الأقباط متحدون - البابا والرئيس
  • ٠٥:٤٩
  • الأحد , ٢٣ سبتمبر ٢٠١٨
English version

البابا والرئيس

ماجد سوس

مساحة رأي

٤٧: ٠٩ ص +02:00 EET

الأحد ٢٣ سبتمبر ٢٠١٨

البابا القديس كيرلس السادس
البابا القديس كيرلس السادس
كتب: ماجد سوس
العلاقة بين باباوات الكنيسة برئيس الدولة دائماً تأتي على ضوء وصية الكتاب حتى لو لم يستطع المسيحي العادي أن يتقبلها فهي علاقة شائكة جدا فمن ناحية البابا يرغب في أن يكسب محبة الرئيس وحكومته حتى يضمن سلام شعبه وتحقيق أكبر قدر من المكاسب لأولاده والتي لا يمكن أن تأتي بغير طريق الحكمة باللين وبالهدوء ومن ناحية أخرى يريد أن يرضي شعبه الذي غالبا ما يريد أن يكون البابا زعيماً لهم متصورين خطأً أن شدة البابا وحدته مع قيادات الدولة ستنهي مشاكلهم وهو أمر لم يثبت نجاحه تاريخياً.
 
دعونا ننظر للتاريخ القريب لنتعلم منه فالبابا القديس كيرلس السادس تقرّب من الرئيس جمال عبد الناصر من أجل شعبه وفي رسالته البابوية بعيد الميلاد في عام 1962 أيد الاشتراكية واختار هذا المصطلح في حديثة عن شركتنا مع المسيح: " إنها اشتراكية الحياة، كما أنها اشتراكية العمل، هي اشتراكية البذل، كما أنها اشتراكية الأمل ..".
 
وبعد النكسة وفي رسالته حين تجلت العذراء في الزيتون كتب رسالة للشعب في عام 1968وبياناً قال فيه : " لنستلهم في ذكريات القيامة قوة للصمود والنهوض .. لن يسمح الله للعدوان أن يسود ولا يرضى للغدر أن يعود .. الثورات المصرية قامت أصلا على المحبة والخير وتدعيم الوحدة الوطنية" ." لقد دعونا الله وندعو أن يوفق بحكمته السيد الرئيس جمال عبد الناصر الذي أجمع الشعب على تجديد رئاسته لجمهوريتنا العظيمة ليعمل وصحبه الأكرمون بذات الجدارة في سياسة وعزم في كياسة وحزم لصالح المواطنين جميعاً وخير الوطن في الداخل والخارج سدد الله خطاه وآزره ورعاه".
 
وعندما أعلن عبد الناصر خطاب التنحي في 9 يونيو 1967؛ توجه البابا كيرلس إلى منزله بمنشية البكري بصحبة ثلاثة مطارنة ونحو خمسة عشر كاهنا، وعندما وجدوا طوفان البشر محيطا بمنزل الرئيس؛ صدرت التعليمات من رئاسة الجمهورية أن تقوم سيارة بفتح الطريق أمام سيارة البابا. وعندما دخل المنزل قال أنا عايز أقابل الريس؛ فأخبروا الرئيس برغبة البابا فى مقابلته؛ فتحدث إليه فى التليفون قائلا: «أنا عمرى ما اتأخرت عن مقابلتك فى بيتى فى أى وقت، لكننى عيان والدكاترة من حولى»، فقال له البابا: «طيب عاوز أسمع منك وعد واحد»، فرد عليه الرئيس «قل يا والدي» فقال له البابا «الشعب بيأمرك أنك ما تتنازلش» فرد عليه الرئيس «وأنا عند الشعب وأمرك» . وعندما أعلن السيد أنور السادات أن الرئيس قد نزل على إرادة الشعب؛ توجه قداسته صباح يوم 10 يونيو إلى القصر الجمهوري بالقبة وكتب كلمة في سجل الزيارات أعلن فيها عن فرحته بنزول عبدالناصر على إرادة الشعب والعودة لممارسة مهامه كزعيم للأمة”.
 
وإزاء هذه المحبة والحكمة التي تعامل بها البابا القديس مع رئيس الدولة ذهب عبد الناصر ليضع حجر الأساس لكاتدرائية الأنبا رويس في يوم 24 يوليو 1965م وفي احتفال رسمي حضر الرئيس عبد الناصر مع الإمبراطور الأثيوبي هيلاسلاسي الافتتاح   25 يونيه 1968م وتبرعت الدولة بنصف مليون جنيه نصف المبلغ كاش والآخر قامت شركات القطاع العام ببناء المبنى الخرساني وحين زار البابا كيرلس عبد الناصر في بيته اعطى أولاده حصالاتهم للبابا كيرلس كتبرع للكاتدرائية.
 
وعندما توفى الرئيس عبد الناصر فى 28 سبتمبر 1970؛ أصدر قداسته بيانا جاء فيه «إن الحزن الذى يخيم ثقيلاً على أمتنا كلها؛ لانتقال الرئيس المحبوب والبطل المظفر جمال عبد الناصر؛ إلى عالم البقاء والخلود؛ أعظم من أن يعبر عنه أو ينطق به. إن النبأ الأليم هز مشاعرنا جميعا ومشاعر الناس فى كل الشرق والغرب بصورة لم يسبق إليها. ونحن لا نستطيع أن نصدق أن هذا الرجل الذى تجسدت فيه آمال المصريين يمكن أن يموت. إن جمال لم يمت ولن يموت؛ إنه صنع فى نحو عشرين سنة من تاريخنا ما لم يصنعه أحد من قبله فى قرون. وسيظل تاريخ مصر وتاريخ الأمة العربية إلى عشرات الأجيال مرتبطا باسم البطل المناضل الشجاع؛ الذى أجبر الأعداء قبل الأصدقاء على أن يحترموه ويهابوه؛ ويشهدوا أنه الزعيم الذى لا يملك أن ينكر عليه عظمته وحكمته». ثم توجه إلى القصر الجمهورى بالقبة؛ وبصحبته وفد كنسى وسجل قداسته كلمة فى سجل التشريفات بقصر القبة قال فيها: «يوم حزين على بلادنا وبلاد الشرق العربى؛ ما أعظم الخسارة التى لحقت بنا جميعا. إن اسم هذا البطل سوف يظل مرتبطا بتاريخ مصر والعرب وأفريقيا ودول عدم الانحياز؛ بل وبتاريخ الأسرة البشرية كلها».
 
