الأقباط متحدون - ما شفتش شحيبر ...يا كابتن !
  • ٠٣:٠٦
  • الثلاثاء , ١٨ سبتمبر ٢٠١٨
English version

ما شفتش شحيبر ...يا كابتن !

البروتوبرسفيتيروس أثناسيوس حنين

مساحة رأي

٣١: ٠٣ م +02:00 EET

الثلاثاء ١٨ سبتمبر ٢٠١٨

تعبيرية
تعبيرية
كلمتين خنقونى ! معلش ! 
الأب أثناسيوس حنين 

أعتدت أن أقوم بالتمشية فى شوارع حى جليفادا الهادئ وخاصة بعد أن أأؤموا (من الامامة أى القيادة وهى كلمة عربية وطقسية اصيلة أفضل من تراس الصلاة المعتادة ! ) صلاة الغروب (العشية ) بالدير ونسمة خفيفة تلفح الوجه بطراوة وحنان يملائان القلب بهجة وسكينة وسلام ’ ولقد اعتدت أن أسير فى شارع القديس نيكتاريوس والذى يقع على أحد جانبيه أشجارا غناء من التين الشوكى والليمون والزيتون والرمان ولا يلمسها أحد بل يتركونها تصبغ جمالها على الجبال المحيطة وتعبق المكان بروائح عطرة هى خير دواء للقلب العليل ’ ووسط هذا الجو الرومانسى ’ وجدتنى أرفع عينى نحو الجبال ’ مع مرنم اسرائيل الحلو ديفيد ’ من حيث يأتى عونى وعون الاصدقاء والاخوة والابناء والأباء والدنيا كلها وخاصة بلادنا مصر وشعبها الطيب الاعراق ’ وفجأة !!! وبنما أنا أرفع عينى الى الجبال الشامخة امامى بتواضع ! الجبال هنا خضراء وليست صفراء ! اذا بصوت وحش كاسر كاد أن يطرحنى أرضا ويفقدنى ما تعبت فيه من سلام وهدوء وتأمل ! كلب فى صورة أسد ! يداعبنى بنباح يشبه الزئير ! المضحك المبكى أن صاحبه يقف على الناصية الأخرى من الطريق ويسمك بيده حبلا ذهبي اللونى ’ ينظر الى بهدوء عجيب ابتسامة عريضة ويقل لى (سيجنومى ) أى (أسف باليونانية ). 
 
الكلب فى بلاد الفرنجة ظاهرة اجتماعية كبيرة ’ أينما التفت أو أستدرت وخاصة فى الأحياء الراقية ’ ترى سيدة أنيقة أو صبية جميلة ’ تتكلم وحدها واذا نظرت حولها تجدها تجر كلبا جميلا بسلسلة ثمينة أو خيط حريرى لامع وبعضهم يضع له الفيونكات تشبها بالبنات الصغيرات . يملك اليونانيون ’ وحدهم ’ وكذلك معظم الاوربيين ’ الاف الكلاب ويكفى ما يتم صرفه عليها لاطعام دولتين فى مجاهل افريقيا ! دخول الكلب فى حياة اليونانيين حديث نسبيا اذا قال لنا استاذ اللاهوت االأبائى الموسوعى أنه وبعد خروج الاتراك من اليونان ونوالها الاستقلال فى 1821 م كان أمام اليونانيين فرصة كبيرة ’ بدعم من القوى الكبرى ’ أن ينشئوا دولة حديثة ومعاصرة على أسس متينة وحضارية تليق بتاريخ الهيللينية العريق والعتيق ’ ولكن بدلا من العمل الجاد ’ فضلوا الراحة تعويضا لتعب كبير واذلال عانوه على يد العثمانيين حتى أنه صار هناك سينكسارا خاصا بشهداء وقتلى العصر الاحتلال التركى .
 
