الانبا غريغوريوس ودوره الكبير في تأسيس خدمة مدارس الأحد
ماجد كامل
٣٠:
١١
ص +02:00 EET
الاربعاء ٢٤ اكتوبر ٢٠١٨
كتب/ماجد كامل
لعب المتنيح الأنبا غريغوريوس دورا كبيرا في نشأة ونمو حركة مدارس الأحد ؛ فلقد كان نيافته تلميذا مباشرا للارشيدياكون حبيب جرجس في الكلية الأكليركية خلال الفترة من (1936- 1939 ) . أما عن الأنبا غريغوريوس نقسه فأسمه في الميلاد هو وهيب عطا الله جرجس ؛ولد في 13 أكتوبر 1919 بمدينة أسوان من أسرة تقية محبة للكنيسة ؛ وتدرج في مراحل التعليم المختلفة حتي حصل علي شهادة الكلية الأكليركية عام 1939 ؛ ثم ليسانس الآداب قسم الفلسفة عام 1944 ؛ ودبلوم كلية الآثار عام 1951 ؛وبعدها سافر الي انجلترا للحصول علي درجة الدكتوراة في علم القبطيات علي يد عالم اللغة القبطية فالتر تل ( 1894- 1963 ) عين وكيلا للكلية الاكليركية ؛ ثم ترهب في دير السيدة العذراء المحرق عام 1962 ؛سيم أسقفا عاما للدرسات العليا اللاهوتية والثقافة القبطية والبحث العلمي في 10 مايو 1967 ؛ تنيح بسلام في 22 أكتوبر 2001 .
أما عن جهوده في نشأة وتطور حركة مدارس الأحد ؛فمن المعروف أنه عقب نياحة الأرشيدياكون حبيب جرجس في 21 أغسطس 1951 ؛ صار الأغنسطس وهيب عطا الله نائبا للرئيس اللجنة العليا لمدارس الأحد . ولقد كتب وهيب عطا الله مقالا في مجلة مدارس الأحد في أبريل 1950 بعنوان "التربية الدينية والكنسية في الحاضر والمستقبل " ؛ذكر فيها أن من صميم جهود التربية الدينية هو نشر التعليم الديني لسائر أفراد الشعب ؛فالشعب القبطي في مسيس الحاجة إلي الوعظ التعليمي أكثر منه |إلي الوعظ التأثيري . نعم الوعظ التعليمي !!! والذي يشتمل علي جميع ما يجب |أن يعرفه الشعب من الحقائق الروحية واللاهوتية والأدبية والطقسية والتريخية والإجتماعية والعلمية والدينية ...... الخ .
كذلك يجب أن نعني بالكتب والمجلات ؛لنودعها عقائدنا وروحنا وتراثنا وأمالينا ليشتغل بالتفكير فيها جمهور الشعب من شيب وشباب . كما نادي نيافته في نفس المقال بضرورة الارتباط بالكنيسة روحيا والعمل علي خدمتها عمليا مع الاتصاف بالفضائل القبطية في أعمالنا وسلوكياتنا .
كما نشرت مجلة مدارس الأحد في عددها الصادر في شهر نوفمبر وديسمبر 1955 ؛ ملخص الكلمة التي ألقاها الأناغتيس وهيب عطا الله بعنوان "التعليم في مدارس الأحد " حيث ذكر فيه أن هدف مدارس الأحد عندنا هو تربية أطفالنا في مخافة الله حتي يسيروا في طريق القداسة كل أيام حياتهم . والتعليم في مدارس الأحد أساسه الكتاب المقدس ؛وفي سن معينة يدرس الطالب عقائد الكنيسة علي نوع من التفصيل ؛كذلك يجب علي التلاميذ والطلاب أن يواظبوا علي حضور القداسات وأن يمارسوا أسرار الكنيسة ؛ وعل وجه الخصوص سري الأعتراف والشركة المقدسة ؛الذين يجب مباشرتهما كثيرا . كذلك يجب علي أن يتعلم شبابنا وأطفالنا ـ|أن يصلوا صلوات الكنيسة السبعة (الأجيبية ) ؛ وأن يصوموا أصوام الكنيسة .أما المعلمون فهم كهنتنا وشمامستنا ؛وليس لمعلم في مدارس الأحد أن يخلط بين رأيه الشخصي وبين تعاليم الكنيسة .فالكنيسة ليست مجالا لنشر آراء المعلمين الشخصية ؛إنها كنيسة الله المقدسة التي لا يقدم فيها إلا تعليم الله كما تفهمه كنيستنا القبطية الآرثوذكسية . .
ولقد قامت اللجنة العامة المركزية لمدارس الاحد بدعوة جميع أمناء وخدام وخادمات فروع مدارس الأحد بالكرازة المرقسية بالانتظام في دراسة صيفية خلال الفترة من 11 -20 يولبة 1956 بالكلية الإكليركية بالأنبا رويس .وتهدف اللجنة العامة إلي إتاحة الفرصة لتبادل الإختبارات العملية . وجاءت
موضوعات الدراسة علي النحو التالي :-
1- الأربعاء 11 يولية : - قوانين الكنيسة – الصفات اللازمة للقائد – الاستعداد والدعوة لخدمة – مباديء مدارس الأحد .
2-الخميس 12 يولية :- الشخصية المتكاملة – المسيحية وعلم النفس – حياة الصلاة- إعداد القادة .
3-الجمعة 13 يولية :- الفادي – القراءات الكنسية – الكتاب المقدس في حياة الخادم – حياة السلام – الاعتراف والتوجيه الروحي .
4- السبت 14 يولية :- تجارب في حياة الطفولة – تنظيمات الخدمة- من واجبات الأمين - - خدمات مدارس الإحد الإجتماعية .
5- الأحد 15 يولية :- قداس – زيارة آثار قبطية – زيارة فروع الخدمة .
6- الأثنين 16 يولية :- اختبارات في فصول ثانوي- الكتاب المقدس في حياة المخدوم- وسائل الإيضاح – حياة المحبة – حياة المخدومين .
7- الثلاثاء 17 يولية :- مدارس الأحد والمنزل – التربية الجنسية في الطفولة والمراهقة – حياة الاتضاع – حياة الخادم في وسط عائلته .
8- الأربعاء 18 يولية :- خدمة القرية- مدارس الأحد والعائلة المسيحية – اختبارات في مراحل الشباب – حياة الإيمان – كنيسة الخدمة في حياة الخادم .
9- الخميس 19 يولية :- هل حققت مدارس الأحد رسالتها ؟- الشباب أمل الكنيسة في وقتها الحاضر .
10- الجمعة 20 يولية :- التنظيم الجديد لمدارس الأحد .
وفي عام 1961 وتحديدا في 12 اغسطس 1961 ؛أصدر قداسة البابا كيرلس السادس قرارا بابويا بتشكيل لجنة جديدة للتربية الكنسية جاء تشكيلها علي
النحو التالي :-
القمص ابراهيم عطية :- رئيسا وعضوية كل من القمص انطون عبد الملك والقمص قسطنين موسي والقمص بطرس سيفين والقمص صليب سوريال والقمص مكاري السرياني ؛ومن الأبناء المباركين الدكتور وهيب عطا الله (سكرتيرا) والاستاذ عياد عياد وتكلا رزق وتوفيق ابراهيم وفوزي جرجس وولويس زكري .
وفي مجة الكرازة عدد شهر أكتوبر ونوفمبر 1966 ؛كتب القمص باخوم المحرقي (نيافة الأنبا غريغوريوس فيما بعد ) مقالا بعنوان "مباديء مدارس التربية الكنسية " حدد فيها عددا معينا من المباديء التي يجب أن تلتزم بها مدارس الأحد يمكن تلخيصها في النقاط التالية :-
1- الروحانية والقداسة والتي تعتبر أول مباديء الخدمة ؛فأنه بدون القداسة لن يعاين أحد الرب (عبرانيين 12 :14 ) ؛لذا يلزمنا نصيب من الصمت ؛ونصيب من الاتضاع؛ ونصيب من الهدوء وفحص الضمير ؛يلزمنا أن نتصل بالروحانيين دائما إن لم يكن بأشخاصهم فلا أقل من كتاباتهم وتواليفهم .
