المتضرّرة؛ ما يساعد على منع العدوى بواسطة البكتيريا الضارة، ويمنع حدوث استجابة مناعيّة ضد العديد من أنواع البكتيريا المفيدة التي تكوّن النبيت الجرثومي المعوي.
في سلسلةٍ من التجارب على بعض الفئران الحيّة والمُعدّلة جينيًا ومزارع خلايا الفئران، لم يكتشف فريق فرانسيس كريك كيف أنّ مستقبلات أريل هيدروكربون تُشرف على هذه الوظائف الضروريّة عن طريق تنظيم الخلايا الجذعية التي تتحوّل لاحقًا إلى الخلايا المبطّنة للأمعاء فقط، بل وأشار إلى أن إنزيم آي 3 سي (وهو أحد الجزيئات التي ترتبط بمستقبلات أريل هيدوكربون) قادرٌ على تفعيل مسارات مستقبلات أريل هيدروكربون نفسها عندما تكون المستقبلات غائبة أو معطلة. (نُشرت النتائج في مجلة المناعة).
تقول الدكتورة أمينة ميتيدجي: «قمنا بدراسة الفئران المعدّلة جينيًا والتي لا تستطيع إنتاج أو تفعيل مستقبلات أريل هيدروكربون في أمعائها، ووجدنا أنّها طورت بالفعل التهابًا في الأمعاء والذي تطور إلى سرطان القولون».
وتضيف: «إلا أنّه عندما أطعمناها وجبات غنية بإنزيم آي 3 سي، لم تُصَب بالالتهاب أو السرطان، ومن المثير للاهتمام أنّه عند تغيير وجبة الفئران التي كانت قد أصيبت بالسرطان بالفعل إلى وجباتٍ غنيةٍ بالإنزيم، انتهى الأمر بإصابتها بأورام أقل والتي كانت أيضًا أورامًا حميدة».
لاحظت دكتورة ميتيدجي وزملاؤها أيضًا أنّ الفئران الطبيعية غير المعدّلة جينيًا، والتي أطعموها وجبة فئران طبيعية أُصيبت بسرطان القولون في حدود عشرة أسابيع، بينما الفئران التي كانت قد تناولت وجبات غنية بالإنزيم أو ببساطة وجبات غنية بالخضار، لم تُصَب بالسرطان.
هذا يشير إلى أنّ إنزيم آي 3 سي وبعض المواد الكيميائية الأخرى الموجودة في الخضار هي مواد ضرورية لصحة القولون، على الأقل لدى الفئران.
الخطوة التالية ستكون التحقّق فيما إذا كانت هذه الآلية تعمل أيضًا لدى البشر.
يضيف الدكتور المؤلف جيتا ستوكينغر: «في الوقت الحالي، لا يوجد ضررٌ بالتأكيد في تناول المزيد من الخضار!».