شارل مجلى.. ذهبى الفم
مقالات مختارة | أحمد الجمال
الاربعاء ٢٦ سبتمبر ٢٠١٨
تحكمنى المساحة، ولو أن الأمر بيدى لنشرت الرسالة كاملة بغير حذف ولا تدخل، وهى رسالة من أستاذ طب الباطنة والقلب البروفيسور شارل بشرى مجلى «ذهبى الفم»، يوجهها «لكل قبط مصر من مسلميها ومسيحييها لتنبههم للمؤامرة القذرة التى تدور دائرتها ويشتعل أوارها هذه الأيام».. الرسالة موجهة للكل، ولكنها تختص قبط مصر المسيحيين بصورة أكبر، لأنهم هم الهدف الواضح المستهدف للمؤامرة الإخوانية الجديدة، التى تدبرها فلولهم وخلاياهم المستترة غير النائمة، بالتعاون مع أحبابهم المتسلفين، مستخدمين فى ذلك الأميين من أهل ريف مصر عن طريق استثارة عواطفهم الدينية على نحو خاطئ، والجديد فى الأمر هذه المرة هو الاستعمال المفرط للخبث والدناءة لتضليل بعض من أقباط مصر المسيحيين حسنى النية ولا شك فى غالبيتهم العظمى، ولكنى لا أستبعد وجود يهوذا آخر يقبِّل سيده وهو يسلمه للموت.
ثم ينتقل المثقف الوطنى الحر الجسور شارل مجلى ليرصد خطوات أربع، اعتمدها الخونة لتدمير الوطن عبر الاقتتال الطائفى، وسأحاول التلخيص راجيًا عدم الإخلال بالمضمون، والخطوة الأولى جوهرها هو تحريض فلول الإخوان وخلاياهم المستترة ومعهم المتسلفون وتهييجهم لأهالى القرى، التى لا توجد بها كنائس، ويلجأ مسيحيوها للصلاة فى المنازل والمضايف، ويكون محور التحريض والاستثارة للأهالى ناقصى الوعى شكليى التدين، هو أن صلوات المسيحيين تمثل اعتداءً على حقوق المسلمين، لتأتى الخطوة الثانية التى يشكل غياب سلطة الدولة وهيبتها وغياب القانون والعزوف عن تطبيقه، واللجوء لما يسمى الجلسات العرفية، ومعها التحايل على إجراءات التحقيق، اعتمادًا على ما يسمى شيوع التهمة جوهرها، ليتأكد الهدف الذى سعى ويسعى إليه المجرمون المحرضون، وهو إذلال المسيحيين وتأكيد حقيقة أنهم مواطنون من الدرجة الثانية.
ثم تأتى الخطوة الثالثة وجوهرها هو إصرار الإخوان والمتسلفين وبخبث خيانى شديد على الوقيعة بين المسيحيين وبين الدولة، باستخدام كتائب الحرب الإلكترونية ووسائل «التفاصل» وليس التواصل الاجتماعى، وقد ضبط توقيت تلك الخطوة الثالثة مع التغيير الذى طرأ على المناخ العام، وأهمه وجود رجل على رأس السلطة يعى جيدًا، بحكم فكره الاستراتيجى الملم بأبعاد المؤامرات التى تُحاك ضد مصر، خطورة الدسائس الطائفية على كيان البلد وتوحدها، فيعمل على إفشالها، إضافة لمحبته غير المزيفة لإخوانه فى الوطن، ولذلك وجدنا لأول مرة أن الدولة تحيل المتسببين فى الأحداث للنيابة والقضاء، ووجدنا القيادات الدينية المسيحية تصر على إنفاذ القانون بدون اللجوء للمجالس العرفية، وتكون الخطوة الرابعة القائمة الآن هى التركيز الشرس شديد القذارة على إفساد علاقة رئيس الجمهورية بمسيحيى مصر، وهى العلاقة التى جوهرها وكسوتها المودة والمحبة والاحترام المتبادل، ووجدنا أنهم يركزون إلكترونيًا على محاولة إيهام الأقباط المسيحيين بأن الرئيس هو المسؤول الأول عن أعمال العنف الطائفية، وكأن مسيحيى مصر قد نسوا العصر الأسود للرئيس المؤمن، الذى افتتح عهده بأحداث الخانكة، واختتمها بأحداث الزاوية الحمراء، وعزل واعتقال البابا شنودة ومعه خيرة مطارنة وأساقفة وكهنة مصر، وكأننا نسينا أحداث الكشح والتوفيقية وكافة بلاد الصعيد فى عصر مبارك الرخو..
وكأن – أيضًا – حرق وتدمير ما يقترب من ثمانين كنيسة ومدرسة مسيحية ودارا للأيتام على يد الإخوان المتأسلمين إبان فض رابعة قد تبخر من ذاكرتنا، إضافة إلى أنهم ينشرون أقاويل مبهمة توحى بأن رأس الدولة سلفى متعصب متخفٍ ويكره المسيحيين إلى آخر هذه الترهات المغلوطة المفضوحة غير الصحيحة.. ثم يتجه العالم الوطنى الجليل إلى رصد بعض من جهود وإجراءات الدولة، خاصة الرئيس السيسى لإعادة التوازن فى بنية الدولة وخاصة بوضع أقباط مصر المسيحيين فى مكانتهم السليمة كمواطنين، كاملى المواطنة، ابتداءً من حضور الرئيس لقداسات عيد الميلاد فى الكاتدرائية، وإعادة إعمار الكنائس والمدارس، إلى آخر ما هو معروف عمليًا، إلا أن التآمر الإخوانى اشتد واتجه لفبركة وقائع، واستدعاء وقائع قديمة قبل 30 يونيو، فيها إسفاف وتجاوز من بعض المسؤولين تجاه المسيحيين، إضافة لتحريف مواد إعلامية «فيديوهات»، يستنطقون فيها الرئيس بما لم ينطقه، إلى آخر ما هو منتشر من فيديوهات مضروبة ومشوشة، تحكى قصصًا وهمية عن الجحيم الذى يعيشه الأقباط.. ويؤكد البروفسور شارل أن ما يكتبه ليس قفزًا على الواقع بأن حال أقباط مصر على خير ما يرام، لأننا كلنا ندرك أن أمامنا مسافة كبيرة، كى نصل إلى حلمنا بدولة مدنية تقوم على المواطنة للجميع، لكن من الظلم الفادح أن نهدر جهودًا مبذولة، وأن نسىء الظن برجل صادق، وينبغى ألا نكون سذجًا وبلهاء فنقع ضحية للإخوان المجرمين ومن والاهم، الذين يريدون وبإصرار شق صفوفنا، وتدمير مصرنا الغالية.. ثم يختم الرسالة بأن من حق من أهدرت حقوقه كمواطن قبطى أن يحتج، ولكن لن نكون أبدًا خنجرًا فى خاصرة الوطن، الذى تمتزج فى أرضه المقدسة دماء مرقس وحسن.
نقلا عن المصري اليوم