اساسات الراحة هى تملك بيت بدين من البنك أدى الى تراكم ديون البلاد وتذمر العباد والعيش المرفه وزادت الفجوة بين جيل أكل خبزه بعرق جبينه وبين جيل ييأكل الخبز ليس فقط بالهموم بل وبالديون ! ووجد قطاع كبير من الشيوخ أنفسهم يعيشون بمفردهم ’ بعد هجرة الابناء والبنات ’ وهنا صار الكلب حلا ! اذا يساعد على ضرورة التمشية صباحا ومساء والاهتمام باكله وشربه وهدومه حتى أنه صارت هناك سوبر ماركتات خاصة بالكلاب! واحد صعيدى مثلى لا يفرق بينها وبين المحلات النورمال ! ذكرنى هذا باحد التجار المصريين الشطار ’ قديما (اسمه على طرف لسانى !)’ الذى استورد أكل الكلاب وأكلناه وقتها بشهية كبيرة قبل أن يتم القبض عليه ! الغريب انه لم تحدث حالة تسمم واحدة بين المواطنين !
 
لست ضد الكلاب ولا عشاقهم ’ هم أحرار ’ على شرط يبظروا حولهم لمأسى الاطفال المهجرين والمشتتين ’ ويتبنوا طفل بدل الكلب! ينفعهم فى أخرتهم ! وان كان علاقتى بهم ’ أى بالكلاب ’ وأبناء حارتنا فى شبابنا المبكر ’ كانت علاقة كر وفر وضرب بالطوب وعضة الكلب وواحد وعشرين حقنة ! ومن المناظر الرومانسية جدا والتى طبعت طفولتنا البريئة باحلى الذكريات ! هو حينما قررت وزارة الداخلية فى الستينيات من القرن الماضى ’ أن تتخلص من الكلاب الضالة ! لا سم نافع معاهم ! ولا طوب وظلط شافع !وكنا نرميه فى الترعة بعد ما نشبعه ضرب فى أحلى علقة أكلها كلب فى مولد ’ نلاقيه طالع من الشط التانى آ فى منتهى السعادة بالحمام الجميل ! تفتق ذهن رجال الأمن أن يعينوا شاويشا سمينا وقصيرالقامة وممتلئ الجسم ومتجهم الوجه وقاسى القلب وحاد النظرات وبيده بندقية (بروحين ! ) كما كنا نسميها ’ وكنا نطلق عليه اسم (السماوى !) هل لها علاقة (بيا سم!) اللى بيدلع بيها زوجات اليوم أزواجهن !!! ثم يقترب من الكلب الضال ! وكلنا ضالون ! ويرمى له لقمة مسمومة وبينما المسكين ينشغل باللقمة ! يرزعه رصاصة تحدث صوتا لا يقل عن مدفع رمضان ! يرتمى الكلب المسكين وهو يعوى وأحشائه طالعة من بطنه ونحن نصفق ونهلل لهذا الفتح المبين والنصر الكبير ! شفتم تربية رومانسية أحلى من كدة! 
 
المأساة هى انه وبيينما يتم قتل الاف الاطفال فى حروب صنعتها أثام الناس الكبار ’ نرى على الفضائيات عسكر ومطافى ورجال انقاذ الدول العظمى يبذلون الجهد الجهيد لانقاذ كلب فى مأزق ! حضارة نفاق كبير ! وثقافة مسعورة ! الأدهى من ذلك هو صدور قانون يجرم سوء معاملة الكلاب ويعاقب بالحبس ! ولا قانون يعاقب من يسئ معاملة الانسان فى بقاع كثيرة من عالم اليوم . 
 
عشان كدة أنا وربما الكثيرين من ابناء جيلى اللى ما كانوش لاقيين ربع ما يصرف على كلاب اليوم ! لا نرتاح كثيرا لهذ التقليعة والتى تتطلب تحليلا نفسيا كبيرا ! نعم للعطف على الحيوان ولكن اللى يعوزه البنى أدم ’ يحرم ع الكلاب ! عنده حق الفنان عادل ابن امام الفكاهة الساخرة والناقدة حينما يطلب شفاعة شحيبر’ الكلب !!! يكلم له حد من الكبار يجيبه له عقد عمل فى دولة عربية والنهاردة ’ يا استاذ عادل ’ بقيت دولة اوربية !!!
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع