الأقباط متحدون - في قرية مصرية يحاكم فيها المتهمون حرقاً
  • ٠١:٤٠
  • السبت , ٦ اكتوبر ٢٠١٨
English version

في قرية مصرية يحاكم فيها المتهمون حرقاً

أخبار مصرية | العربية

١٦: ٠٥ م +02:00 EET

السبت ٦ اكتوبر ٢٠١٨

قرية مصرية يحاكم فيها المتهمون حرقاً
قرية مصرية يحاكم فيها المتهمون حرقاً

 في بعض مناطق مصر تجري هذه المحكمة الخاصة، وفيها يتم كشف المتهمين بطريقة خطرة وقاسية، بل ومرعبة، لكنها حاسمة وناجزة ونهائية.

 
إلى هذه المحكمة يلجأ المتخاصمون والمتنازعون الراغبون في عدالة سريعة، وعليهم أن يقبلوا بشروطها القاسية، وأعرافها وطقوسها الثابتة منذ مئات السنين.
 
تسمى هذه المحكمة بالبشعة، وتجرى في مناطق بسيناء والإسماعيلية، وهي عبارة عن جلسة يقودها محكم، ويستخدم فيها قطعة حديدية على هيئة طاسة تترك في النار لفترة قد تستمر لنحو 15 دقيقة، ثم يطلب من المتهم أن يفتح فمه، ويمررها المحكم على لسانه 3 مرات، فإذا كان بريئا وصادقا لا تصيبه النار، ولا تحرق لسانه، أما إذا كان كاذبا ومدانا فتشوه النار لسانه وتحرقه وتكشفه أمام الجميع.
 
يشرب المياه قبل المثول أمام المحكمة
 
الشيخ فضل العيادي
أُطلق عليها هذا الاسم، نظرا لبشاعتها وقسوتها، وتستخدم في كشف المتهمين في قضايا السرقة والشرف والقتل وإثبات النسب.
 
في منطقة سرابيوم التابعة لمدينة فايد بمحافظة #الإسماعيلية شمال شرق مصر، تجري إحدى هذه المحاكم، ويترأسها الشيخ فضل العيادي أحد قيادات قبيلة #العيايدة التي تنتشر في محافظات مصر، ويتردد على المحكمة العشرات يوميا من محافظات شتى ودول مجاورة، وجميهم يفدون إليها طلبا لإظهار الحقيقة التي لا تقبل الشك، وطمعا في استعادة الحق المغتصب، دون تشهير أو عنف أو إبطاء.
 
"العربية.نت" كانت هناك وشاهدة على جلستين منها، الأولى كانت لرجل اتهم عاملا لديه بسرقة مبلغ 5 آلاف جنيه، وبوضع لسانه تحت البشعة ظهرت براءته، فلم يصب بأذى، وانتهت الجلسة بتقديم الرجل اعتذارا للعامل وسط مباركة الجميع، أما الثانية فقد انتهت بكشف المتهم بالسرقة أيضا وإدانته.
 
ويقول الشيخ فضل العبادي، إن البشعة مهنة قديمة ومتوارثة في قبيلته، وبدأت بواقعة حدثت لجده الأكبر قبل مئات السنين، حيث سرق منه جمل، واتجهت شكوكه نحو عاملين اثنين لديه، لكنهما نفيا تورطهما بسرقته، وفي مساء تلك الليلة كان الحل الذي توصل إليه من خلال رؤية جاءته في منامه بأن يقوم بوضع طاسة تشبه طاسة البنائين في النار، ويمررها على لسان العاملين، ومن يحترق لسانه فهو السارق، مضيفا أن جده نفذ الرؤية واكتشف السارق بالفعل، وبعدها أصبحت مهنة يتوارثها الأبناء والأحفاد في القبيلة.
 
