فخ خاشقجي2-3
د. مينا ملاك عازر
٣٩:
١٢
م +02:00 EET
الثلاثاء ١٦ اكتوبر ٢٠١٨
د. مينا ملاك عازر
توقفنا المقال السابق عن سؤال هام وهو لماذا تضحي تركيا بالصحفي خاشقجي؟ الإجابة ببساطة هي لتورط السعودية، وتضغط عليها، وتجعل موقفها العالمي سيئ في التفاوض بشأن الأزمة القطرية التي تحاول دول المقاطعة من بينهم مصر بالمناسبة إبداء قطر بشكل الدولة القمعية التي تقمع معارضيها. ولكي تستفيد تركيا مالياً في وقت هي في أزمة مالية طاحنة، لا تكفي قطر لتغيثها، ربما قبضت تركيا بالفعل ثمن خاشقجي، وبرغم قبضها الثمن، فالغدر التركي واضح، وها هي تفضح السعودية بتحقيقات تبدو جادة ولكن تلك التحقيقات لن تجيب أبداً عن السؤال الأهم، كيف لم يتنبه الأمن التركي للخطر الذي يتهدد خاشقجي على أرضهم؟ إلا إذا كانت التعليمات واضحة اتركوهم إلى أن يقعوا في الفخ.
فالسؤال هنا بسيط، هل تسطيع مصر مثلا أن تفعل ما فعلته السعودية بأيمن نور وغيره، ربما تستطيع أمنياً ولوجستياً لكن بدون معاونة تركيا الأمر يصبح صعباً، ربما قامت مخابراتنا المصرية قديماً بعمليات مشابهة لهذا، وليس قتل أحد لكن خطف أحد الجواسيس أو استعادته لمصر لمحاكمته قانونياً، ولكن كان هذا إما بمجهودات وتواجد قوي ومحترم في الدولة التي يوجد بها الجاسوس أو مصدر الخطر على أمن مصر، لكن قيام جهاز أمني يتبع لأي دولة بعملية كالتي قامت بها السعودية ضد خاشقجي، لا يعني إلا أن ثمة سذاجة أو وعود بأن الأمر سيمر بسلام، لأنه لا يعقل أن يختفي خاشقجي بعد دخوله القنصلية ولا تظهره كاميرا واحدة وهو خارج منها، أو وهو في أي مكان آخر، ما يحيط الشكوك بفجاجة بالسعودية حقا هي ليست شكوك بل هي قرائن أو أدلة فالتورط السعودي واضح وفج ومستفز لدول العالم، فإن كانت السعودية قد قاطعت كندا لأنها اعترضت علي احتجاز معارضة سعودية داخل الأراضي السعودية، فكم وكم بالعالم كله وموقفه بعملية تظهرها تركيا بشكل وحشي، قتل وتقطيع الجثة بشكل بشع من أشكال القمع والتنكيل بالمعارضين، ما يسيء لسمعة السعودية ما يضطرها للدفع لأمريكا لتمرر ما جرى إن كان ممكن، بالمناسبة أمريكا هي أكثر الرابحين مما جرى، وتركيا تأتي في المرتبة الثانية أم السعودية فمكسبها الوحيد لو اعتبرنا أن التخلص من المعارضين مكسب، هو تخلصها من خاشقجي، لكن أي شيء غير هذا هو خسارة سمعتها وثقة العالم بقدراتها الأمنية المفضوحة في عملية ساذجة كهذه، وهنا السؤال الأبرز ما هي أهمية خاشقجي؟
خاشقجي للنظام السعودي هو الصندوق الأسود الذي كان صديق للنظام الحالي وهو يرتفع فوق الكراسي وكان مساند لولي العهد السعودي، وطالما هاجم مصر رداً على هجوم إبراهيم عيسى إلى أن زال عيسى وصمت هو ثم عاد مرة أخرى شاكراً النظام السعودي الذي أعاده للكتابة، وفجأة انقلب عليهم وانقلبوا عليه، فاختفائه قد ينهي على فكرة احتمالية فضح أمور قد يكون يعلمها بفضل وجوده داخل دوائر صنع القرار السعودي وقت ما، ربما ساومهم هو على هذا، ناهيك عن مواقفه المتشددة حيال ولي العهد والتي أترك لك في المقال القادم -بإذن الله- الفرصة لتتعرف على آرائه وبعض من المقتطفات مما كتبه.
المختصر المفيد في كثير من الأحيان، الغرور والحماقة تورطان، وعمرهما ما أفادا أحد تحلى بهما.
الكلمات المتعلقة