بقلم: يوسف سيدهم
نشرت وطني في عددها الماضي تقريرا عن الأجندة التشريعية لمجلس النواب, حيث أعلنت بعض اللجان عن خططها التشريعية مثل لجنة العلاقات الخارجية, ولجنة القوي العاملة ولجنة الخطة والموازنة, ولجنة الإسكان, ولجنة حقوق الإنسان, ولجنة المشروعات الصغيرة والمتوسطة, ولجنة التضامن الاجتماعي, وأخيرا لجنة الشئون التشريعية والدستورية التي أعلن أمين سر اللجنة أنها في انتظار ردود الجهات المعنية بمشروع قانون الأحوال الشخصية تمهيدا لمباشرة اختصاصها في بحث وإقرار مشروع القانون وإحالته إلي اللجنة العامة بالمجلس.
المقصود بمشروع قانون الأحوال الشخصية المذكور هو المشروع العام لقانون الأحوال الشخصية للمصريين, وهو غير مشروع قانون الأحوال الشخصية للمسيحيين الذي طال انتظاره والذي نص عليه الدستور لكفالة حق المصريين المسيحيين في الاحتكام إلي تشريعاتهم ولوائحهم الخاصة فيما يتصل بأحوالهم الشخصية.
قانون الأحوال الشخصية للمسيحيين لا يغير من تبعية المسيحيين للقانون العام إلا فيما يتعارض مع شريعتهم في الأمور المتصلة بالأسرة مثل الخطوبة والزواج وفصل الزيجة – والآمال المعقودة علي ضم المواريث- وكلها من الأمور التي تخصهم ولا تتعارض مع خضوعهم للقانون العام للأحوال الشخصية فيما يتجاوز ذلك – بل إن إصدار قانون الأحوال الشخصية للمسيحيين – بجانب استحقاقه الدستوري- من شأنه أن يسدل الستار علي إرث مزيد من متاعب الكنيسة والمسيحيين مع تشريع قديم يرجع إلي عام 1938 تم تمريره آنذاك دون مباركة من الكنيسة ويستمر العمل به كأداة من الأدوات القانونية للقضاء المصري يحتكم إليها في الفصل في المنازعات الخاصة بالأحوال الشخصية للمسيحيين وينتج أثرا لا يتفق مع شرائعهم, بل إنه يخلق مشاكل جمة من جراء صدور أحكام قضائية لا تعتمدها الكنيسة.. وكان من نتيجة ذلك الواقع المغلوط أن نص الدستور الجديد علي حق المصريين المسيحيين في الاحتكام إلي شرائعهم الخاصة في أحوالهم الشخصية لكن منذ إجازة الدستور عام 2014 وحتي تاريخه لم يتم إصدار هذا التشريع!!
قانون الأحوال الشخصية للمسيحيين بات من الأمور المسكوت عنها.. فقد تابعته عن كثب وعرضت في هذا المكان ما ورد إلي من نصوصه كما كتبت مرارا أحث القائمين علي صياغته تضمين بنوده ما يخص قوانين المواريث التي تتفق والشريعة المسيحية التي تساوي بين الرجل والمرأة في أنصبة المواريث, وعلمت أنه تم التوصل لصيغته النهائية -دون تضمينه ما يخص المواريث (!!)- وأنه سيتم إرساله إي مجلس الوزراء لمراجعته واعتماده والتقدم به عن طريق الحكومة إلي البرلمان تمهيدا لإصداره.. لكن كل مرة في بدء دور الانعقاد البرلماني أتطلع إلي ذكره ضمن الأجندة التشريعية للمجلس دون جدوي.
التساؤل المهم الذي يقلقني هو أين يرقد مشرو قانون الأحوال الشخصية للمسيحيين؟.. فإذا كان مايزال لدي الكنيسة فلماذا ينتظر هناك؟.. وإذا كان لدي مجلس الوزراء فلماذا لم يتم إرساله للبرلمان؟.. وإذا كان لدي البرلمان فلماذا لا يجد طريقه إلي المسار التشريعي نحو إقراره؟.. هذه أسئلة تبحث عن إجابات لمشروع قانون مسكوت عنه ينتظره ملايين المسيحيين.