الأقباط متحدون - تفاصيل إنشاء أول كنيسة قبطية في أمريكا الشمالية
  • ١٣:٢٨
  • الخميس , ١١ اكتوبر ٢٠١٨
English version

تفاصيل إنشاء أول كنيسة قبطية في أمريكا الشمالية

نجاح بولس

مساحة رأي

٠١: ٠٩ ص +02:00 EET

الخميس ١١ اكتوبر ٢٠١٨

نجاح بولس
نجاح بولس
 بقلم الباحث/ نجاح بولس
بدأت هجرة الأقباط للخارج بعد حركة الجيش في 1952 وما تلاها من إقرار القوانين الإشتراكية والتأميمات التى طالت العديد من الأسر القبطية الكبيرة، وتميزت طبيعة المهاجرين الأقباط في تلك الفترة بإنتمائهم للشرائح الإقتصادية والإجتماعية العليا، وقد بدأت هجرة الشرائح المتوسطة بعد فتح باب الهجرة للولايات المتحدة الأمريكية وأستراليا وكندا عام 1968، مشترطة حصول المهاجرين إليها على مؤهلات جامعية للعمل بهذه البلاد في تخصصاتهم وبدون معادلات دراسية.
 
وكان أول فوج للهجرة القبطية الرسمية للولايات المتحدة الأمريكية عام 1969 مكون من عشرون أسرة، كان من بينهم أسرة المحاسب نصيف صادق بانوت الذي رحلت للولايات المتحدة وإستقرت في مدينة جيرسي سيتى بولاية نيو جيرسي، وقامت بإستقبال باقي الأسر القبطية المهاجرة بعدها في نفس العام وغيرها من الأسر التي حظيت بتأشيرات الهجرة في السنوات اللاحقة، وكان لنصيف بانوت دور فعال في تأسيس أول كنيسة قبطية بأمريكا الشمالية، نلخص لقصة تأسيسها كما جاءت على لسانه خلال مقابلة للكاتب معه.
 
يذكر بانوت أنه وصل أولاً إلى ولاية نيويورك يوم 3 مايو 1969 وإنتقل للعيش في ولاية نيوجيرسي المجاورة في يوليو من نفس العام، ولم يكن في شمال أمريكا سوى من 10 إلى 12 أسرة قبطية بالإضافة إلى أسرتين في ولاية كاليفورنيا، وكانوا أغلبهم من الباحثين الذين أتوا للدراسة في أمريكا وإستقر بهم الحال بعد إنتهاء دراستهم، وكانت هذه الأسر تجتمع في جمعية مشهرة بإسم (الجمعية القبطية الأرثوذكسية بأمريكا) يديرها إيفا حبيب المصري وزوجها يوسف سيدهم، وكان الراهب مكاري السريانى (أنبا صموئيل أسقف الخدمات فيما بعد) يجتمع معهم مرة كل عام لإقامة القداسات وبعض الإجتماعات الروحية.
 
تصادف وجود أحد كهنة الكنيسة القبطية في أمريكا لزيارة ابنه وتم دعوته لإقامة قداس في نيويورك، وتم إقامة القداس في أحد الملاعب حضره حوالي عشرة أسر قبطية كانوا هم كل الأسر القبطية الموجودة في أمريكا في ذلك الوقت، وكان القداس فرصة للتعارف وخلق قنوات إتصال معهم، وبعدها توالت باقي الأسر العشرون الحاصلين على تأشيرات الهجرة، إستقروا جميعهم في مدينة جرسي سيتي بولاية نيوجيرسي، وكانوا على تواصل دائم بصفة يومية لدرجة أن منزل نصيف بانوت تحول إلى ما يشبه بنادي للمصريين على حد تعبيره.
خلال هذه الفترة كان هناك كنيستين للأقباط الأرثوذكس بالإيجار في كندا إحداهما في مونتريال يرعاها القس روفائيل يونان نخلة، والأخرى في تورنتو يرعاها القس مرقص مرقص، وكان القس روفائيل كاهن كنيسة مونتريال يحضر مرة كل شهر لإقامة قداس للأسر القبطية في شمال أمريكا، في أى كنيسة أمريكية أو في أحد بيوت الأقباط هناك، وبعد التزايد المستمر في أعداد الأسر القبطية الذى تعدى 25 أسرة وقتها تقرر إقامة القداس مرة كل اسبوعين.
 
قام المهاجرين الأقباط الجدد بتأسيس جمعية جديدة بقيادة المهندس سامي ابراهيم في يوليو 1969، ونظراً لتصاعد بعض عوامل الاستقطاب بين الجمعيتين القديمة والجديدة، إقترح القس روفائيل يونان كاهن كنيسة مونتريال دمج الجمعيتان في واحدة إختار لها لجنة مكونة من عشرين فرداً، ثمانية أفراد من كل جمعية بالإضافة إلى أربعة أخرين من الشعب، وكانت تجتمع اللجنة في منزل سابا باشا حبشي المحامي بمدينة نيويورك، وكان نصيف بانوت يشغل أمين صندوقها.
 
مع تزايد أعداد الأسر القبطية المهاجرة تزايدت معها الرغبة في الحصول على مكان أو كنيسة لإقامة القداسات ومدارس الأحد للأطفال، وقد قام بعض أعضاء اللجنة بالإتفاق مع إحدى الكنائس الإنجيلية الأمريكية في مدينة جيرسي سيتي، بتأجير الكنيسة يوم واحد أسبوعياً وتم إختيار يوم السبت لإقامة قداس أسبوعي وإجتماعات روحية من الساعة الرابعة حتى السادسة مساءاً، وكان أول إجتماع بالكنيسة المؤجرة في نوفمبر 1969 .
 
في حوار مع راعي الكنيسة الإنجيلية المستأجرة أخبره نصيف بانوت بمبادرة شخصية منه بنيتهم في شراء كنسية، فأشار إليه القس بوجود كنيسة مغلقة منذ ثلاث سنوات بشارع west side بمدينة جيرسي سيتي، وحصل منه على رقم هاتف القس راع الكنيسة وقام على الفور بالإتصال به، وحدد معه ميعاد للمقابلة في الكنيسة المكونة من طابقين، وأبلغه أنها معروضة للبيع بمبلغ 65 ألف دولار، فقام بعرض الأمر على القس روفائيل الذى كان متواجد بالصدفة لحضور إجتماع للجنة العشرين، فإصطحبه للكنيسة قبل إبلاغ باقي أعضاء اللجنة فلاقت إعجابه.
 
بعد إبلاغ اللجنة بالأمر تم تكوين لجنة فرعيى لمتابعة شراء الكنيسة مكونة من ستة أفراد برئاسة القس روفائيل وعضوية كل من: د. ماهر كامل(نائباً للرئيس)، رمسيس عوض الله (سكرتير اللجنة)، د. نبيل الديري، واصف سمعان واصف، نصيف بانوت ( أمين للصندوق)، وإجتمعت اللجنة للمناقشة في ثمن شراء الكنيسة وتم الإتفاق على تقديم عرض الشراء بمبلغ 40 ألف دولار.
 
تم الإتصال بأعضاء لجنة الكنيسة المعروضة للبيع وتم إجراء مقابلة مع أثنان منهم بوجود أعضاء اللجنة الستة، وبعد طلب مشورتهم بصفة شخصية تم تقديم عرض الشراء بمبلغ 30 ألف دولار بشرط دفع النصف نقداً والنصف الأخر بقرض من البنك، وبعد يومين تلقى بانوت إتصال من أعضاء الكنيسة المعروضة للبيع بالموافقة على العرض الخاص بشراء الكنيسة، على أن يسدد نصف المبلغ نقداً والنصف الباقي يتم تقسيطه على سنتان بدون فوائد.
 
تم إبلاغ أسر الأقباط في نيوجيرسي ونيويورك بالخبر والتنبيه بضرورة المساهمة في جمع المبلغ، وقامت اللجنة بإرسال كروت دعوى لكل أسرة لإعلان إقامة أول قداس في أول كنيسة قبطية أرثوذكسية في أمريكا الشمالية يوم الأحد 22 فبراير 1970، وإجتمعت الأسر القبطية يوم 21 فبراير لتنظيف الكنيسة وإعدادها لإقامة القداس وسط فرحة عارمة من الجميع، وفي مشهد مبهج ومهيب تم إقامة القداس الإلهى يوم 22 فبراير برئاسة القس روفائيل يونان، حضره ما بين خمسون إلى ستون شخص كانوا بمثابة النواة الأولى للمجتمع القبطي في شمال أمريكا، وتم في هذا اليوم جمع مبلغ سبعة الاف دولار من الحضور وتم إستكمال المبلغ من أموال الجمعية القبطية برئاسة إيفا المصري ويوسف سيدهم، وبعد كتابة العقد أصبحت الكنيسة باكورة الكنائس المملوكة للأقباط الأرثوذكس في أمريكا الشمالية، وتم تسميتها باسم القديس مار مرقص الرسول كاروز الديار المصرية، توالت بعدها إنشاء الكنائس القبطية في أمريكا الشمالية، حتى تم تأسيس عدة إيبارشيات كل منها يشرف على عشرات الكنائس.