الأقباط متحدون - ما بين التدين السليم والتشدد الفكرى
  • ٢٠:٠٢
  • الأحد , ١٦ سبتمبر ٢٠١٨
English version

ما بين التدين السليم والتشدد الفكرى

مقالات مختارة | الأنبا موسى

٥٠: ٠٧ م +02:00 EET

الأحد ١٦ سبتمبر ٢٠١٨

الأنبا موسى
الأنبا موسى

تحدثنا فى الأعداد الماضية عن علامات النفس الناجحة ومنها:

1- الإحساس بالسعادة. 2- الاتزان. 3- قبول الذات. 4- قبول الآخر.

ونواصل الحديث عن:

5- الكفاءة الاجتماعية:
من سمات النفس الناجحة: الكفاءة الاجتماعية، بمعنى القدرة على إنشاء علاقات جيدة بكل من حوله، فى محيط الأسرة، والشارع، والمدرسة، ومكان العبادة، والمجتمع.. ذلك لأنه قادر- بقوة الله- على التواصل الإنسانى الجيد مع جميع الناس.. هو نور ينتشر فى سلاسة، وملح يذوب فى حب، ورائحة زكية تنعش من حوله فى تلقائية مبدعة، ورسالة مكتوبة فى القلب، معروفة ومقروءة من جميع الناس، مهما اختلفت مشاربهم.

التدين السليم ضد الانغلاق والتقوقع، وهو قادر على أن يخلق منا أشخاصًا منفتحين على المجتمع، محبين ومحبوبين، فى مرونة قوية، نتمسك بالصواب دون أن نتعصب، ونحب الجميع دون أن نتنازل عن وصايا الله.

6- الأهداف الواقعية:
الإنسان الصحيح نفسياً لا يتشبث بأهداف غير واقعية، وغير ممكنة التحقيق.. فهو إنسان يحيا الواقع، ولا يغرق نفسه فى أحلام اليقظة أو الطموحات غير الممكنة.

ولا شك أن التدين يُساعدنا على ذلك، حينما يدعونا إلى القناعة «كُونُوا مُكْتَفِينَ بِمَا عِنْدَكُمْ» (عب 5:13).. «وَأَمَّا التَّقْوَى مَعَ الْقَنَاعَةِ فَهِىَ تِجَارَةٌ عَظِيمَةٌ» (1تى 6:6).

ولكن القناعة ليست ضد السعى إلى النمو، وتطوير الإمكانيات البشرية، الذهنية والعملية والعلمية والمادية.. طالما أن الكل لمجد الله، وأن الهدف ليس هو تضخيم الذات، أو عبادة الماديات. لذلك فالإنسان المتدين يجاهد فى تطوير حياته، وينمى إمكاناته المختلفة سعياً إلى الأفضل، لا من منطلق الطموح الذاتى، ولكن من منطلق استثمار الوزنات لمجد الله، وصولا إلى حياة سعيدة فى الرب.

7- الاستقلال الوجدانى:
بمعنى ألا يكون الإنسان تابعاً- عاطفياً ووجدانياً - لآخر يسبى قلبه، ويستولى على عواطفه، ويلغى إمكانية تعامله مع الآخرين. فالعاطفة البشرية الطبيعية، غير الخاضعة للروح والعقل، تتحول بعد قليل إلى قيد على الإنسان، وسبى شديد، وذاتية بغيضة، وربما حسيات وخطايا، أما العاطفة التى يضبطها العقل، وتقدسها الروح، فهى عاطفة تتسم بما يلى:

أ- الانتشار والاتساع لتشمل الكل. ب- عدم العبودية لإنسان أو شىء. ج- عدم التقلب والثبات. د- الاستنارة بحيث لا تجنح بالإنسان إلى المهالك.

هـ- النقاء والطهر، بسبب عمل روح
الله فيها.

8- الاستقلال المعرفى:
بمعنى ألا يستعبد الإنسان نفسه لإنسان آخر، أو لمدرسة فكرية معينة، بل يكون عقله منفتحاً لكافة البشر والمدارس، مع إفراز روحى وذهنى بسبب أمرين:

أ- روح الله العامل فيه، الذى يرشده إلى جميع الحق. ب- وكلمة الله المغروسة فيه، كسراج يهديه سواء السبيل.

لذلك فالإنسان الصحيح نفسيًا لا يغلق عقله عن إنسان، ولا يرفض فكرًا آخرًا دون مناقشة ودراسة، أو رأيًا آخر دون أن يعطيه فرصة للعرض والتمحيص.

إن التشدد الفكرى دليل عدم النضج.. ولكن هذا لا يعنى أن يكون عقل
الإنسان كطريق مسطح أو حديقة بلا أسوار.. فالسلبية الذهنية وبال على الإنسان أيضًا.

وكل ما نقصده هو أن الإنسان المستنير بروح الله وكلماته، قادر على التمييز بين الغث والسمين، ولذلك فهو لا يغلق ذهنه، ولا يفتحه بطريقة سلبية، بل يتحاور ويتفاعل ليصل بروح الله إلى الحق كل الحق.

فليعطينا الرب أن تكون نفوسنا صحيحة، لمجد اسمه تعالى، وسعادتنا الخاصة، وإسعاد الآخرين أيضًا.
نقلا عن المصري اليوم

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع