الأقباط متحدون - المرأة المصرية وفكر الغد
  • ٠٠:٤٨
  • السبت , ١٣ اكتوبر ٢٠١٨
English version

المرأة المصرية وفكر الغد

مدحت بشاي

بشائيات

٢٣: ٠٧ م +02:00 EET

السبت ١٣ اكتوبر ٢٠١٨

 المرأة المصرية وفكر الغد
المرأة المصرية وفكر الغد
كتب : مدحت بشاي
medhatbeshay9@gmail.com
 
كان قد لفت انتباهي حكاية القاضية شيرين فاروق التي نشرتها  مجلة " آخر ساعة " قبل ثورة 25 يناير ، وقولها إن قرار تعيين المرأة قاضيا قد تأخر ، فقد تقلدت المرأة العربية هذا المنصب منذ أكثر من عشر سنوات .. وللغرابة أنه وأيضا علي صفحات  ذات المجلة  " آخر ساعة " ومنذ أكثر من نصف قرن من الزمان نجد مقالا رائعا للكاتب الكبير توفيق الحكيم تحت عنوان " المرأة بعد سنة 2000 " عدد 10/7/1946يستهله بقوله " أردت يوما أن أتخذ مهنة الفلكي لحظة ، وأن أسدد المنظار إلي النجوم وأطالع الغيب ، لأري ما سوف يحدث للمرأة من تطور في مستقبل الأيام .. وأستطيع أن أؤكد للناس إني أبصرت الذي سوف يقع علي وجه الدقة والتحقيق ..".. ويسترسل الحكيم في عرض عدد من التوقعات بشكل غاية في الطرافة والرؤية الثاقبة .. أتوقف عند بعضها  :
 
في سنة 2000 ميلادية تظفر المرأة بحلمها ، وتنال المساواة بالرجل في كافة الحقوق المدنية والسياسية والاجتماعية ، فلم يعد هنالك ما يحول بينها وبين المناصب التي استأثر بها الرجل .. فهي تتولي الآن رئاسة الوزراء وتؤلف وزارات بعض أعضائها من الرجال والبعض من النساء ، وهي تشترك في الأحزاب وترأس بعضها ..
 
في سنة 2100 ميلادية يصبح للمرأة الحق في أن تُعين قاضية في المحاكم العليا وأن ترأس محاكم النقض ، وأن تكون في منصب النائب العام .. في سنة 2200 ميلادية تحتل المرأة المراكز العليا في الجيش ، فهي تستطيع أن تكون قائدة ورئيسة لأركان الحرب ..
وهكذا مع مرور السنين يري الحكيم أنه من الممكن أن تنمحي الفروق تماما بين الرجال والنساء في الوظائف العامة والخاصة .. وأنه نظرا لتعميم الخدمة العسكرية والألعاب الرياضية للجنسين فقد أدي الأمر إلي ظهور العضلات في جسم المرأة ، وقسوة النظرة في العينين ..
ويسترسل الحكيم ليؤكد أنه مع دوران حركة التاريخ تعود المرأة إلي البيت ، ويراها وقد عادت إلي ارتداء البرقع وقد تم الفصل بين مجالس النساء والرجال    ... إلخ  ..
 
وينهي مقاله أنه فضل أن يطرح المنظار جانبا ولا يمضي في مطالعة الغيب حتي لا يتعرض لسخط الأحزاب النسائية المنادية بالتقدم والتحرر والتجديد والعودة فورا إلي عام 1946 حتي لا يُتهم بالرجعية والجمود  ..
 
والحقيقة أنه بالإضافة لاستمتاعي بقراءة المقال ، وإعجابي بمتابعة الكاتب لحركة دوران الزمن بالناس وعرضها ببساطة ، وأيضا طرافة عرضه للمتغيرات التي تطرأ علي الإنسان ، وكيف ييكون التفاعل مع الحضارات ، وتوالي تعاقب أطروحاتها سلبا وإيجابا ، صعودا وهبوطا ، فقد بهرتني هذه الرؤية الإبداعية في مجال استشراف الكاتب لأمور مستقبلية يكاد يجزم بحدوثها .. فإذا بنا نراها وقد حدثت مثل تعيين المرأة قاضية ، وحتي قبل التاريخ الذي توقعه الكاتب لحدوثها  ..
 
إن هذا الصعود والهبوط في مجال المد الحضاري ثم الانحسار بعد أن يعم علي البلاد والعباد فيض من إيجابيات أطروحات وإنجازات تلك الحضارات إلا أن شعوبنا تشهد للأسف تراجعا يبدأ برفض نسبي لبعض المكتسبات الحضارية ، ثم وبشكل متنام سريع يمكن العودة إلي المربع الأول وبغرابة مذهلة وقد يتبدي هذا التراجع في بعض جوانب الحياة في بعض فترات التاريخ ، وقد يشمل الأمر كل مناحي الوجود الإنساني وعندها ينذر الأمر بالخطر الذي طالما تحدث عنه عالمنا الكبير أحمد زويل حول توقعه لحالة اختفاء لأمتنا العربية من علي خريطة العالم علميا إذا استمر الحال علي ماهو عليه ، وكلام أعظم وزير تموين مصري الراحل د. أحمد جويلي الذي حذر العرب من إمكانية اختفاء دولهم من على خريطة العالم لو تقاعسوا عن التفاعل الحضاري مع مستحدثات أطروحاته والأهم التكامل والتعاون المشترك  ..