- مصر بين جمعة الهوية الإسلامية وأخري للتأكيد على هويتها المدنية
- من ابن مصر
- التيار المدني يتطلع لاستعادة الدفة من الإسلاميين في جمعة "مصر مدنية"
- "عبدالمقصود": النيابة العامة تعلم بوجود تسجيلات خاصة بالمتحف المصري أثناء الثورة ولن أمانع في ظهورها
- قانون الغدر...عودة لنهج النظام السابق نحو دمقرطة نظام المحاسبة القانونية لأعضاء النظام السابق لضمان حقوق الضحايا
المشهد الأعظم في تاريخ مصر
بقلم: إبرآم مقار
بالتأكيد إن الثالث من أغسطس عام 2011، هو يوم لن يٌنسى من قلوب وعقول المصريين، ففيه كانت اللحظة الهامة في تاريخ مصر بأكمله، يوم أن وضع المصريون رئيسهم في قفص المحاكمة مثله مثل أي متهم. وأهمية هذه اللحظة ليست لأن مبارك هو أول حاكم مصري يحاكم، ولكن لأن هذه اللحظة وهذا المشهد أضاف «جينات» لم تكن لدى المصريين من قبل، فطوال تاريخ المصريين ومنذ قيام دولتهم وهم يعبدون الحاكم، فتجد فرعونًا صغير السن يملك عليهم فيقومون بعبادته، هي عادة توارثها المصريون بل وربما علموها لكل محتل مكث عندهم حتي ثورة يناير.
واللافت أن كل ما تم مع الرئيس السابق لم يكن متوقعًا يوم تنحي عن حكم البلاد في الحادي عشر من فبراير الماضي، فلم يكن مبارك أو غيره يعلم أن الأمور ستتطور إلى هذا المراحل. فبعد أيام من تنحي مبارك وأثناء لقاء المشير "حسين طنطاوي" مع رؤساء الصحف المصرية توجه أحد الصحفيين بسؤال إلى المشير عن إمكانية محاكمة مبارك، فأجابه المشير «أن الرئيس خطًا أحمر» بحسب ما قال "وائل الإبراشي" بعد اللقاء، إلا أن ضغوط شباب ثورة الخامس والعشرين من يناير علي السلطة الحالية نجحت في بدء التحقيق مع الرئيس المصري المخلوع، ثم منعه من السفر هو وعائلته ثم حبسه احتياطيًا ثم محاكمته وأخيرًا أن تكون إجراءات المحاكمة علنية ومذاعة تلفزيونيًا.
وفي رأيي أن نجاح ثورة الخامس والعشرين من يناير في إجبار الرئيس المخلوع أن يكون كأي مواطن عادي، ويدخل القفص ويمثل امام قاضي التحقيق في جلسة علنية يشاهدها الجميع ربما هو انتصار كبير يحسب لهم ربما اكثر من نجاحهم في خلعه. والحقيقة كان ظهور الرجل الذي حكم مصر ثلاثين عامًا في قفض الاتهام وامام شاشات التلفزيون هو مشهد هام جدًا لكل المصريين من كل الاجيال ليس فقط لمن سوف يحكم بعده ولكن ايضًا لشبابنا واطفالنا ليعرفوا قوة الشعوب. ظهور مبارك على شاشات التلفزيون في قفص الاتهام، هو أكثر لطمة لأنصار الدولة الدينية، وخطوة هامة علي طريق الدولة المدنية، فالحكم الديني أيًا كان عقيدته هو حكم ديكتاتوري فاشي، يقدس الأفراد ويجعلهم فوق القانون، بل وفي منزلة الآلهة، وهذا لا يستقيم أبدًا مع شعب وضع رئيسه من قبل في منزلة أي متهم عادي. فمن ذا الذي يستطيع أن يغلق منافذ الحرية الآن على المصريين بعد مشهد محاكمة مبارك. من يستطيع أن يكمم أفواههم حتى ولو استعمل عصا الدين الغليظة. بعد مشهد محاكمة مبارك انتهت عبارات كنا نسمعها ليل نهار مثل «نقد الرئيس خط أحمر» و«إهانة الرئيس من إهانة الأمة بأكملها» وألقاب «الزعيم » و«القائد»، تلك العبارات والألقاب والتي ملئت صحفنا في العهود السابقة، بل وربما كانت مكتوبة في معابد الدولة المصرية القديمة.
كم كان هذا اليوم هامًا لمصر والمصريين، ولهذا لا أخفي استغرابي ممن يطلقون عبارات ضد المحاكمة، على طريقة «حرام» و«كفاية كده» وهم أنفسهم ممن كانوا ينادون في موقف آخر بدولة القانون وهيبته، ولا شيء يعيد هيبة القانون إلا بتطبيقة بمساواة ودون تمييز على الجميع. فنحن مع محاكمته الرئيس المخلوع محاكمة عادلة ويحصل على الحكم القضائي المناسب لأفعاله، سواء كان بالإعدام أو المؤبد أو البراءة. فهذه الأيام التاريخية في تاريخ مصر والمصريين ليس بها مكان للعواطف، اتركوا مصر تسمو في سماء الحرية، واتركوا المصريين ينزعون عار عبادة حكامهم تلك العقدة والتي عاشت بداخلهم ربما منذ أكثر من سبعة آلاف عام. وأتذكر حينما تم محاكمة الرئيس الأمريكي "بيل كلينتون" كان الأمريكي يقول «أنا أمريكي وأستطيع محاكمة رئيسي» فاليوم يستطيع المصريون أن يهتفوا للعرب وللعالم كله «أنا مصري وأستطيع أن أحاكم رئيسي». وكما كان أكثر ما يعرفه العالم عن الرومانيين أنهم حاكموا «شاوشيسكو» وعن الفلبينيين بانهم حاكموا «استرادا» فاليوم لن ينسى العالم أن المصريين حاكموا «مبارك». مرة أخرى تأخذ مصر الريادة بين كل دول المنطقة ومن حق المصريين أن يقولوا لدول الجوار "نحن حاكمنا رئيسنا ومن اليوم نحن أحرار وأولادنا وأحفادنا أحرار، خلعنا مبارك وحاكمناه وما أدراك ما مبارك ولكن أيضًا وما أدراك وما المصريين".
كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها
تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :