الأقباط متحدون - ماذا عن المجلس الملى العام؟
  • ١٣:٤٩
  • الاثنين , ٢٢ اكتوبر ٢٠١٨
English version

ماذا عن المجلس الملى العام؟

كمال زاخر موسى

مساحة رأي

١١: ٠٩ ص +02:00 EET

الاثنين ٢٢ اكتوبر ٢٠١٨

 المجلس الملى العام
المجلس الملى العام
كتب: كمال اخر
عادت اشكالية المجلس الملى العام للطرح، ربما لقرب انعقاد المجمع المقدس للكنيسة القبطية الأرثوذكسية (مجمع الأساقفة)، وهو السلطة العليا بالكنيسة، وقد علقت على هذا ببضع سطور، عند الصديق Fayez Tefal أرى إعادة طرحها هنا مجدداً لمزيد من التناول والنقاش الموضوعى
 
نحن أمام موروث ثقيل متجاوز الأشخاص، وقد عكفت قبل سنوات ، ولسنوات، على دراسة العلاقة الملتبسة والشائكة بين الإكليروس والعلمانيين، وأودعتها ثلاثة كتب صدرت تباعاً، الأول كتاب "العلمانيون والكنيسة" (2009) فى حبرية قداسة البابا شنودة الثالث، والثانى "قراءة فى واقعنا الكنسى" (2015) فى حبرية قداسة البابا تواضروس الثانى، وثالثهما : الكنيسة صراع أم مخاض ميلاد (قيد الطبع وسيصدر يناير 2019).
 
وبين اشكاليات كثيرة متراكمة لأسباب خاصة (متعلقة بالذهنية القبطية) واسباب عامة (متعلقة بالدولة والمجتمع) تبرز أزمة المجلس الملى محل الطرح، وهى أزمة تعكس حال الكنيسة والمجتمع العام، ولا يمكن اقصاء المتغيرات التى طرأت عليهما منها وعليها، وكانت السياسة حاضرة بأوزان مختلفة، لحظة النشأة وبامتداد أزمنة المجلس وتوالى الاباء البطاركة والأنظمة السياسية.
 
وظنى أنه لا يمكن تفكيك وحل هذه الأزمة بل واشكالياتنا بغير الإنتقال من المجتمع الأبوى الذى يحكم علاقاتنا والمتسق مع مجتمع ـ ودولة ـ الملل والطوائف، السائد حين تأسس المجلس 1874، حين كان رب العائلة هو مركز القرار، وتتجمع فى يده مصائر العائلة ومساراتها، بتعدد مواقعه، بدءً من عمدة القرية وصولاً إلى ولى النعم، حاكماً أو رئيساً للعمل أو مديراً لديوان أو صاحب منشأة أو رئيساً لطائفة وقس على ذلك كل من يجلس على قمة هرم. كان لابد من الإنتقال من هذا النسق (علاقات وأحكام المجتمع الأبوى) إلى مجتمع الحداثة الذى شكلته تطورات الحياة الإجتماعية والثقافية وخاصة ما بعد الثورة الرقمية وتعدد مراكز الدخل واشتراك كل الأسرة (الوحدة الأولى فى المجتمع) فيها ، ومعها صارت القرارات تستوجب التشاور والإتفاق على قرار جماعى، فى كل تجمعات السلم الاجتماعى.
 
السؤال كيف؟
هل نبقى عند نقطة الصراع التاريخى ولعبة شد الحبل؟
هل نعيد انتاج حديث الأفضلية ومعه تتطاير الإتهامات المتبادلة المحتشدة بالتشكيك فى امكانات ونوايا الطرف الآخر؟
هل الكنيسة هى اكليروس يحكم وشعب يخضع؟
هل الكنيسة هى علمانيون يمولون وإكليروس ينفذ؟
اظن أن نقطة البداية تنطلق من الإتفاق على موروث التشكيك وحديث الأولوية والأفضلية، والسعى الى بناء جدار الثقة بين كل مكونات الكنيسة، كما يؤكدها الكتاب المقدس ونموذج كنيسة الرسل وكما أكدته الكنيسة فى ترتيبها الصحيح.
ولا طريق أمامنا سوى الحوار المباشر والأمين.
ويحتاج الأمر إلى تحرك متجرد موضوعى ينتهج سياسة طرق الأبواب بصبر واصرار وتحمل ردود الفعل الملتبسة وربما المشوشة المتأثرة بخبرات مؤلمة لدى كل الأطراف.
 
مع الأخذ فى الاعتبار عدة ملاحظات :
ـ ان اللحظة مواتية لطرح رؤي واقعية بفعل ما نشهده من تغيرات تفرضها عوامل عديدة يطول شرحها.
ـ أن عصر الحلول الفردية قد ذهب مع تشابكات وتعقد العلاقات والمشاكل، وحضور المصالح طرفاً.
ـ أن البيانات الرسمية الكنسية ـ بغير بحث فى النوايا ـ تؤكد سعى الكنيسة، البابا والمجمع، إلى الانتقال من الادارة بالفرد إلى نسق المؤسسة.
ـ أن الكنيسة تشهد توسعاً فى نطاق مظلتها يمتد الى خارج الفظر فى الدوائر الإقليمية والقارية والدولية، يتطلب معالجات تتجاوز المحلية، بتنوع ما افرزه هذا التوسع من اشكاليات جديدة، حتى لا نجد انفسنا أمام صدمات لم نتعود عليها وقد تهدد وحدة الكنيسة.
ـ أن خريطة الإيرادات والإلتزامات قد تغيرت بشكل جذرى ولم تعد مجرد أوقاف وتبرعات ورعاية فقراء والتزامات الخدمة، الأمر الذى يستوجب إدارة أكثر تخصصاً وتنوعاً، خاصة مع وجود أطراف خارج المنظومة الكنسية تمد انفها داخل هذا الصندوق، ويسيل لعابها على الإستحواذ على مفاتيحه، وبعضها يحركه مآرب أخرى.
 
* قد تكون البداية تحرك هادئ من اليات المجتمع المدنى القبطى يطرح مخارج وحلول واقعية وموضوعية.
* وقد تكون مبادرة من اباء الكنيسة (البابا والمجمع) بالدعوة لورش عمل أو لقاء موسع لطرح التصورات والرؤى
* وقد تكون مبادرة مدروسة من بعض الأراخنة فى الإتجاه المقابل للقاء البابا وسكرتارية المجمع لمناقشة الأمر .
 
وفى كل الأحوال يتم هذا تحت مظلة الإيمان بأن الكنيسة هى كائن حى يقوم على التكامل ويقدس التعددية والإحترام ، لكونها واحدة مقدسة جامعة.