الأقباط متحدون | مصر المهمومة بالدين والدولة
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ١٠:٤٠ | الاربعاء ٢٧ يوليو ٢٠١١ | ٢٠ أبيب ١٧٢٧ ش | العدد ٢٤٦٧ السنة السادسة
الأرشيف
شريط الأخبار
طباعة الصفحة
فهرس الأقباط والإسلام السياسي
Email This Share to Facebook Share to Twitter Delicious
Digg MySpace Google More...

تقييم الموضوع : .....
٠ أصوات مشاركة فى التقييم
جديد الموقع

مصر المهمومة بالدين والدولة

بقلم: حسن حنفي | الاربعاء ٢٧ يوليو ٢٠١١ - ١٠: ١١ ص +03:00 EEST
حجم الخط : - +
 

 كثر الحديث في موضوع "الإسلام والدولة المدنية" وكأنه لا موضوع يهم مصر إلا هذا الموضوع. والكل يتخذه ذريعة للتعبير عن مواقف مسبقة غير معلنة. المدافعون عن الدولة الإسلامية يتخذونه ذريعة للوصول إلي الحكم عن طريق تملق أذواق الجماهير. فمن من الناس يرفض الدولة الإسلامية دولة الرسول والخلفاء الراشدين؟ والمدافعون عن الدولة المدنية وغالبيتهم من الأقباط والليبراليين يتخذون الموضوع ذريعة خوفا من وهم اضطهاد الأغلبية للأقلية ووهم تطبيق الشريعة الإسلامية ووضع أهل الذمة فيها. ويفجر هذا الخلاف النعرة الطائفية بين المسلمين والأقباط. ويتحول الموضوع إلي هم نظري خالص عند بعض المثقفين من الجانبين دفاعا عن الدولة المدنية الحديثة التي يعيش فيها جميع المواطنين بصرف النظر عن دينهم.
والموضوع كله يقوم علي التباس في معني الدولة الإسلامية، وتصور الإسلام علي أنه الحدود، قطع اليد، والجلد، والرجم وهي العقوبات البدنية التي يراها البعض قد تعارض حقوق الإنسان. فملكية الجسد ضد البتر حق طبيعي. والمحافظة علي الحياة المقصد الأول للشريعة. والجلد العلني في الميادين العامة قد يراه البعض ضد الحفاظ علي كرامة الإنسان. وهي حدود توضع في سياقها التاريخي، اليهودي والروماني والفارسي. فالمسلمون أولي من اليهود بالرجم. والإسلام أحيا شريعة قد أخفاها اليهود. وقطع يد السارق كان حدا عند الرومان والفرس. والقصاص كان معروفا في كل الشرائع القديمة ومنها الصلب لقاطع الطريق وكما صلب اثنان من قطاع الطرق بجانب المسيح كما تروي الأناجيل. والشريعة الإسلامية ليست فقط واجبات بل هي أيضا حقوق. والحدود عقوبات للتقصير في أداء الواجبات. فأين الحقوق؟ فلا تقطع يد سارق عن جوع أو بطالة أو عري أو مرض أو إذا كان المجتمع كله سارقا "إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف طبقوا عليه الحد". ولا يرجم أو يجلد من لا يجد زواجا أو مهرا أو سكنا بينما المثيرات الجنسية تملأ أجهزة الإعلام والفنون الهابطة. ولا قصاص إذا غاب الأمن عن الطريق، وكان رجال الأمن والشرطة هم المعتدون علي المتظاهرين السلميين والمعارضين السياسيين. فلكل حد سبب وشرط ومانع كما يقول الفقهاء. والأسباب والشروط اليوم غير متوفرة. ولم تنل الناس حقوقها حتي نطالبها بواجباتها. والشريعة تعطي الحقوق قبل أن تطالب بالواجبات. والضرورات تبيح المحظورات. التشريع يخضع لضرورات الواقع وتطوره. يعتريه التغيير والتبديل طبقا لتغير الواقع كما حدث في النسخ. ولقد أبطل عمر سهم المؤلفة قلوبهم المنصوص عليه في القرآن لأنه شرع عندما كان الإسلام ضعيفا في حاجة إلي أن يتآلف الناس. أما بعد أن أصبح الإسلام قويا فلا حاجة له. كما أوقف حد السرقة عام الرمادة عندما عم الجوع بسبب الجفاف. والآن 40% من المصريين تحت خط الفقر.

