الأقباط متحدون - حين توارت العنصرية تقدمت الوطنية
  • ٠١:١٦
  • الأحد , ٧ اكتوبر ٢٠١٨
English version

حين توارت العنصرية تقدمت الوطنية

د. مينا ملاك عازر

لسعات

٤٢: ٠١ م +02:00 EET

الأحد ٧ اكتوبر ٢٠١٨

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية
د. مينا ملاك عازر
بينما كان العالم كله يخلد لسكينة عميقة غير قلق من الأوضاع في الشرق الأوسط، متصوراً أن حدوث تغيُّر على الأرض لأمر مستحيل، يجب أن يسبقه هجوم أو فعل إسرائيلي لتزيد من مساحة الأرض المحتلة أو لتقدم مجاناً جزء من الأرض، ولكن ذلك المجان في وجهة نظر العالم كان معناه المزيد من الرضوخ العربي، ومزيد من الاستقرار الإسرائيلي على أرض محتلة، لذا كان يجب رفض تلك المجانية المزعومة في كل العروض المطروحة، وكل المبادرات المقدمة.
 
بينما كان الإسرائيليون يحتفلون بعيدهم عيد الغفران، كانت جنود مصر تسطر سطر جديد من ملاحم البطولة المصرية باستخدام السلاح لشق طريق عميق في قلب المستحيل ليبزغ فجر جديد في عز ظهر كان يبدو أنه حالك كسابقيه، لذا كانت البطولة المصرية تضرب أسمى آيات الوطنية لتغيير واقع عسكري، واعتقاد عالمي باستحالة أن يتغير الواقع في الشرق الأوسط إلا بإرادة إسرائيلية.
 
رغم عن الجميع وبعيد عن توقعات أجهزة المخابرات الأمريكية والإسرائيلية، كان للمقاتل المصري وللقيادة المصرية رأي آخر، حين توارت العنصرية وتقدمت الوطنية ليقود اللواء الراحل باقي زكي، ويتقدم بفكرته فيتفهمها الجميع غير ناظرين لديانته، فيحطم الساتر الرملي بمضخات المياه وحين كان قائد الجيش الثالث مسيحي الديانة مصري الهوى، حينها قامت مصر على قدمين قدم مسلمة وأخرى مسيحية، رفعت رأسها لتقول أن كلتا القدمين مصريتين يديرهما عقل واحد، وكلتاهما عضوة في الجسد المصري، دون تفرقة بينهما ولا أولوية لواحدة على الأخرى، لم يكن ثمة تمييز إيجابي ولا سلبي لا مع ولا ضد أياً منهما، لذا كان الانتصار، ولذا كانت مصر بلا أعمال إرهابية ولا فتن طائفية اللهم إلا أعمال حقاً فردية.
 
أما حينما تخلت مصر عن الوطنية واستجابت للعنصرية، ورضخت للمد النفطي الخليجي، انهارت مصر، ولم تعد قادرة على صنع المستحيل، ولا تسطير سطور جديدة في كتاب البطولة المصرية التليدة، حينما منهجت الدولة التمييز والاضطهاد وأشرفت عليه بعض أجهزتها وتواءمت مع الإرهابيين ما لم يأذونها، كان التردي الأخلاقي وتفشي الفشل وانعدام الضمير، وتزايد الخيبات خيبة وراء الأخرى.
 
لذا وعن قناعة، إذا أردتم النهضة بحق، فلا مدن جديدة، ولا قنوات جديدة، ولا أراضي ولا مصانع ولا مزارع بل تعليم ووطنية وقضاء على العنصرية والتمييز، هل فهمتم درس أكتوبر الأسمى أم لا زلتم تريدون أن تلاطفوا السلفيين وتولونهم مناصب تفتت شعب مصر الذي ما كان له أن يتفتت إلا بمناهجكم التعليمية ومنهجيتكم في حل الأزمات والكوارث.
 
المختصر المفيد الوطنية هي الحل.