أما المتنيح البابا شنودة الثالث فقد قرر بعد خرجه من التحفظ في منتصف الثمانينيات أن يدخل الكنيسة مع الدولة في عهد جديد مبني على الحكمة والمحبة فتقرب جدا من الرئيس السابق مبارك وقد سألته يوما سؤالا مباشراً في دير الأنبا بيشوي عن علاقته بالرئيس مبارك فقال لي من أحسن ما يكون ولم يرفض لي طلب طلبته منه أبداً وكان حريصاً كل الحرص أن تظهر صورة الرئيس مبارك جيدة في المهجر فكان يرسل أثنين من الأساقفة ليحثا الشعب القبطي لإستقبال الرئيس إستقبالا يليق بمكانة مصر وصورة أقباطها.
 
وفي مارس 2001 اكد لـجريدة «الشرق الأوسط» انه التقى الوفد الكونجرس الأميركي وأوضح لهم: ان كل ما يكتب في الصحف وما يبث عبر شبكة الانترنت ليس هو الحقيقة وان الرئيس مبارك يعاملنا كأقباط معاملة طيبة، وحينما توجد مشكلة يتدخل مباشرة في الموضوع للحل.
 
 كما أكد مرارا وتكرارا في كل حواراته خارج مصر أو داخلها أنه لا يوجد إضطهاد في مصر إنما إنتقاص في بعض الحقوق وفي حوارة لجريدة النهار اللبنانية قال: إذا وُجِدَ بعض التوتر، فهو من جماعة معينة. أما الدولة، فلنا علاقة طيبة جداً بها وبكبار رجالها ولنا عندهم نوع من التقدير والمحبة. لكن من يقومون بالضوضاء (من الأقباط والمسلمين) لا يمثلون الشعب. ووضعهم منتقد، لأنه مفروض بأي إنسان مخلص لوطنه ألا يثير انقساماً في هذا الوطن. 
 
وقد أكد هذا رجال الكنيسة ففي يونيو ٢٠١٠ نشرت جريدة اليوم السابع حواراً تحت عنوان الأنبا موسى: مصر ليس بها اضطهاد ولكن مشاكل يمكن حلها. ونشرت جريدة المصري اليوم حوار مطول مع الأنبا بيشوي سكرتير المجمع المقدس في ذاك الوقت قال فيه أن الكتاب المقدس يدعونا إلى تأييد الرئيس 
 
 وحب البابا شنودة للرئيس مبارك جعله يرفض تظاهر الأقباط ضده وقد تحدث إلى التلفزيون المصري إبان ثورة يناير وقال أنه أتصل بالرئيس مبارك وقال له كلنا معك وطالبت الكنيسة على لسان الأنبا مرقس رئيس لجنة الإعلام بالمجمع المقدس بعدم المشاركة في التظاهرات، في حين دعا القمص عبدالمسيح بسيط، كاهن كنيسة السيدة العذراء الأثرية بمسطرد مسيحيى مصر والمهجر إلى الاعتكاف يوم 25 يناير للصلاة فى الكنائس أو المنازل ليحفظ الله مصر وشعبها، وعدم المشاركة فى يوم الاحتجاجات والمظاهرات. 
 
 أما البابا تواضروس الثاني – أطال الله عمره – فقد جاء في عصر الإخوان ورأى بعينيه الهجوم على الكاتدرائية ورأي احتراق أكثر من ثمانين كنيسة ورأى مراحم الرب كيف أنقذ شعبه فجاء رئيس يحاول إصلاح نسيج وطني ممزق من عشرات السنين فبدأ بإعادة كل كنائس الوطن المحروقة على حساب الدولة وجعلها في أقصى صورة ثم أصدر أوامره علناً لوزير الإسكان قائلا دون أن تسأل الأقباط أي مدينة جديدة تبني بها مسجد تبني كنيسة أيضاً وبالفعل تم بناء أكثر من كنيسة وأكبر كاتدرائية في الشرق الأوسط بل ولأول يبني الجيش المصري كنيسة لشهداء ليبيا هدية من الدولة للكنيسة.
 
ثم يذهب رئيس الدولة بنفسه كل عام لتهنئة الأقباط وفي كل مرة يعدهم بالعمل على حل مشاكلهم أصدر قانون بناء الكنائس وإن كان به عوار لكنه خطوة لم يجرأ أحد أن يقوم بها من بداية القرن الثامن عشر ثم يقوم الرئيس بتعيين محافظين أقباط ثم تأتي مشاكل المنيا المتكررة فيعلن اسقف عام المنيا نيافة الأنبا مكاريوس أن الرئيس السيسي تدخل بنفسه وستبنى كنيسة في قرية دمشاو وتم تجديد حبس المتهمين وصرحت المحافظة أنها ستقوم بتعويض المتضررين .
 
كل هذا يتطلب منا ان نؤيد حكمة بابانا ونلتف حول رئيسنا ووطننا من أجل خير ومصلحة أولادنا