ثانيا : محبة الكنيسة والتعلق بها وبخدمتها :-
لا تنسوا أن تقدموا دائما في تعليمكم للأطفال والشباب ما يثيتهم في عقيدتهم وما يشبعهم دائما ؛أدخلوا الأرثوذكسية في دماء الأطفال ؛إياكم وبدعة الفصل بين العقيدة والحياة . إياكم أن تحرموا الأطفال من التعليم الأرثوذكسي تحت دعوي أن العقيدة طعام قوي للبالغين .
ثالثا :- العلم بأنواعه روحيا وماديا :-
نحن نريد العلم لأن الجهل شر ؛ يجب أن ندرس ونبحث ؛ونتعلم ونعلم ؛نحن لا نقنع بما يقال لنا ؛ولكننا نفتش بنفوسنا عن الحقيقة ؛نقرأ ونناقش حتي نقتنع فنؤمن ؛وإذا آمنا فلا نتزعزع. كذلك أيضا نحن شباب الكنيسة يهمنا أن ننال من الدرجات العلمية أرفعها . فلا نزهد في العلم أبدا كلما تقدمنا بنا الأيام كلما تشوقنا لمعرفة أكبر .
رابعا :-= الخدمة :-
نعم الخدمة هي رسالتنا ورسالتكم في كنيسة المسيح ؛الخدمة هي جهاد ؛هي تضحية ؛انك عامل في حقل خصيب ؛وفي أرض جيدة ؛وجودتها مضمونة ؛ومن عناصر الخدمة الطاعة للمرشدين وللمختبرين . أن خدمة مدارس التربية الكنسية ليست هي خدمة ظهور ؛ هي خدمة التعب والجهد ولها مسؤليتها أمام الله .
وامتدادا لصيحة حبيب جرجس الشهيرة "أبدأ بالطفل " طالب الانبا غريغوريوس ايضا بضؤورة الاهتمام بالطفل ؛ وكان يحث الأمهات دائما في كل عظاته علي ضرورة مصاحبة الأطفال لحضور القداس منذ الرضاعة ؛لأن الطفل الرضيع عن طريق الحواس ؛أن أعظم خدمة نقدمها للأطفال هي حضورهم الكنيسة .كما طالب أيضا بضرورة حضور الأطفال الخدمات الطقسية ؛فاليت المدرس لو يأخذ الفصل معه لحضور طقس المعمودية لأحد الأطفال ؛كما طالب أيضا بضرورة الحرص علي تحفيظ الأطفال بعض القطع من الكتاب المقدس حتي ولو بدون فهم في البداية . فلقد كان الأقباط في الكتاتيب الأولي حريصون علي تحفيظ الأطفال أنجيل يوحنا بالكامل بالرغم من صعوبته ؛ لأنه كان أكثر أنجيل يتحدث عن لاهوت السيد المسيح .
وفي محاضرة شهيرة لنيافته القيت في المؤتمر الأول لمدارس الأحد ؛ ونشرت في مجلة مدارس الأحد بعدد شهر أبريل 1955 ؛قدم فيها بعض النصائح العمليةفي الخدمة نذكر منها :-
1- أن نقاطع مقاطعة كلية فكرة التفرقة بين الحياة الروحية والعقيدة ؛ لأنها فكرة غير طبيعية وغير إنسانية ؛وعلينا بمقاومتها لأنها هدامة .
