الأقباط متحدون - ما تقوم بينا نعمل مبادرة!
  • ١٨:٥١
  • الجمعة , ١٩ اكتوبر ٢٠١٨
English version

ما تقوم بينا نعمل مبادرة!

أماني موسى

مساحة رأي

١٩: ١١ ص +02:00 EET

الجمعة ١٩ اكتوبر ٢٠١٨

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

بقلم – أماني موسى
لاحظت في الأونة الأخيرة، تصاعد نبرة "ما تقوم بينا نعمل مبادرة"، مبادرات هنا وهناك من أشخاص وأحزاب ومؤسسات، مبادرة للتشجير يقابلها حملات من رؤساء الأحياء بإزالة الأشجار، مبادرات لإطعام حيوانات الشوارع يقابلها حملات من هيئة الطب البيطري للقتل بالسم أو الخرطوش، مبادرات تجميل الشوارع يقابلها عمال من الأحياء بتكسير الشوارع لعمل صرف أو كهرباء أو غاز أو عمل "اللالي", مبادرة لتنظيم الأسرة وخفض الزيادة السكانية يقابلها دعم بالمليارات لمن ينجب خمس وعشر أبناء بلا رادع، بل يتم مكافأته بصرف دعم للتعليم والصحة والطعام والمسكن يكلف الدولة المليارات ويعد كاهل عليها يتم إقتطاعه من جيب المواطن الصالح اللي عنده طفلين أو بلا أطفال أصلاً.

الحقيقة إن المبادرات هي أمر جيد ومعمول به في كثير من الدول، إذًا ما المشكلة؟ المشكلة تكمن في سببين برأيي –والله أعلم- ، الأولى هي أن هذه المبادرات تتم بعزف منفرد من قبل البعض سواء كانوا أشحاص أو جمعيات أو منظمات مجتمع مدني أو أحزاب دون تنسيق مع أجهزة الدولة فيحدث ما سبق ذكره، أن يتم الشيء وعكسه في ذات الوقت، ليصاب المواطن الشريف بالحول، اطعم الحيوانات ولا أقتلهم، أشجر الشارع ولا نزيل الأشجار، ننضف الشارع ولا نرمي الزبالة على الكوم اللي في أخر الشارع!!

والسبب الثاني هو أن هذه المبادرات باتت بديلاً عن استخدام القانون، فالبلاد لا تبنى بالمبادرات وحدها بل بالقانون أولاً ثم المبادرات كدور تكميلي، كأن يتم فرض قانون من قبل البرلمان الموقر وأعضاءه النيام "الكرام" يفرض عقوبة على مَن ينجب أكثر من طفلين، ويتم رفع الدعم عن الطفل الثالث بشكل كامل ليستمتع هذا المواطن مع أطفاله العشرين بمقولة "العيل بيجي ورزقه معاه"، وأن تكف الدولة بمواطنيها الصالحين عن دفع ضريبة هذا الجهل والازدياد المطرد اللا واعي والذي سيقودنا إلى كارثة، وقد قالها الرئيس في خطابه الأخير، بأنه إذا استمرت الزيادة السكانية بهذا الإطراد فمفيش أمل في أي مشروعات تتم، لأن هذه الزيادة هي بمثابة غول يبتلع أي إصلاح أو مشروع!

ملحوظة: بعض الفئات المعادية للدولة تستخدم سلاح الكثرة لإضعاف قدرات الدولة، وهذا ليس بخفي.

وكذا الحال لمبادرات مثلا مواجهة التحرش أو العنف ضد المرأة، فالأجدى تفعيل القانون ليس لمعاقبة المتحرش فقط، بل لمعاقبة كل رجل دين وإعلامي يحرض على فتيات مصر، بأنهن سافرات فاجرات وجب التحرش بهن حتى يحتشمن، أو يتغطين كلية كما يريدون، فالحشمة وغيرها من مصطلحات هي أمر نسبي من شخص لآخر ومن مجتمع لآخر.

وكذا الحال عن مبادرات المعنين بحقوق الحيوان في مصر، ودورهم في عمل مبادرات توعية للمواطنين، وإطعام الحيوانات والرفق بها كمخلوقات الله، فلا يوجد قانون يشرع أي حماية لأي حيوان، ومن ثم تجد هذه المبادرات يقابلها حملات قتل بالخرطوش وتسميم بسم محرم دوليًا!

مبادرات لترشيد استهلاك المياه والخطر المائي المعرضة له مصر ودول المنطقة، ولنا أسوة في دول أخرى باتت بلا نقطة مياه!!! وقوافل دعوية لحث الناس على ترشيد استهلاك المياه، وماذا عن القانون؟ وماذا عن عربات ملئ المياه من النيل لمنطقة الرخام؟ بالمناسبة على مرأى ومسمع من الجميع، وماذا عن ملء حمامات السباحة بالقرى السياحية؟ وماذا عن رش الشوارع بكميات مهولة من المياه؟ وكذا غسل السيارات وغيرها؟ وماذا عن صب المصانع مخلفاتها في مياه النيل دون رادع؟ ما تقوم بينا نعمل قانون بدل المبادرات.

المبادرات وحدها لا تكفي ولا تبني، فلنلجأ إلى القانون وقوته الرادعة، فهو الذي يحتكم إليه الضعيف والقوي وهو الذي ينبي الأمم، فالمبادرات وأسلوب الاستجداء لن يغير من الواقع في شيء سوى أنه إهدار للوقت والطاقة والمال لغياب التنسيق وتكامل الصورة ولغياب تنفيذ القانون.

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع