الشهيد أبانوب تكلا
مقالات مختارة | حمدى رزق
الخميس ٢٧ سبتمبر ٢٠١٨
.. واختلطت هتافات المسلمين والمسيحيين فى النداء على جثمان الشهيد أبانوب «لا إله إلا الله.. الشهيد حبيب الله»، «أبانوب يا شهيد فى السماء فى حضن القديسين» و«أهو أهو الشهيد أبانوب أهو»، ثم هتفوا جميعا «مسلم مسيحى إيد واحدة».
وانتظر الآلاف خارج الكنيسة، التى امتلأت عن آخرها، وتحولت الجنازة إلى مظاهرة ضد الإرهاب وتسابق الشباب المسيحى والمسلم فى حمل الجثمان إلى المقابر، وزغردت نسوة منهن من فرط الحزن فرحاً بالشهيد، وألقى البعض الزهور على النعش.
وطالب والد الشهيد، بأن تخرج الجنازة من داره، ووافق المستشار العسكرى، والدكتور كمال جاد شاروبيم، محافظ الدقهلية، على طلب والد الشهيد، وخرج من سيارة الإسعاف إلى بيته ملفوفاً فى علم مصر، واستقبلته الجارات الحزينات بالزغاريد، وتم السماح لأمه وأشقائه الثلاثة بالدخول إليه وخرجن معه، ومن البيت إلى الكنيسة التى غصت بالآلاف من أهل القرية والقرى المجاورة، وقرر المحافظ «شاروبيم» إطلاق اسم الشهيد «أبانوب» على إحدى مدارس القرية تخليداً لذكراه، واستجابة لرغبة الأهالى.
بتصرف من وصف صحيفة «الوطن» لجنازة شهيد الإرهاب جندى مجند أبانوب رضا غالب تكلا «20 سنة» من قرية «نجير» بمركز دكرنس، الذى استشهد أثناء أداء الخدمة العسكرية فى مواجهة مع الإرهابيين فى «رفح» بشمال سيناء.
«الشهيد أبانوب» هو أول قبطى فى محافظة الدقهلية يستشهد فى الحرب على الإرهاب فى سيناء، ولكنه ليس الأول فى هذا الوطن ولن يكون الأخير، إن كان فى أرضك مات شهيد/ فيه ألف غيره بيتولَد.. ومدد مدد.. مدد مدد مدد مدد.. مدد مدد.. شدى حيلك يا بلد.
عظمة هذا المشهد المصرى الخالص فى النداء على الشهيد بحبيب الله؛ لم يفكر المسلم لحظة أنه مسيحى، بل جندى مصرى وشهيد.. وكفى، الفطرة سليمة، والإيمان فى القلوب، والدين لله والوطن للجميع.
عظمة هذا المشهد فى الجنازة العسكرية المعتبرة، خروجة الأبطال، وجثمان الشهيد ملفوف بعلم العزة والكرامة والشرف، أبانوب حارب تحت العلم، وارتقى ملفوفاً بالعلم، علم لو تعلمون عظيم، يستحق التضحيات العظام.
عظمة هذا المشهد القروى فى زغاريد الأم تزف ابنها إلى السماء صابرة، أن تسبق الزغاريد خرجته، بل زفته، القرى المجاورة خرجت عن بكرة أبيها تنتظر الشهيد على طريق الحزن «نجير- دكرنس» عند عودته من الإسماعيلية، على قلب رجل واحد اسمه «غلاب»، قلبى معاك يا والدى، شد حيلك، ابنك شهيد، وفى الشهادة فليتنافس المتنافسون.
أم أبانوب، المصرية الطيبة، أصرت على أن ترى وجهه لآخر مرة، ستراه تالياً فى أحلامها، سيزورها لابسا «تونية بيضا» عريساً فى السماء، وستعلق صورته جوه المندرة، وسترسم صورته كل أحد فى الكنيسة وهى تصلى وتوصى به ستنا العذراء المكرمة مريم بنت عمران عليها السلام.
يا الله.. مواكب الشهداء تقطع مصرنا طولاً وعرضاً، من جزيرة النباتات فى أسوان وحتى قلعة عرابى فى رشيد، لكل نصيب من الشهادة، أرضك يا مصر مروية بدماء ولادك، وأرضك يا سيناء مكتوب على كل حجر اسم شهيد، الملائكة تحف أوديتك وجبالك وتصلى فوق رمالك حباً فى الشهداء.
لا تسل مَن الشهيد اليوم أو غداً، يكفى أنه شهيد، هم السابقون، وليتنا كنا اللاحقين، أبانوب اليوم غداً محمد، وقبلهما وبعدهما طوابير تتدافع من أجل نيل شهادة فى الدنيا وجنة فى الآخرة عرضها السماوات والأرض.
نقلا عن اليوم السابع