ويضيف الشيخ فضل أن عدم احتراق لسان البريء بنار البشعة يرجع إلى أن البريء تزداد إفرازات الغدد اللعابية لديه، بسبب صدقه وثقته في نفسه وثباته الانفعالي، فيزداد لعابه ويغطي لسانه فيمنع إصابته بالنار، بينما على النقيض من ذلك في المدان حيث يقل إفراز اللعاب بسبب خوفه وتوتره، فيصبح اللسان بدون غطاء لعابي لذا يتعرض للحرق والتشوه فور لمسه النار.
 
ويشير إلى أن الجاني وفور احتراق لسانه يتم الحكم عليه، ويلتزم أقاربه وعائلته وكبار رجال قبيلته، بتنفيذ ما يتم الحكم به عليه، مضيفا أن المتهم يحتاج لنحو 15 يوما حتى يشفى لسانه من آثار الحرق، ويمكنه استخدام الطحينة لسرعة العلاج والتئام الحرق والبثور.
 
وذكر أن طقوس البشعة تتم كالتالي: وهي أن يجلس المتهم على ركبتيه أمام البشعة والمحكم، ويقسم بالله ثلاثا أنه لم يرتكب الجريمة، أو يخطط لها، أو يحرض عليها، أو شارك فيها أو شاهدها، أو يعلم شيئا عنها، ثم يقوم بمضمضة فمه بالماء 3مرات، وبعدها يتم تمرير البشعة الملتهبة على لسانه 3مرات، ثم يطلب منه مضمضة فمه بالماء 3 مرات أخرى، مشيرا إلى أنه يطلب بعد ذلك من المتهم فتح فمه وإخراج لسانه، فإذا كان بريئا ظهر لسانه وكأن شيئا لم يحدث له، وإذا كان مدانا تظهر بلسانه بقعة وبثور من آثار الحرق، وهنا تتم إدانته والحكم عليه.
وعن اختيار المحكم الذي يقوم بهذه العملية، قال الشيخ فضل إنه يشترط فيه الأمانة والصدق والنزاهة، وأن يلتزم بشرع الله وأمانته فيما أوكل إليه من مهمة، وعليه أن يستمع لآراء المتخاصمين أولا، وكل على حدة قبل اللجوء للبشعة، ويخطر الجميع بصعوبتها، ولو اعترف الجاني قبل اللجوء للبشعة يتم تسوية الأمر وديا، أما إذا لم يعترف فيتم إخضاعه للبشعة للتأكد من براءته، مضيفا أن الطرف الآخر يكون ملزما برد اعتبار البريء والإشهاد عليه أمام عائلته وأهل قريته بأنه رجل شريف وصادق ونزيه.
 
المقابل المادي الذي يتقاضاه المحكم كما يقول الشيخ فضل رمزي وزهيد فهو لا يحتاج مقابلا لذلك، ويقوم بهذه المهمة تطوعا وحملا لأمانة وإرث ارتبط بقبيلته، مؤكدا أنه لابد للمحكم أن يتمتع بثقة الناس وحبهم حتى يقبلوا بحكمه.
 
وعن قانونية هذه المحاكمة قال الشيخ فضل إنها عرف وليست قانونا، ولا يعتد بها أمام القضاء العادي، ولو لجأ المتخاصمون والمتنازعون أمام المحكمة العادية فلا أثر قانونيا يكتسبه أي طرف منهما بسبب البشعة، لكن لا يوجد من لجأ إلى البشعة واضطر بعد ذلك للجوء إلى القضاء العادي، مشيرا إلى أن البشعة وسيلة فعالة وسريعة وناجزة للحصول على الحقوق ودون إبطاء أو تأخير، مختتما بالقول إنه يمكن اعتبارها أسرع وسيلة لكشف الكذب وضبط الجناة.
تنوية هام: الموقع غير مسئول عن صحة أو مصدقية أي خبر يتم نشره نقلاً عن مصادر صحفية أخرى، ومن ثم لا يتحمل أي مسئولية قانونية أو أدبية وإنما يتحملها المصدر الرئيسى للخبر. والموقع يقوم فقط بنقل ما يتم تداولة فى الأوساط الإعلامية المصرية والعالمية لتقديم خدمة إخبارية متكاملة.