2- ينبغي أن نمارس هذه العقائد في حياتنا ؛ وأن لا نكتفي بمناقشتها والإطلاع عليها ؛فايمانك بالله لا بد أن يظهر في إقبالك علي الكنيسة وتعبدك وصدقاتك في الخفاء ؛وهكذا ايمانك بالحياة الأخري في حياتك اليومية .
3- في خدمتنا لمدارس الأحد لا بد من ممارسة العقائد ؛ولا بد من أن نشعر أن مدارس الأحد من أول اختصاصتها جلب الأولاد للكنيسة ؛لأن للكنيسة وسائل أخري تصل بها إلي نفس الطفل أكثر من الوعظ ؛ وذلك بتعاليم في الطقوس كالبخور الذي يجذب حاسة الشم ويؤثر فيها وما يجذب الطفل من صور الكنيسة وما يجذب التذوق في التناول ..... الخ .
4- أجعل أيضا تعليمك عمليا وبممارسات أمام الاولاد ؛ مثلا يدخل أمام الأطفال في الكنيسة ؛ ليس بحركات تمثيلية ولكن بالروح الخشوعبة وآداب الحضور إلي الكنيسة ؛فيتعود الطفل هذه العادات ثم يشب عليها .
5- لا تنسوا تحفيظ المزامير مع الأطفال لأن الطفل من سن الثامنة إلي سن الثانية عشر يكون في أحسن فترة يستطيع أن يحفظ فيها حتي لو يفهم .
6- عللينا أن تنتهز كل فرصة لإقناع الطفل بسلطان الصليب علي الشياطين والظلمة ؛ونقنعهم برشم الصليب علي أيديهم حتي إذا كبر الطفل تذكره علامة الصليب بمسيحيته فترعه عن عمل الشر ؛وتسد أمامه الفرص من أن ينكر السيد المسيح .
ولقد وجه الي نيافته سؤالا حول تطوير مناهج التربية الكنسية ؛أجاب نيافته انه ينبغي ان تكون مناهج التربية الكنسية شاملة لكل ما يجب للتليمذ معرفته إنجيليبا وروحيا وعقائديا وطقسيا وتاريخيا واجتماعيا وعالميا ؛مع ربط هذه المعارف عمليا باحتياجات العصر في المان والزمان . أما الزمان فهو الربع الأخير من القرن العشرين (وقت اجابة السؤال في 4 اكتوبر 1981 ) فهل نسي أن نتناسي أن زمننا هو عصر الفضاء والتكنولوجيا . ـأما المكان فهو مصر وطن المصريين جميعا هذا ينبغي إبرازه والإلحاح عليه ؛ وإسقاط الأضواء عليه ؛حتي ينشأ الصغار والكبار وهم يعرفون تاريخ بلادهم وكنيستهم علي حقيقته ؛ وتاريخ التجربة المصرية المتميزة في تعايش الأديان علي أرض مصر ؛ وكيف نحيا معا متساندين غير متقوقعين للبناء ؛بناء المجتمع المصري ؛والإنساني ؛ والعالمي .
المراجع المستخدمة في المقال :-
1-قاموس التراجم القبطية :- جمعية مارمينا العجايبي ؛ الطبعة الأولي 1995 ؛ صفحة 162 و163 .
2- التعليم الديني والكليةالإكليركية ومدارس التربية الكنسية :- موسوعة الأنبا غريغوريوس ؛جمعية الأنبا غريغوريوس أسقف البحث العلمي الجزء رقم 36 ؛2011 .
3- الخدمة والخدام المفاهيم والمجالات والمؤهلات والمعوقات :- موسوعة الأنبا غريغوريوس ؛ جمعية الأنبا غريغوريوس أسقف البحث العلمي الجزء رقم 27 ؛ 2008 .
4- السيرة الذتية للأنبا غريغوريوس :- السيرة الذاتية للأنبا غريغوريوس – الجزء الأول ؛ جمعية الأنبا غريغوريوس أسقف البحث العلمي الجزء رقم 38 ؛ 2011 .
5- أعداد متفرقة من مجلة مدارس الأحد .
الكلمات المتعلقة