ساكبة الطيب
نسيم عبيد عوض
٢٢:
٠٧
م +02:00 EET
السبت ٦ اكتوبر ٢٠١٨
كتب : نسيم عبيد عوض
الجزء الأخير من الإصحاح السابع الأعداد من 36الى 50 ‘ من إنجيل معلمنا القديس لوقا البشير ‘هو إنجيل قداس اليوم ‘ والمتضمن " وسأله واحد من الفريسيين أن يأكل معه‘ فدخل بيت الفريسى واتكأ. وإذا إمرأة فى المدينة كانت خاطئة ‘إذ علمت أنه متكئ فى بيت الفريسى ‘ جاءت بقارورة طيب. ووقفت عند قدميه من ورائه باكية ‘ وابتدأت تبل قدميه بالدموع‘ وكانت تمسحهما بشعر رأسها ‘ وتقبل قدميه وتدهنهما بالطيب. ..."
والإصحاح السابع هذا مليئ بالأحداث نذكر منها:
ألأول: فى كفر ناحوم وفيها تم شفاء عبد قائد المائة الذى قال
للرب" قل كلمة فيبرأ غلامى ..وقال الرب عنه " لم أجد ولا فى اسرائيل ايمان بمقدار هذا "9"! لتعطينا قوة كلمة الله الشافية.
الثانى : تحننه على أرملة نايين وبكائها على ابنها وحيدها المحمول على الأعناق ‘ فى طريقه للقبر ‘فقال اولا للأرملة لا تبكى‘ ثم تقدم ولمس النعش فوقف الحاملون ‘ فقال ايها الشاب لك أقول قم "14" وهو هنا الحياة الذى يهرب من أمامه الموت‘ كقول الكتاب " لأنه كما ان الآب يقيم الأموات ويحي ‘ كذلك الابن أيضا يحيي من يشاء.يو5: 21"
الثالث : تحننه على يوحنا المعمدان عندما أرسل اثنين من تلاميذه وسألوه أنت هو الآتى ام ننتظر آخر ؟
ورسالة يوحنا أن يتأكد تلاميذه من نبوته أنه ابن الله الوحيد الجنس وحمل الله الذى يرفع خطية العالم"‘وأيضا قال " ومن ملئه نحن جميعا أخذنا ‘ ونعمة فوق نعمة" ولذلك رد الرب عليهم "فاجاب يسوع وقال لهما(إذهبا وأخبرا يوحنا بما رأيتما وسمعتما :إن العمى يبصرون ‘ والعرج يمشون ‘ والبرص يطهرون ‘ والصم يسمعون ‘ والموتى يقومون‘ والمساكين يبشرون.) وهذا نفس نبوة أشعياء النبى عنه قبل ميلاده ب 750 عاما ‘ إش35: 5" وقد وصف الرب يسوع المسيح للجموع شخصية يوحنا
1- أنه أفضل من نبى.
2- أنه الملاك المرسل قدامى ليهيئ له شعبا مستعدا.
3-أنه من بين المولدين من النساء ليس نبى أعظم من يوحنا. وهو هنا الله الذى يكرم خدامه وملائكته.
ثم دخل بيت الفريسى ليأكل معه ‘ وفى هذه الحادثة ثلاث شخصيات رئيسية :
1-: شخصية الرب يسوع المسيح المخلص المنتظر.
2-: شخصية المرأة الخاطئة التى هي مثال للبشرية الخاطئة.
3-: شخصية الفريسى وهو مثال أناس هذا الزمان الذين يحضهم الشيطان على التشكيك فى شخص المسيح وصنع العثرات ‘ ويشككهم -وهذا هو المهم - فى كلمة الله نفسها ‘ يحرفونها كما يشاؤون ‘ وهذه لعبة ابليس الأخيرة حتى ينزع منا الخلاص ويحرمنا من الأبدية.
ولنقترب من هذه الشخصيات فى مضمون هذا الحدث( فقط ) لأن شخصية المسيح كتب فيها- مثلا - المستشار ذكى شنودة كتاب من اكثر من الف صفحة‘ وكذلك الشخصيتين الأخرتين التأمل فيهما بإستفاضة يجرنا الى مئات الصفحات:
أولا : شخصية الرب يسوع:
فى هذه الجزئية – فقط - بعد أن جال يصنع خيرا ‘من شفاء عبد قائد المائة ‘ وإقامة ابن أرملة نايين من الموت ‘ بخلاف شفاء العرج والعمى وكما يقول الكتاب " وفى تلك الساعة شفى كثيرين من أمراض وأدواء وأرواح شريرة ووهب البصر للعميان.21"‘ نتعرف على شخصية المسيح فى أجمل صورها " أنه الإله الغفور‘ عندما قال للمرأة " مغفورة لك خطاياك." وتماما مثلما قال للمفلوج "ثق يا بني .مغفور لك خطاياك .مت9: 2‘ وأيضل قال للذين قالوا عنه أنه يجدف لأنه لايغفر الخطايا غير الله وحده قال لهم" ولكن لكى تعلموا أن لأبن الإنسان سلطانا على الأرض أن يغفر الخطايا . مت9: 6‘ كقول الكتاب " له يشهد جميع الأنبياء أن كل من يؤمن به ينال باسمه غفران الخطايا. أع10: 43" وأيضا وصف الكتاب له" الذى ‘ وهو بهاء مجده ‘ ورسم جوهره (الله) وحامل كل الأشياء بكلمة قدرته ‘ بعد ما صنع بنفسه تطهيرا لخطايانا ‘ جلس فى يمين العظمة."عب1: 3 " وغفران خطايا العالم هو رسالة المسيح على الأرض والتى تمت بدمه الفادى على الصليب‘ كقول الكتاب " وإذ نحن بعد خطاة مات المسيح لأجلنا ‘ بدمه الذى يسفك من أجل كثيرين لمغفرة الخطايا" وهذا ماقاله أنبياء العهد القديم على سبيل المثال وليس الحصر:
أ- " أنا أنا هو الماحى ذنوبك لأجل نفسي وخطاياك لا أذكرها.إش43: 25"
ب- وهذا نفس ماورد بعب8: 12" لأنى أكون صفوحا عن أثامهم ولا أذكر خطاياهم وتعدياتهم فيما بعد."
ج- "هلم نتحاجج يقول الرب ‘إن كانت خطاياكم كالقرمز تبيض كالثلج‘ إن كانت حمراء كالدودى تصير كالصوف. إن شئتم وسمعتم تأكلون خير الأرض.إش !: 8"
ثانيا: المرأة الخاطئة:
وهى هنا ليست المرأة المذكورة فى مت 26 فى بيت سمعان الأبرص‘ ولا هى التى سكبت الطيب على رأس المسيح لتؤكد إيمانها برائحة المسيح الذكية التى تعم بالخلاص لكل من يتقدم إليه‘ أما المرأة الخاطئة هنا وفى بيت سمعان الفريسى ‘ هى مثل لكل نفس بشرية خاطئة ‘ قدمت لنا طريق التوبة لمغفرة الخطايا:
1- قدمت دموعها لغسل قدمي الرب: فلا يقدر إنسان أن يغسل ضميره مالم يتقبل ماء المسيح ‘وهو ماء المعمودية ‘ ومياه الدموع هو توبة صادقة ‘ تهبنى ميلادا جديدا‘ تعطينا مثلا للكنيسة ( العذراء العفيفة) التى تقدم لنا مياه المعمودية ‘ وتقدم لنا التوبة الحقة بدموع تنسكب بكاء بإنسحاق ‘ على خطايا ‘فالدموع تمثل رد فعل وحساسية مشاعر جديدة فى المعمودية وحياة التوبة فنصير إنسانا جديدا.
2- "تبل قدميه بالدموع وكانت تمسحهما بشعر رأسها : متناسية تماما مجد شعر رأسها ‘ فانكرت ذاتها تحت أقدام المسيح‘ وحسب شريعة – النذير – "يطيل شعره طوال نذره" فهى تمثل النفس البشرية الخاطئة التى تريد الخلاص من الخطايا ولو قدمت مجدها الدنياوى لتقبل غفران الخطايا من المخلص المسيح .
