الأقباط متحدون - العجلة البناتي .. منذ أيام .. ماما وخالاتي !!
  • ٠٥:٥٣
  • الخميس , ٤ اكتوبر ٢٠١٨
English version

العجلة البناتي .. منذ أيام .. ماما وخالاتي !!

نبيل المقدس

مساحة رأي

٤٦: ١٠ ص +02:00 EET

الخميس ٤ اكتوبر ٢٠١٨

كتب: نبيل المقدس
لي حوالي شهرين أحاول أن أجد صورة تم إتخاذها في سنة 1949 كما هو مكتوب علي ظهرها .. كانت الصورة لوالدتي وبجانبها أختها الصغري خالتي كنت قد رأيتها من قبل ولم أهتم وقتها أن أحتفظ بها للزمن .. كل واحدة فيهما راكبة عجلة في حديقة غالبا كانت في مديرية أسيوط " قبل أن يبدلوا كلمة مديرية إلي محافظة "  .. ولمحت شخصين بالبدل والطرابيش علي رأسيهما لزوم الوجاهة والشياكة .. واحد منهما ممسك بكتاب وجالس علي كرسي الحديقة والمعروف بجمال شكله .. أما الآخر أتصور أنه بيلعب مع فتاة شابة لعبة الشطرنج الموضوعة بينهما علي كرسي الحديقة ومنهمكين جدا في اللعبة , حيث يضع هو يده اليمني علي مسند الكرسي ويبدو انه يبتسم لها يقول لها " كش ملكة " .. أما هي فكانت تضع رجل علي رجل حيث كانت الفساتين أو الجيبات طويلة إلي تحت الركبتينن بعشرين سنتميتر .. وتضع رأسها بين يديها موجهة نظرها إلي أسفل نحو اللعبة آخذة في تفكير عميق ... هذا السيناريو أوحي لي من منظرهما وهما جالسين ببراءة يلعبان الشظرنج. 
 
هذه الصورة تمثل فعلا حال شبابنا زمان .. شباب الحب والجد واللعب .. ثلاثة أعمال كانوا يتمتعون بها بدون مضايقات من الأخرين .. أو بدون سماعهما لكلمات الوقاحة وقلة الأدب .. كانوا مملوئين ثقافة وفن وعمل .. واضح من أخلاقيات هذه الأجيال أن شعبها واع ومدرك وأنه يحب مصر .. وهذا لجمال كل ما كان واضحا في الصورة من نظافة الحديقة .. وفعلا هناك في آخر الصورة من بعيد يظهر جزء من " مكنسة الحدييقة والمعروف بشكلها المميز " وواضح أنها كانت ممسوكة بشخص لكنه لم يظهر في الصورة وأكيد هو الجنايتي والمعروف وقتها أنه كان دؤوب في العمل علي تحسين الحديقة بقدر الإمكان , و بدون رقيب بل من وحده لأنه أحب العمل ذاته. 
 
لم يقتصر فقط ركوب البنات العجلة في الإربيعنات بل إمتد إلي الخمسينات حتي منتصف الستينات .. وعلي ما اتذكر كان أول من ركب العجلة في أسيوط أول الخمسينات هم بنات مدير إحدي المؤسسات الخيرية وكن يسكن بعيدا عن مدرسة الإمريكان للبنات .. ركوبهن العجلة في ترتيب عجيب لم يختلف يوما .. تتقدم أكبرهن إلي الأمام ثم تليها الثانية والثالثة راكبات العجلة ويسيران جنبا إلي جنب , وبنفس النظام يليها الصف الثاني من الأختين الرابعة والخامسة ... كن محل إعجاب دائم من المارة , وفي بعض الأحيان كان المرتجلون يصقفون لهن تشجيعا وفخرا ..
 
أصبحت محافظة أسيوط من أرقي المحافاظات في صعيد مصر .. وكما يقولون كان الكثير من موضات  الأزياء تخرج من أسيوط وذلك لكثرة الأسر التي كانت من عائلات باشاوية وعائلات لها نسب وصلات مع الأسرة الملكية .. فكانت سيدات هذا المجتمع منارة حضارية لمصر .. لذلك أطلقوا عليها من زمان عروس الصعيد. هذا العامل جعل من ركوب السيدات العجل أمرا طبيعيا .. حتي أصبحت هي الوسيلة الوحيدة للمواصلات بالنسبة لظالبات وطلاب الجامعة التي تم إفتتاحها  سنة 1958 ,, وهي رابع جامعة يتم إنشائها في مصر .
   
 أتذكر في يوم أن طالبة كانت تٌعتبر من جميلات الكلية .. تسير في طريقها إلي مدخل مكان إنتظار العجل الملحق بإحدي الكليات العملية .ومن سوء حظها السيء دخلت  في منظقة يكثر فيها الرمال , فلم تستطيع أن تتحكم وتسيطر علي العجلة فسقطت علي الأرض وسقطت العجلة عليها .. من الطبيعي ظهر أجزاء من جسدها .. رأيت فجأة مجموعة من الطلبة حوالي أربعة يحوطونها وأتت من ورائهم طالبتان كانتا يقفا مع هؤلاء الطلبة .. وإذ أجد واحد من الطلبة يقول لزميلته تقدمي انتي وداري عليها ... فعلا اقامتا الطالبتان الطالبة سيئة الحظ .. ورأيت  طالب آخر ينظف لها العجلة والشنطة وآخر يعدل لها " جادون العجلة " وآخر ذهب إلي " كانتين الكلية وأحضر لها زجاجة سباتس " ووقفوا بجانبها حتي إستردت وعيها وتبرع أعدهم أن يوصلها إلي مكان الإنتظار مشيا علي الأقدام ممسكا بالعجلة حتي وضعها في مكانها .. 
 
أين هؤلاء الشباب الأن .. أين الرجولة والشهامة والصفات المصرية التي ورثناها من أجدادنا الفراعنة في شبابنا الآن ؟؟ .. تحول شبابنا إلي عبدة سلطان العالم بالرغم مظاهر التدين التي ظهرت فجأة بقيام المجموعات التي تدعي الدين .. فقد حولت النواميس والشرائع إلي طريق المفهوم الخطأ للكلمة كانوا يقصدونها أو لم يقصدونها .. كما جعلوها أدوات التقييد والرجعية والإحباط واليأس والحياة في الظلام لكي لا يراهم أحد . توحش بعض الشباب بسبب غرز وزرع الكلمة ذات المفهوم الخاطيء إلي حيوانات هائجة لا تعرف فن الحياة ولا فن الحب .. بل إكتسبت فن القتل والكراهية للغير .. صبوا كل عقدهم علي المرأة فحجبوا شعورهن وعروا أجسادهن وفي نفس الوقت كانوا السبب في ذهابهم إلي أحدث الموضات الغربية والتي أصبحت مسخرة المرأة في العالم .. لا يهم الفستان قصير أو مقطع أو يُظهر مفاتنها بل الأهم أن رأسها يتغطي بحجاب الجهل والرجعية إلي القديم ... !
  تركت المرأة العجلة .. لكنها بعنادها ركبت السيارة طالما تستخدم حجاب التخلف كما تستخدم حزام الأمان. ..... 
                                                                              
 
الكلمات المتعلقة
حمل تطبيق الأقباط متحدون علي أندرويد