وهل كل ما في الشريعة حدود وعقوبات؟ ياليت أن تكون الشريعة أحد مصادر التشريع مع القانون الطبيعي والعرف في كل المجالات وليس فقط في العقوبات. فالشريعة تعطي الفقير حقه في مال الغني (وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ . لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ(، و"في المال حق غير الزكاة". وما هو قائم الآن تفاوت شديد في الدخول بين الحد الأدني مئات الجنيهات وملايين الجنيهات. ولا يوجد حد أعلي للأجر بالإضافة إلي السلب والنهب والرشوة والتحايل والتهريب والعمولة. والشريعة تعطي المحكوم الحق في الاعتراض علي الحاكم طبقا لمبدأ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وليس سجن المحكوم وتعذيبه واعتقاله تحت قانون الطوارئ والأحكام العرفية. والحاكم يأتي شوري بين الناس وليس تنصيبا مدي الحياة أو توريثا لابنه. والشريعة توجب حرية الرأي والاعتراض، وأن أعظم شهادة كلمة حق في وجه إمام جائر. الشريعة تحمي المواطن من القهر والفقر، السببين الرئيسيين للثورات طلبا للحرية والعدالة. الشريعة هي التي تدافع عن مصالح الناس. لذلك جعل الفقهاء "المصالح المرسلة" أحد مصادر التشريع. ووضعوا مبادئ الاستصلاح والاستصحاب والاستحسان كمصادر للتشريع "ما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن". ومن الخلط في مفهوم الدولة الإسلامية وما يثار حولها من نقاش المادة الثانية من كل الدساتير أن الإسلام دين الدولة. يصر عليه المسلمون بكافة اتجاهاتهم ويرفضه الأقباط. والقبول والرفض يقومان علي التباس. فالدولة مفهوم لا دين له. يتحقق في مؤسسات ونظم سياسية لا دين لها. الناس هم الذين لهم دين. كما أن الدولة تقوم علي المساواة التامة بين المواطنين في الحقوق والواجبات بصرف النظر عن الدين أو العرق أو اللغة أو الثقافة. وتصنيف المواطنين طبقا للدين طعن في المواطنة. صحيح أن غالبية المصريين من المسلمين، وأن الأقلية من الأقباط ولكن ذلك إحصاء يقوم علي مبدأ خاطئ لأن الدين ليس عنصرا في المواطنة. أما تصنيفهم طبقا للتعليم والأمية، للعمل والبطالة، لسكان العشوائيات والقصور، للمهنة، الزراعة أو الصناعة، للقطاع، عام أو خاص، فهو تصنيف صحيح. الدين علاقة شخصية بين الإنسان والله، أما المواطنة فهي علاقة عامة بين المواطنين وبين المواطنين والدولة. وينطبق علي الجميع قانون الاستحقاق، كل حسب عمله، وليس دينه أو طائفته أو منصبه أو عائلته أو قبيلته أو مدي قربه أو بعده عن سدة الحكم. للعمل الواحد أجر واحد. والأعمال اليدوية المنتجة لها نفس القيمة التي للأعمال النظرية الخالصة.
إن مقاصد الشريعة الضرورية الخمسة كما حددها الشاطبي تجعل الإسلام دولة مدنية خالصة. الأول الدفاع عن الحياة من حيث هي حياة، دون تمييز بين دم المسلم ودم القبطي ضد كل أسباب الموت، المرض والجوع والعري. فالاعتداء علي الأقباط محرم شرعا. حياتهم وأعراضهم وصلبانهم وكنائسهم يحميها القانون والدستور وليس فقط الشريعة. وكما فعل عمر وهو في طريقه إلي "إيلياء" القدس وعندما صلي علي باب الكنيسة وليس في داخله احتراما للنصاري. والثاني الدفاع عن العقل، عقل المواطن دون تمييز بين مسلم وقبطي، ضد الجهل والأمية والخرافة والأسطورة. لا فرق بين مدارس أزهرية ومدارس للراهبات. التعليم العام والتعليم الخاص. التعليم وطني، حق الجميع علي الدولة، تعليم مجاني كالماء والهواء. والثالث الدفاع عن الدين ويعني القيم والأخلاق التي تشترك فيها الديانات جميعا مثل الحرية والعدل والأمانة والصدق والأخوة والوفاء والمحبة والتواضع والتضحية. وهي الأخلاق التي يتربي عليها المواطن دون تمييز بين مسلمين في دروس الدين الإسلامي وأقباط في دروس الدين المسيحي. فالدين ليس عقائد بل أخلاقا. ليس ما يختلف عليه اللاهوتيين بل ما يتفق عليه الناس نابعا من الفطرة ومتفقا مع الطبيعة. والرابع العرض أي الكرامة واحترام الآخرين، كرامة المواطن وحرمته بصرف النظر عن دينه أو طائفته، عرقه أو قبيلته. والخامس الثروة الوطنية أو المال وليس سلبا من أموال طائفة لأخري أو إحصاء ماذا يملك المسلمون وماذا يملك الأقباط في الثروة والوظائف، في المال والسلطة.

وعلي هذا النحو تكون الدولة الإسلامية دولة مدنية بالأصالة، والدولة المدنية دولة إسلامية بالأصالة. فليس في الإسلام سلطة دينية مثلما كانت الكنيسة قديما. وشيخ الأزهر مجرد إمام مسجد شهير. والإفتاء لكل عالم وليس منصبا، وخير استفتاء هو الضمير "استفت قلبك وإن أفتوك". والسلطة السياسية في الإسلام مدنية خالصة شوري بين الناس، لا شأن لها بعلاقة الإنسان بربه.
هذا الجدل الدائر الآن والذي يحمي وطيسه كل يوم بين الدولة الدينية والدولة المدنية يفرّق ولا يجمع، يثير الفتن والضغائن ويولد الأحقاد. لا طائل من ورائه. ولا حل له. يقوم علي التعصب والطائفية البغيضة، وليس علي الموضوعية والنزاهة. والمتعصبون من الجانبين، الإسلامي والقبطي، عند اليمين الديني الذي يريد تفريغ الوطن من شعبه، دعوة لرحيل الأقباط إذا ما أتت الدولة الإسلامية لتسهيل الهجرة. والدعوة للعقلاء من الجانبين بداية بتحرير المصطلحات مثل أهل الذمة وأهل الكتاب، والمسلمين والمسيحيين، والنصاري والأقباط. فالكل مواطنون. هويتهم الانتماء إلي الوطن وليس إلي الدين أو الطائفة. الكل مصريون ينتمون إلي مصر، وعرب يتكلمون العربية. والإسلام والمسيحية ثقافة واحدة تتعدد رؤاها. فهل يتوقف الإعلام عن الدخول فيما يضر ولا ينفع؟
نقلاً عن الزمان




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
تنوية هام: الموقع غير مسئول عن صحة أو مصدقية أي خبر يتم نشره نقلاً عن مصادر صحفية أخرى، ومن ثم لا يتحمل أي مسئولية قانونية أو أدبية وإنما يتحملها المصدر الرئيسى للخبر. والموقع يقوم فقط بنقل ما يتم تداولة فى الأوساط الإعلامية المصرية والعالمية لتقديم خدمة إخبارية متكاملة.
تقييم الموضوع :