3- قبلت قدميه: رمزا وعلامة الحب والعواطف الجياشة من النفس البشرية نحو صانع الخيرات المحب لجميع البشر ‘ وهى رمز للكنيسة التى تعيش فى محبة المسيح وتقول لعريسها " ليقبلنى بقبلات فمه.نش1: 2"
4- دهنت قدمى الرب بالطيب: وهى هنا خلاف مريم أخت لعازر المذكورة فى يو 12: 3‘ فهى تقدم طيبا مسكوبا على قدمى الرب سلوكا عمليا فى طريق التوبة ‘ طيب التوبة الصادقة الممتلئة رجاء خلال الدم المقدس المنسكب من الجنب المطعون ‘ فكانت رائحة المسيح الذكية لكل من حولها‘ فمع أنها خاطئة فقد كان لديها طيب تملكه بمالها ولم تبخل ان تسكبه على قدمى مخلصها . كقول القديس بولس الرسول أنه ترك كل الأشياء ويحسبها نفاية من أجل محبة معرفة المسيح.
ثالثا : الفريسى ..
عالم اللاهوت ومن طبقات المجتمع الرفيع ‘ والعالم بكل نبوات الكتاب ‘ لم ينتفع بلقاء المخلص بسبب قساوة قلبه وكبريائه ‘ وفقط عاش حياة الإدانة للمرأة والتشكيك فى قدرة السيد وإنكار نبوته. وهو مثال لإنسان اليوم الذين لهم صورة التقوى ولكنهم ينكرون قوتها‘ المشككين حتى فى كلمة الله يخلطون حقيقة كلمة الله بهدف التشويش على إلإيمان المسيحي ‘ ودفعهم للخروج من الإيمان المستقيم ‘ ويبشرون بتفاسير خادعة ليس لها مصدر إلا قلوب غاشة وضمير ملتوى يغوى المجد الشخصى ‘ بهدف ضياع الإنسان عن الحق والحقيقة ‘ هم كثيرون جدا فى زماننا هذا ‘ ( وأنا حاليا أتعرض لبعض الأشخاص يقول أنه دكتور وله أتباع يوافقونه على كل كلمة يقولها لدرجة أنهم يشتموننى ‘ويبشر هذا الشخص بتعاليم لم نسمع عنها من قبل مثلا أن موتى العهد القديم لم يذهبوا للهاوية او الجحيم ولكنهم صعدوا للسموات مباشرة واننى ليس لدى إثبات عن وجود الهاوية ‘رغم العديد من أقوال الكتاب المقدس التى ذكرتها ‘ ولكن الهرطقة الكبرى عندما قلت ان المسيح نزل الى الجحيم من قبل الصليب ولها شواهد عديدة من العهدين وهذا هو إيماننا ‘فأتهمنى بالكذب والحقيقة عنده أن المسيح نزل الى طبقات الأرض السفلى لكى يعذب من الله ويقع تحت الدينونة ‘وهذا معنى البار من أجل الأثمة عنده ‘ وعندما صححت له بأن الذى نزل الى الجحيم من قبل الصليب ليصعد بالأبرار من آدم الى يوحنا المعمدان واللص اليمين كان الله نفسه‘ الله قادر ان يرحمنا منهم ولكنه قد حذرنا منهم فلا نخافهم مت 24: 24-26‘ وللعجب له أتباع يوافقون على مايقوله حتى لو لم يقرؤا مايكتبه) وهؤلاء قد ذكرهم معلمنا بولس الرسول – الناس فى الأيام الأخيرة - لتلميذه تيموثاوس ليعرض عنهم (2تيمو 3: 1- 6. وفى وقتنا اليوم نرى منهم كثيرين يعتلون المنصات والمسارح وصفحات الصحف والمجلات ‘ ينشرون بدع وهرطقات ولذك نرى تفشى الإلحاد والخروج عن كلمة الله بتعيين نساء كهنة ولو كانوا شواذا جنسيا ‘ وأقاموا كنائس للشواذ ويزوجونهم ‘ يرحمنا إلهنا من مبتدعى ومهرطقى شريعته ‘ ولنكن صاحيين وساهرين حتى لا نقع فى شباكهم ‘ ولتكن المرأة الخاطئة مثالا لنا وليس كسمعان الفريسى ‘ أحبت كثيرا فغفر لها كثيرا ‘ والفريسى فقد الفرصة للتوبة بكبرياءه ‘ ولننحنى عند قدمى المخلص بكل تواضع وإنسحاق مقدمين محبة لله ولباقى البشر فننال محبة المخلص وليهبنا مغفرة الخطايا ويثبتنا فى توبة صادقة قبل أن يدخل العريس ويغلق الباب.