لماذا أنا
أوليفر
الخميس ١٣ سبتمبر ٢٠١٨
Oliverكتبها
- مثل كل يوم من أيام الفردوس.جلس آدم وحواء في حضنه و الفرح يشمله.النور يشع من وجهيهما و من قلبيهما.الأفكار تأتيه فينظرها فإذا الله فيها جميعها.لا شيء في الفردوس غير منسجم مع كل ما في الفردوس.الطيور تأتي قدامه و تغرد.تفرح لو نظر إليها و هو كأب يحنو عليها , يقتطف من السنابل ليطعمها.كل كائنات الجنة تشتاق للمسة حواء الرقيقة تستدفء بها و تدفئها.
- يسأل آدم الله في وداعة و الحب يملأه.لماذا أنا؟ كل المخلوقات جميلة و في عينيك حسنة فلماذا أضفت فوق الجمال جمالك و كسوتني به.كل المخلوقات خرجت من بين يديك كاملة فى دورها, متقنة فى طبيعتها أما أنا فلم أخرج من بين يديك بل دخلت إليك و وهبتني صورتك صرت فىَ و أنا فيك بينما كل المخلوقات خارجة عنك بلا نسب جعلتني وحدي منتسب لك وحدك فلماذا أنا؟
- علمتني الملائكة أنك من النور صنعتهم.فلما إنجرف بعضهم إلي الظلمة صار زمان فلما صار الزمان فصلت بين النور و الظلمة.أما أنا فلم أكن.صنعتني من تراب الظلمة ثم نفخت في وجهي فصرت نورك فى الأرض فلما خسرت نورك جئت و أشرقت من جديد علي الصليب و نورك أضاء في الظلمة فعرفتك.لم يكن المولود أعمي إلا أنا.لم يكن العائد إلي عينيه إلا أنا.عدت إليك يا عيني أنت.لم تفصلني عنك حين دخلت زمن التيه.لكنك ظللت تقودني و تلاحقني حتي أعدتني إلي فردوس آخر أكثر من الأول جمالاً و أعظم من الجنة كمالاً .لم تشفق علي الملائكة و لا علي إبنك علي الصليب من أجلي لكنك أشفقت على كل الإشفاق فلماذا أنا؟
- أتمشي بين جداول المياه النقية أقرأ عظمة حكمتك بين السنابل كالوصية.أنظر كيف تنفلق البذرة فتثمر كجنسها.تدخل البذرة في طيات الأرض و تنام ثم تنفلق فينبعث من نعاسها كجنسها .على تراب الأرض صار نعاسى.نمت أنا كالسنبلة.إنفلق صدري فصارت حواء ثمرتي .تنسي السنابل بذورها و حباتها و تتفرق .الطيور تتشتت.الحيوانات تنتشر بعيداً.أما أنا فمن إنفلاقة صدري و بذرة ضلعي صارت حبيبتي فلما إستفقت رأيتها لأول مرة.عرفتها و لم تكن خارجي بل داخلي فكيف أفارق داخلى.كيف أمضى من صورتي .أنا أعظم من سنابل الأرض المتفرقة و الطيور الهائمة و الحيوانات المنتشرة. لي حواء التي في داخلي لم تفارقني و في خارجي لا أشعر أنها منفصلة.جعلتها مني كما أنا منك.صورتها من صورتي كما نحن صورتك.من ضلعي خرجت كما أنا من حياتك أعيش حياتي.حواء تعيشني و أنا أعيشها لأرتقي إلي الدرس الذى يجذبني إليه روحك القدوس.أنا بحواء لك و منك فكيف نتباعد..كلما أرمق عيني حواء أراك.أعرف أنني عندك أكثر قرباً مما أتمناه لنفسي فآخذ حواء في حضني و أشكرك.فهي تتكلم مثلي و تحب مثلي و أنا بفرحى أتملقها.من حواء تعلمت مَن أنا عندك.بقدر ما أحببت حواء صرت محبوب لديك أضعافاً مضاعفة.لأنها درس حياتي.تعلمتك من حواء كما تعلمت حواء مني.لم تعط للسنابل شريك يلاصقها بل يغادرها .لم تتمسك الطيور الصغيرة بأعشاش جذورها الأولي و لا حيوانات الأرض تتشبث بنسبها أما أنا فلا فراق لضلعي مهما تباعدت بنا المسافات.كيف صرت أنتمي هكذا رغم أني كنت من غير حواء كنت أتجول غير منتبه لكل أضلاعي فلما كسوت ضلعاً مني صرت لا أتنفس إلا لو ركنت رأسها علي صدري فنتنفس معاً.تضع رأسها مكان الضلع الناقص فأعود مكتملاً أنا بك أكتمل كأني ضلع في صدرك و منه كسوتني صورتك لكي أوجد و أحبك و أري فيك حبك .أنا أعرف الكائنات جميعها لكن هذا العشق عشقي لا يوجد إلا عندي أنا فلماذا أنا.
- في الفردوس آخذ حواء إلي الورود فهي حبيبة الورود .كنا ككل الموجودات لا غطاء لنا سوي السماء.العري في الفردوس لا معني له لذا لا معني للفقر و العوز أيضاً.أنا و حواء مملكة تاجها الوحيد هو الرب.لم يكن للطبيعة سلطان علينا بل نحن تسلطنا عليها.كنا بالستر الإلهي نقهر البرد و لا يوجعنا.الحر لا يتعبنا لأنه كان أيضاً في سلطاننا.كان كل شيء في الجنة تحت سلطاننا لم يفلت منا شيء.فرفعت و حواء عيني إليك و علمت سلطانك.ضابط الكل أنت.فصنعتني ضابط الكل في الجنة.سلطانك ممتد فجعلتني بك متسلط حتي الأبدية.سأبقي أسأل نفسي و حواء نفسي تسأل.لماذا أنا.يتكرر السؤال في يقظتي و أحلامي.فأصلي إليك و أشكر في النعاس و الصحو.فهذا السؤال يثير فى قلبي نفس لمساتك حين إقتربت يداك من حفنة تراب و جبلتني.نفس لمساتك حتي اليوم تتكرر.حواء ما زالت أعظم درس تعلمته و أجمل حب تعلمته و أغلي ضلع لم يفارق قلبي.دعني أركن رأسي و أسألك مجدداً سؤالاً أبدياً لماذا أنا أحببتني؟محبة أبدية أكثر مما للملائكة.لماذا أنا تعطني أحلاماً وأياماً و أفكاراً فأجدني منجذب إليك لا تفارقني و لو فارقتك أنا.كيف كلما سألت نفس السؤال أجد عندك إجابات مختلفة و كلها عجيبة ما كنت أدركها.يا صاحب كل الإجابات والأيام و الأحلام و الرؤى أسألك كل أيامي على الأرض و بعد الأرض لماذا أنا؟