الأقباط متحدون - الشيشة الإلكترونية.. كيف يهرب المدخن للبدائل الأرخص ذات الروائح العطرة؟
  • ٠١:٤٠
  • الخميس , ٨ نوفمبر ٢٠١٨
English version

الشيشة الإلكترونية.. كيف يهرب المدخن للبدائل الأرخص ذات الروائح العطرة؟

منوعات | مصراوي

٠٣: ٠٧ م +02:00 EET

الخميس ٨ نوفمبر ٢٠١٨

الشيشة الإلكترونية
الشيشة الإلكترونية

 على إحدى النواصي بحي الزيتون، ظل أحمد مصطفى - شاب ثلاثيني- يجرب داخل أحد المحال الصغيرة، نكهات جديدة من "الليكويد" الذي يضاف للشيشة الإلكترونية، يسحب نفسًا عميقًا، يزفره بعد ثانية في صورة دخان كثيف، يخرج من فمه، تملأ رائحة الفراولة أرجاء المحل الضيق، فيبدأ "أحمد" في التفاوض مع صاحب المحل على الأسعار.

 
يقول أحمد: "تختلف أسعار النكهات بحسب خامة السائل، وسعة الزجاجة". بعد أكثر من 10 سنوات كان أحمد فيها يدخن بشراهة، قرر الشاب التحول إلى تدخين الشيشة الإلكترونية، أو كما يطلق عليها "الفايب"، على أمل التوفير، بعد أن شهدت أسعار السجائر ارتفاعًا غير مسبوق.
 
الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء كشف في بيان أصدره مؤخرا أن أسعار السجائر ارتفعت بنسبة 22.4% خلال سبتمبر 2018، مقارنة بأسعارها في سبتمبر 2017، ما ساهم في ارتفاع معدل التضخم السنوي لشهر سبتمبر 2018 بمقدار 0.92%.
 
ومنذ أيام أعلن الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية السابق، وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، في فتوى نشرها عبر صفحته الرسمية على فيسبوك، أن: "السجائر الإلكترونية أخف ضررًا من السجائر العادية، إلا أن بها أنواعًا، ومن بين هذه الأنواع ما يحتوي على كحول إيثيلي كمذيب، ولما يترتب عليها من ضرر على الصحة فهي "حرام شرعا". مضيفًا أنه يجوز تناول السجائر الإلكترونية بشرط أن تكون خالية من النيكوتين والخمرة والكحول.
 
تجربة أحمد مصطفى مع الشيشة الإلكترونية دامت لأكثر من ثلاثة أشهر "هي أرخص من السجائر العادية بس كمان طول ما هي معاك مش بتعرف تبعد عنها، يعني بتفضل اليوم كله بتشرب"، يقول أحمد، وهو يزفر سحابة أخرى من الدخان الكثيف ويردف: " كنت بشرب 3 علب سجاير كل يومين بـ90 جنيهًا أما دلوقتي بشتري زجاجة ليكويد بـ50 جنيهًا بتفضل أربع أيام".
 
ومن مميزات الشيشة الإلكترونية كما يرى أحمد، أنها تجعل رائحة الفم دائما تشبه الفراولة والقهوة والكابتشينو، بعكس الروائح الكريهة التي تخلفها السجائر العادية، بخلاف أنه يستطيع تحديد نسبة النيكوتين الذي يتسرب إلى رئتيه، أما السجائر فحجم النيكوتين فيها دائمًا ما يكون ثابتًا، بنسبة 12% من مكونات كل سيجارة.
 
ظهرت الشيشة الإلكترونية في مصر منذ عشر سنوات، وظلت سنوات لا تلقى أي استحسان. ومنذ عامين فقط، بدأت تحوز على إعجاب بعض الشباب. باعتبارها الوسيلة الوحيدة التي ستساعدهم على الإقلاع عن التدخين، ودشنت العديد من المجموعات على مواقع التواصل لبيع قطع غيار "الفايب" والإعلان عن نكهاتها المختلفة وأسعارها، وفق "عماد نبيل"، صاحب أحد محال بيع الشيشة الإلكترونية بالدقي.
 
يتذكر الشاب الأربعيني أسباب فتحه محلًا لبيع الشيشة الإلكترونية وملحقاتها، منذ خمس سنوات قائلًا: "أنا فتحت المحل علشان كنت بشوف إن معظم الناس اللي بتشرب سجاير اتجهت لتجربة الشيشة الإلكترونية، في الأول مكنش عليها طلب بس دلوقتي لينا زباين"، يلتقط نفسًا عميقًا ويردف قائلًا: "إحنا عارفين إنها بتسبب ضرر بالصحة، ولكن بنسبة قليلة جدا بالنسبة للسجاير العادية، لأن جميع مكوناتها أشياء توضع على الطعام".
 
يشرح لنا أحد صانعي زيوت "النكهات" بالقاهرة -رفض ذكر اسمه- كيف يصنع التوليفة، قائلا إنه يقوم بخلط أربع عناصر رئيسية في زيت النكهة، وهي النيكوتين وتختلف نسبته بين 3، 6، 9، 12%، والبروبلين جليكول، والفليفور المعروف بالنكهات المركزة، والجلسرين النباتي، مؤكدا أن "الخامات كلها مستوردة من الخارج".
 
يستخرج صانعو زيوت النكهات تصاريح استيراد تلك الخامات باعتبارها، مواد تستخدم في تصنيع المواد الغذائية.
 
ووفق المصدر نفسه "يعاني بائعو زيوت الشيشة الإلكترونية من الرقابة الشديدة في الجمارك، لمنع دخول السجائر الإلكترونية إلى مصر نهائيًا، وما يتعلق بها، حفاظًا على المواطنين من خطر تلك الوسيلة الجديدة. رغم ظهورها واستخدامها في الخارج منذ سنوات عدة"، واستنكر "إباحة تجارة السجائر العادية، بالرغم من أنها أكثر ضررًا من السجائر الإلكترونية".
 
يذكر عماد- تاجر الشيشة الإلكترونية سالف الذكر- أن أسعار الزيوت الخاصة بالشيشة الإلكترونية تتراوح بين 50 جنيها و250 جنيهًا للعبوة الواحدة، ويختلف السعر من منتج لآخر بحسب حجم العبوة، وأنواع المنتجات المخلطة بها وماركتها "إحنا بناخد من كل منتج تيست الشخص بيجرب من خلاله الزيوت مجانًا وبعدين بيقرر هل هيشتري ولا لأ". تختلف مدة استهلاك عبوة الزيوت بحسب كل مدخن، فهناك من يستخدمها لمدة يومين ومنهم من يستخدمها لمدة أربعة أيام بحد أقصى.
 
يعلق محمود السعداوي رئيس قسم الصدر بجامعة الزقازيق على الشيشة الإلكترونية قائلا إنها لا تختلف في ضررها عن السجائر العادية، ولكنها أقل خطرًا عنها، حيث تحتوي السجائر العادية على 6400 مادة ضارة منها 900 مادة تسبب مرض السرطان. لكن الشيشة الإلكترونية ليس بها مواد مسرطنة مثل السجائر العادية. كما أن الكثيرين ممن اتجهوا إليها لكونها أخف ضررًا من غيرها. وتتمثل الأمراض التي من الممكن أن تتسبب بها الشيشة الإلكترونية في التهاب الرئة، والتهاب الشعب الهوائية.
 
وبسؤال أستاذ علاج السموم بطب القاهرة نبيل عبدالمقصود، علق قائلا: الشيشة الإلكترونية بدعة تم الترويج لها على أنها الوسيلة الوحيدة التي تساعد المدخن للإقلاع عن التدخين، والابتعاد عن مخاطر السجائر العادية، وأنها أقل ضررًا من وسائل التدخين الأخرى، لكن هذا ادعاء.
 
ويكمل عبدالمقصود حديثه موضحًا أن الشيشة الإلكترونية وسيلة سهلة الاستخدام، ومتوفرة طوال الوقت مع الشخص المدخن، حتى أنه يتمكن من تدخينها في الأماكن التي يحظر بها التدخين.
 
ويشير إلى الأضرار الكيميائية، الكامنة في الزيوت التي تعتمد عليها الشيشة. قائلا: تكون معطرة بنكهات وأطعم مختلفة، يتم حرق تلك الزيوت واستنشاقها من قبل المدخن، وهو ما يعرضه لخطر صحي وضرر نفسي، لأن تعلق المدخن بها قد يصل إلى الإدمان".
 
أما الفارق الوحيد بين الشيشة الإلكترونية والعادية، من وجهة نظر عبدالمقصود، هو أن الأولى لا تنقل الميكروبات التي قد تنقلها الشيشة العادية للمدخن، نظرًا لخصوصية استخدام الشيشة الإلكترونية نوعًا ما.