الأقباط متحدون - أسماء.. لها تاريخ
  • ٠٧:٣١
  • الثلاثاء , ٢٥ سبتمبر ٢٠١٨
English version

أسماء.. لها تاريخ

مقالات مختارة | عباس الطرابيلي

٠٧: ٠٦ م +02:00 EET

الثلاثاء ٢٥ سبتمبر ٢٠١٨

عباس الطرابيلي
عباس الطرابيلي

يبدو أن الكتابة عن التاريخ أسهل وأخف على القلب وأيضاً الأخف على قلب الدولة.. وهذه الكتابة لا ضرر فيها ولا منها.. إلا إذا فهمت الجهات المعنية أن ما بين السطور يكفى وينبه أى سلطان.

ومن هذا المنطلق، نجد عندنا أسماء لأماكن لم يعد لها أى معنى الآن.. مثلاً أماكن كانت عبارة عن حدائق غناء ولكنها تحولت إلى غابات من الأسمنت بعضها عشوائية.. إذ كان «خط المعادى» يضم: حدائق المعادى، حدائق حلوان وعين حلوان.. اختفت الحدائق وماتت العين ولم يعد باقياً إلا مجرد اسم على محطة سكة حديد أو محطة للمترو!!. وكانت عندنا حدائق القبة، وحمامات القبة.. بل كوبرى القبة.. وذهب كل ذلك، ولم يعد باقياً إلا قصر القبة وحدائق هذا القصر الذى بناه الخديو إسماعيل ليكون سكناً ومقراً لولى عهد الأمير محمد توفيق، الخديو فيما بعد.. وكان الكوبرى هنا يعبر فوق مخر للسيول القادمة من جبال البحر الأحمر.. أما الحدائق والحمامات فقد أصبحت فى خبر كان.. وإن كان باقياً شارع مصر والسودان وشارع ولى العهد وكان كلاهما يتميز بالفيلات الجميلة التى تحيط بكل واحدة حديقة صغيرة.. وكان سكناً للباشوات والأثرياء.

وحى شبرا رغم أن محمد على أنشأ قصره فى آخره على النيل وزرع على جانبى الشارع أشجار اللبخ التى كانت تنتج زهوراً أعجب بها الناس إذ كانت من لونين: الأبيض قرب ساق الزهرة.. والأحمر الفاتح على قمتها ولذلك أطلق عليها العامة اسم «ذقن الباشا» إشارة لمحمد على نفسه إذ كانت بشرته حمراء اللون ثم البياض الذى يعبر عن لون لحيته.. وبسبب هذه الأشجار التى كانت تظلل الشارع تحول شارع شبرا هذا إلى مكان للنزهة، يخرج إليه الأثرياء بعربات الحنطور متنوعة الطرازات للتنزه.. وكان شارع شبرا هو أطول شارع مستقيم فى المحروسة كلها.. وكانت به «حدائق شبرا»، وانتهت الحدائق.. لتحل ملحها بيوت من أسمنت!!.

وجزيرة «الروضة» هكذا كان اسمها وكان بها قصر السلطان الأيوبى الملك الصالح نجم الدين أيوب.. ومقر جيشه وجنوده الذين تحولوا إلى اسم المماليك البحرية نسبة إلى بحر النيل وهم الذين حكموا مصر بعد مصرع ابنه توران شاه.. ثم تحولت «جزيرة الروضة» إلى ملكية القائد العظيم إبراهيم باشا ابن محمد على.. فأقام فيها البساتين والحدائق.. ومن هنا جاء اسمها: الروضة.. وكانت كل بيوتها تحيط بها الحدائق.. إلى أن اختفى اسم الروضة.. وبقى اسم المنيل من قمتها الجنوبية عند مقياس النيل إلى قمتها الشمالية حيث مستشفى قصر العينى.

وهذه هى «جاردن» سيتى ما بين شارع قصر العينى شرقاً وشط النيل غرباً، وبدأ إبراهيم باشا تعميرها وأطلق ابنه الخديو إسماعيل حركة تعميرها وبناء القصور فيها.. تحيط بها الحدائق.. وتكاد تنتهى هذه الحدائق.. وبقيت غابات الأسمنت هى السائدة.

■ ■ وفى كل هذه الأماكن ماتت الحدائق.. ولكن ظلت الأسماء تدل على عصر كنا فيه نحترم الخضرة ونعشق الزهور، وكانت حدائق الياسمين والفل تعطر الجو كله.. وذهبت الحدائق.. وبقى الحى بلا حدائق.

وكانت أيام!!.
نقلا عن المصري اليوم

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع