الأقباط متحدون - كلام ممل قديم جداً وحديث جداً
  • ٠١:٠٦
  • الاثنين , ٢٤ سبتمبر ٢٠١٨
English version

كلام ممل قديم جداً وحديث جداً

مقالات مختارة | نوال السعداوي

٥٠: ٠٦ ص +02:00 EET

الاثنين ٢٤ سبتمبر ٢٠١٨

نوال السعداوي
نوال السعداوي

ينشغل رجال الأحزاب الفاشلة بالقضايا السياسية الآنية. يتنافسون حول تقسيم كعكة الحكم، يتقاتلون حول مدة الرئاسة، ومنهم من يدخل الانتخابات القادمة لانتزاع الحكم، وغيرها من المعارك التى تطغى على الصحافة والإعلام والثقافة والسياسة والاقتصاد والدين والأخلاق وكل شىء.

لا تشغلهم قضية المساواة بين المواطنين، التى هى صلب العدالة الاجتماعية أو صلب الديمقراطية، إلا فى موسم الانتخابات، من أجل تجميع أصوات النساء، وحصد أصوات الفقراء من الرجال، حينئذ يتشدقون بمشكلات النساء والفقر والبطالة والغلاء، وفساد السوق الحرة، وما إن تنتهى الانتخابات حتى ينفض المولد ويتبدد عرس الديمقراطية.

إنها آفة السياسة الرأسمالية، بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، التى تقلدها وتدور فى فلكها معظم البلاد.

وتظل قضية المرأة من القضايا المعلقة فى العالم كله، رغم تمتع بعض النساء بمناصب رئيسات الدول أو رئيسات الحكومات أو الأمم المتحدة أو وزيرات الحربية والاقتصاد العالمى والبنك الدولى، رغم الخطب الرنانة التى يلقيها دونالد ترامب من فوق المنصات عن قيمة المرأة، لا تكف المظاهرات النسائية عن الخروج إلى الشوارع، ومعهن الفقراء والسود والمهاجرون والمقهورون من كل الفئات والطبقات، تهتف جماهير النساء والفقراء بسقوط العنصرية البيضاء والنازية الجديدة بزعامة دونالد ترامب،

تطالب النساء الأمريكيات الفقيرات بالمساواة مع الرجال ذوى البشرة البيضاء فى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والبيولوجية، فى حقوق الأبوة والأمومة، منها حق النسب للأم مثل الأب، وحق الأم الحامل فى الإجهاض الطبى القانونى الآمن.

وكانت نساء إسبانيا وتونس فى مقدمة النساء المناضلات، لتحقيق المساواة فى قانون الأسرة مع الرجال، ونالت النساء الإسبانيات جميع الحقوق التى يتمتع بها الرجل، بما فيها حق النسب، ونالت نساء تونس الكثير من حقوقهن، وتم تحريم تعدد الزوجات لاحترام المرأة والوقاية من التضخم السكانى، ومنع الحجاب، لإلغاء التفرقة الطائفية وتأكيد إنسانية المرأة، ومنع الطلاق، إلا أمام القاضى فى المحكمة بحضور الطرفين، لمنع بطش الرجل بزوجته، وحق الأم فى الإجهاض بإرادتها، وحق التبنى، وغيرها من الحقوق الإنسانية، وتنال النساء التونسيات اليوم المساواة مع الرجال فى الميراث والزواج بغير المسلم.

تحاول المؤسسات الدينية السياسية خداع النساء والفقراء باستخدام الدين سلاحا ضد العدل والمساواة، وادعاء أن الله هو الذى يفرق بين البشر، وأنه خلق الفقير والغنى، وخلق الذكر والأنثى، وخلق الطبقات والدرجات، وخلق لكل طبقة قوانينها، وخلق للمرأة قانونها الخاص ليقيدها وحدها، ويصبح الجنين فى بطنها ملكا للرجل وحده، وأعطى الرجال الحرية الاجتماعية والبيولوجية والجنسية، والسلطة المطلقة فى الأسرة.

تتشكل جماعات سلفية دينية سياسية من الجنس الذكورى وتوابعهم من النساء، تدعى أنها الوحيدة المالكة لكلمة الله، أو القادرة على تفسير الآيات المقدسات، ونشر الفتاوى والأحكام، وقد تخلفت البلاد الإسلامية والعربية لجمودها الفكرى والخضوع للحكم الدينى رغم التشدق بالدستور المدنى، نجحت الشعوب الأوروبية فى إسقاط حكم الكنيسة خلال القرون الوسطى، وانطلقوا إلى عصر النهضة العقلية والاختراعات العلمية والإبداع، مما جعلهم يتفوقون علينا ويستعمروننا بأسلحتهم المبتكرة الجديدة، يحرصون على بقائنا سجناء الجهل والفقر والمرض والتدين، تعاونوا مع حكامنا لنهب مواردنا وقهر من يفكر بعقله، بل إنهم قادرون على استخدام الإسلام ضدنا، وتمويل وتسليح الجماعات الإرهابية لقتلنا، وتمزيق بلادنا طائفيا، لصالح الحكومات والشركات المحلية أو متعددة الجنسيات التى تعمل مع الاستعمار الأوروبى القديم، والأمريكى الإسرائيلى الجديد، وهذا كلام ممل قديم جدا وحديث جدا.
نقلا عن المصري اليوم

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع